الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حظر التدخين فى مصر

حظر التدخين فى مصر
حظر التدخين فى مصر




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

هل من الممكن حظر التدخين فى مصر؟ قد يكون من الصعب تحقيق ذلك، لكنه ليس من المستحيل، وإن كان منع التدخين أصبح ضرورة لابد منها فى ظل الأرقام التى تشير إلى أن نسبة المدخنين فى مصر تصل إلى 24.4% من عدد السكان، أى نحو 22 مليون مواطن، وأن متوسط الانفاق على التدخين يصل إلى 150 جنيهاً فى الشهر، وهذا ما يعنى أن إجمالى ما يُنفق على التدخين يصل إلى 39.6 مليار جنيه سنوياً، بالإضافة إلى ما يقارب خمسة مليارات جنيه تكلفة العلاج من الأمراض التى يسببها التدخين، الأمر الذى يصل بتكلفة التدخين فى البلاد إلى ما يقارب 45 مليار جنيه سنوياً.
حتى تكون المعادلة واضحة بحساب الجانب الآخر للتدخين، وهو الفوائد العائدة من ورائه، فإن ذلك الجانب يكمن فى دخول خزينة الدولة نحو 12 مليار جنيه من الضرائب على صناعة التدخين، الأمر الذى يعنى أنه من الناحية الاقتصادية أن الخسائر تزيد كثيراً عن الفوائد بنحو 33 مليار جنيه سنوياً.
تأتى مصر فى مقدمة الدول العربية من حيث نسبة عدد المدخنين، كما تأتى ضمن الدول العشر الأولى على مستوى العالم فى هذا السياق، وتشير احصائيات وزارة الصحة إلى أن 170 ألف مواطن يموتون سنوياً بسبب الأمراض الناتجة عن التدخين، فى مقدمتها أمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسى والأورام والسكتة الدماغية وسرطان الرئة.
لا يشكل التدخين مشكلة صحية وحسب، بل تتعدى ذلك لتلقى بآثارها السلبية على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، حيث يزيد التدخين من مستوى الفقر بسبب الإنتاجية المفقودة للفرد، والتى ترجع إلى المرض والوفاة المبكرة، كما أن الأموال التى تُنفق على التدخين هى من الأموال المستقطعة من الإنفاق على الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية، إلى جانب التكلفة المرتفعة للرعاية الصحية للمدخنين أنفسهم نتيجة الأمراض التى تصيبهم.
اللافت من واقع احصاءات منظمة الصحة العالمية، أن نسبة المدخنين تزداد فى الدول النامية، حيث ارتفعت من 75% إلى 86%، بينما تناقصت تلك النسبة فى الدول المتقدمة من 25% إلى 16%، الأمر الذى يؤكد أن الدول المتقدمة تبذل جهوداً كبيرة، وفى سباق مستمر لمنع التدخين، أو للحد منه بأكبر قدر ممكن، وتتبع تلك الدول سبلاً مختلفة للحد من تلك الظاهرة المدمرة للمجتمع اقتصادياً واجتماعياً، تتراوح ما بين التوعية من أخطار التدخين، والحث على الاهتمام بالتربية البدنية فى المدارس والمؤسسات المختلفة، وما بين فرض الرسوم والضرائب الكبيرة على منتجات التبغ.
 اليابان اتخذت إجراءات شديدة فى عام 2015، ما أدى إلى انخفاض نسبة المدخنين إلى 19.7%، بعدما كانت 20.9% فى عام 2014، ومن ثم تأتى اليابان فى المرتبة الثانية فى العالم من حيث نسبة المدخنين بعد الولايات المتحدة التى تبلغ نسبة المدخنين بها 18.1%، ومن تلك الاجراءات التى اتخذتها اليابان فرض ضرائب جديدة على أسعار السجائر، وتشديد القوانين التى تحدد الأماكن التى يسمح فيها بالتدخين، بالإضافة إلى حملات التوعية بأضرار التدخين.
رئيس تركمانستان قربانقلى بردى محمدوف، كان أكثر جرأة وشجاعة عندما أصدر مرسوما مع بداية عام 2016، يمنع بموجبه بيع جميع أنواع التبغ فى البلاد، ما يعنى عمليا أنه قرار بحظر التدخين تماماً فى تلك الدولة السوفيتية السابقة، والتى تقع فى إقليم آسيا الوسطى، حيث إنه بموجب ذلك المرسوم يتم فرض غرامة تقدر بنحو 1700 دولار على كل من يبيع التبغ فى البلاد، ولم يقتصر حظر التدخين فى تركمانستان على العقاب وحسب، بل قامت وسائل الإعلام المحلية ببث العديد من الفقرات الدعائية ضد التدخين، منها التشجيع على ممارسة الرياضة، وكان من ضمن تلك الفقرات ظهور رئيس البلاد وهو يرتدى الزى الرياضى ويمارس رياضة ركوب الخيل، وصيد الأسماك، وركوب الدراجة الهوائية ولعب كرة القدم.
يحتاج محاربة التدخين فى مصر إلى تضافر كل الجهود، الحكومة، ووسائل الإعلام، المؤسسات التعليمية والرياضية والاجتماعية، وغيرها، ولن تأتى الثمار بالإقلاع عن التدخين مرة واحدة، ولكن بتقليل نسب المدخنين تدريجياً، والحفاظ على الأجيال الجديدة من الدخول إلى ذلك المستنقع برعايته تربوياً واجتماعياً ورياضياً، حفظ الله أبناءنا وشبابنا من هذا الداء.