الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بسبب أزمة القمح الفلاحون فى مواجهة الحكومة

بسبب أزمة القمح الفلاحون فى مواجهة الحكومة
بسبب أزمة القمح الفلاحون فى مواجهة الحكومة




تحقيق - محمد فؤاد

لاشك أن الاكتفاء الذاتى من محصول القمح المصرى هدف قومى لكل المصريين، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تشوين محصول القمح إلا أن العقبات أمام الفلاح كثيرة منها شرط توفير الحيازة الزراعية علما بأن 5% فقط من المصريين يمتلكون الحيازة، الحكومة تعد بالحل والخبراء يؤكدون أن الأزمة سببها مافيا تجار القمح المستورد وتفاصيل كثير عن أسباب الأزمة وطرق العلاج داخل هذا التحقيق.
المهندس محمد صالح - من المنوفية – يرى أن التكدس أتى تحت بند الخوف من توريد الأقماح المستورة بعد خلطها بالمحلي، والحل يكمن فى أنها تدخل مصر تحت رقابة وزارة التموين، ويتم وضع رقابة صارمة حتى لا تخرج حبة قمح إلا بإذن الوزارة، ويتم عمل ضوابط من شأنها وضع لجان تستقبل الأقماح وتأخذ عينات شرط أن تجيد الفصل المستورد من المحلي، ويمنع استيراد أقماح خلال فترة تسليم وتوريد القمح المحلى، على أن يفتح التسليم فى الجمعيات الزراعية بلجان من التموين والزراعة، وطالب بوضع خطة بمقياس زمنى سنة لإنشاء شون حكومية حديثة بعدد أكبر من الموجود لاستيعاب القمح العام المقبل فى كل محافظة، تحت رعاية الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لضمان الدقة فى الإنشاء والوقت.
قال ماهر البتانونى - فلاح من الدلنجات بحيرة - إن القمح لا يجد من يشتريه وموسم حصاد القمح لهذا العام غير منضبط، بعد أن أصاب الفلاح بحالة من الإحباط بسبب المشهد المربك أمام الشون، فكل يوم عذاب وأصبح الفلاح ضحية للقرارات غير مدروسة بين وزيرى الزراعة والتموين، وأشار إلى أنه ذهب لأكثر من شونة ووجدها مغلقة، ولم يستطع تسليم محصوله إلا عن طريق جار له يعمل موظفا فى شونة تبعد عن قريته كثيرا، أما فلاحون البحيرة فيغلب عليهم الهم بسبب أزمة الحيازات لأن أغلبهم يقوم بزراعة المحصول بنظام المشاركة مع الآخر، أو بالإيجار فلم يستطع توفير الحيازة.
وأضاف أن التاجر يرفض استلام القمح على سعر 350 جنيها للأردب بدلا من 420 جنيها، مستغلا الأزمة التى افتعلتها القرارات الخاطئة للحكومة لتخفيض السعر أكثر، مما خفض الكميات التى يتم تسليمها إلى الشون ربع كمية الانتاج الحقيقية لمحافظة البحيرة.
ومن جانبه أكد أسامة الجحش - نقيب الفلاحين - أن أزمة تشوين القمح على أبواب الحل بعد أن قام رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى بضخ مبلغ 300 مليون جنية لإدارة الشون حتى تستطيع دفع مستحقات الفلاح بالكامل أثناء التوريد، مشيرا إلى أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أصدر قرارا بإنشاء غرفة علميات بالمجلس لمتابعة مشاكل التوريد مع المحافظين وحلها حتى انتهاء الموسم، كما أن إلغاء قرار التسليم على الحيازة الزراعية سوف ينهى الأزمة خلال أسبوع.
محمد زين الدين - خبير تموين بمجلس الوزراء - قال إن مشكلة تشوين القمح ترجع إلى وزارة الزراعة بشكل عام، وإلى وزارة التموين بشكل خاص، وذلك لعدم دراسة القدرة الاستيعابية والسعة التخزينية للشون المستعدة بشكل فعلى على أرض الواقع، وأن شرط حضور صاحب الحيازة قرار خاطئ أصاب الفلاح بفقدان الثقة فى الحكومة، فمثلا فى محافظة المنوفية حدث تضارب بين وكيل وزارة التموين والمحافظ فى قرار استخدام الشون الترابية، فالمحافظ يأمر بفتحها ووكيل الوزارة يرفض، والمواطن حائر بينهما.
‏وقال المهندس محمد صالح - أخصائى ارشاد بستانى بوزارة الزراعة - دخل البلاد قمح مستورد بكميات وصلت إلى مليون طن تقريبا من بداية شهر أبريل وحتى الآن، وكانت آخر شحنة قادمة من فرنسا، وهذه هى النتيجة فالقمح المصرى ملقى فى الشوارع، وموظفون الشون رافضين استلام القمح إلا بأمر من وزارة التموين وذلك يبشر بأن العام المقبل لن يزرع الفلاح القمح حتى لو صل الأردب إلى 500 جنيه، وأشار صالح إلى أن تخزين مليون طن قمح مستورد يربك المشهد، وحتى تضرب الفلاحين فى مقتل تستلم القمح بالحصر والحيازة، وحددت عدد شون قليلة، وألغت الاستلام فى الشون الأرضي، مما أثار أزمة حقيقية.
وأوضح صالح أن العرض كبير من الفلاح وطلب أقل من التجار حتى ينخفض السعر أو يتأخر فى الاستلام، والبديل أن يذهب الفلاح إلى أقرب شونة بنفسه، وهذا أمر صعب ومكلف ولم يعتد عليه، والرابح هو التاجر، وأضاف أن التكدس الموجود فى الشون أصبح هو أكبر عائق للوصول للهدف، وعلى صانع القرار معرفة كل ما يدور حوله.
وقال الدكتور نادر نور الدين - الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة - أن مصر أكبر دولة مستوردة للقمح فى العالم، ومزارعوها ممنوعون من توريد قمحهم لبلدهم لأن التجار والمستوردين لهم ظهير قوى ويناصرهم، كما أن المحافظين فتحوا الشون الترابية لاستقبال المحصول بعد أن تبين عدم وجود الصوامع الرأسية والأفقية لديهم، ولكن الأغلبية لا تستطيع توريد قمحها، بسبب شرط توفير الحيازات ومعوقات أخرى، مشيرا إلى أن تخزين القمح فى الشون الترابية والمفتوحة جريمة لأنها تصيب المصريين بـ15 نوعا من الأمراض الفطرية، وتفرز عددا من السموم وأهمها «الأفلاتكسن» وهناك دراسات تؤكد أن 70% من أمراض الكبد تكون سبب هذا الفطر السام الموجود فى رغيف العيش التى يتناوله الفقير كل يوم، وهذا السم لم يفلح معه أى علاج.
 قال عبدالحميد الدمرداش - وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب - إن مشكلة توريد القمح مع الفلاح المصرى ترجع لتسرع  الحكومة فى إصدار القرارات دون مشاركة الفلاحين فيه، وعدم فتح حوار مجتمعى فى القرارات التى تخص مشكلات الفلاحين، وطالب بإنشاء مجلس قومى للفلاح على غرار المجالس القومية المتخصصة الموجودة بالدولة، لتولى دراسة كل ما يخص الفلاحين والذين تجاوز تعدادهم 50% من التعداد السكانى فى مصر، وأضاف أن قرار رئيس الوزراء بفتح الشون الترابية لاستقبال القمح من الفلاحين سوف يساهم فى حل أزمة التوريد لزيادة السعة التخزينية للقمح والتى لم تستعد له الحكومة قبل بداية موسم الحصاد.
موضحا أن لجنة الزراعة بمجلس النواب فى انعقاد دائم حتى تحل هذه المشكلة كما أنه يتم الآن بحث ومناقشة تجريم التجارة فى القمح المستورد وسرعة إيجاد حل للكميات الموجودة داخل مصر والاكتفاء الذاتى من المحصول المصرى مع وزير التموين.
وقال محمود محمد الخشن - عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب - أن الفلاح أصبح غريقا فى كل محصول الحكومة تصدر له أزمة فى تسويقه بعد مجهود كبير ورعاية من الفلاح وطول انتظار لجنى المحصول حتى يلبى احتياجات ومتطلبات المعيشة، وهذا ما يؤثر سلبا على الأمن القومى للبلاد، وتابع، حالة الغضب لدى الفلاح من قرار وزير التموين لتوريد القمح بالحيازة أنشأ شرخا كبيرا بين الحكومة والفلاح، كما أن تبادل الاتهامات بين الزراعة والتموين ليس مبررا لصناعة الأزمة التى لن يدفع ضريبتها غير الفلاح البسيط.
وطرح المهندس عزت أبو النيل - رئيس قسم المتابعة والتنمية بإدارة الإنتاج بمديرية الزراعة بالدقهلية - أن كل مزارع لديه أرض مزروعة قمح ويرغب فى التوريد إلى الشون عليه الذهاب للجمعية ويكون هناك نموذج مطبوع من الزراعة باسم المالك والمساحة، والقائم بالزراعة، وتختم بخاتم الجمعية ويوقع عليها مرشد الحوض ورئيسا المكتب والجمعية، وتسلم مع المزارع فى الشون ويوقف استلام القمح من التجار نهائيا، وبذلك يكون طريقا لحل الأزمة ومساعدة الفلاح المصرى البسيط.
قال المحاسب عاطف الجمال - وكيل وزارة التموين بمحافظة المنوفية - إن شون المحافظة ضعيفة فى القدرة الاستيعابية للمحصول الجيد من القمح لهذا العام حتى أن التوريد بلغ 54 ألف طن حتى الآن، ما دفع محافظ المنوفية بإصدار قرار بفتح 6 شون ترابية لتقريب المسافات التى يقطعها المواطن كل يوم وصولا إلى الشون الخرسانية الجديدة، مشيرا إلى أن المنوفية تضم 13 صومعة وشونة للقطاع العام وصومعة واحدة بمدينة أشمون قطاع خاص، وقال إن المسئولين عن الصوامع والشون يقع على عاتقهم مسئولية كبيرة، وهناك تعاون كامل بين المحافظة والزراعة والتموين لمواجهة المشاكل اليومية.