الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سهراية» و«مديح المحبة» أمسيات رمضانية غير تقليدية بمسارح الدولة

«سهراية» و«مديح المحبة» أمسيات رمضانية غير تقليدية بمسارح الدولة
«سهراية» و«مديح المحبة» أمسيات رمضانية غير تقليدية بمسارح الدولة




عندما تتخذ قرارا بالمنافسة خلال المواسم الفنية الكبرى لابد أن تكون قادرا على خوضها وبقوة، خاصة إذا كان هذا الموسم هو موسم الدراما التليفزيونية خلال شهر رمضان، لذلك كان لابد من ان ينتهج البيت الفنى للمسرح مسارا آخر فى تقديم أعماله، فلم يعتمد القائمون على مسارح الدولة على تقديم أمسيات دينية تقليدية كما هو معتاد فى المناسبات الدينية، فكر صناع هذه الأمسيات خارج الصندوق، فقدموا أعمالا متنوعة وجاذبة للجمهور نافست الدراما التليفزيونية، فى حجم المشاهدة والإقبال، من هذه الأمسيات «مديح المحبة» على خشبة المسرح القومى بطولة سوسن بدر وبهاء ثروت وخالد الذهبى تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج محمد الخولى، والأمسية الثانية «سهراية» بالساحة الخارجية لمسرح الطليعة بطولة فرقة حبايبنا وإخراج أكرم مصطفى، و«على اسم مصر» لصلاح جاهين بطولة الفنان محمود مسعود.
اعتمد عرض «سهراية» على الغناء والحكى والتمثيل، حيث غنى فريق حبايبنا مجموعة من أعمال التراث التى اعتاد تقديمها «يا انا يا أمك»، «ايه رأيك فى خفافتى»، «حنكورة حكالنا حكاية»، وصاحبت هذه الأغانى بعض الحكايات التراثية، التى قام بأدائها بعض الممثلين المنضمين للفريق الغنائى بجانب عروض الأراجوز، وعن العرض قال مخرجه أكرم مصطفى:
كنت دائما أفكر فى التعاون مع فريق حبايبنا لأننى أحب الطريقة التى يعملون بها فى تقديم أعمال التراث، لذلك فكرنا خلال شهر رمضان، فى تقديم عرض غنائى مطعم بالحكى لأننى أعشق هذا الفن وكنت أعمل عليه منذ بداياتى فى مجال المسرح، فاخترت حكايات «ركاب سوارس» وهى مقطوعة زجلية لبيرم التونسى، وحكاية «شمندر»، وهى إحدى الحكايات التراثية لامرأة مسنة من أمام الفرن على اليوتيوب أخذتها وقمت بإعادة صياغتها فنيا، حتى تكون صالحة للتقديم على خشبة المسرح وهى حكاية من وسط الصعيد، والحكاية الوحيدة التى قمت بتأليفها حكاية «المرتب»، لأن الحكى عادة إما أن يعتمد على حكايات تراثية أو مجموعة من التجارب الذاتية.
يضيف: بجانب هذه الحكايات فكرت فى إضافة فن الأراجوز، لإضفاء متعة أكبر على الأمسية وقمنا بعمل أقل من 9 بروفات حتى نخرج بعرض لمدة 15 يوما، فى بداية الأمسية لم يكن الجمهور كما كان متوقعا لكن بعد مضى أكثر من يوم حدث إقبال شديد على العرض، واستمتع الحاضرون كثيرا به مما جعلنا نفكر فى تقديم تجربة للمسرح الغنائى الفترة المقبلة بمسرح الطليعة، وبالفعل اتفقت مع مدير المسرح أحمد السيد على تأليف قالب درامى لمسرحية غنائية، نعيد بها هذا الشكل من المسرح الغنائى ليس المسرح الغنائى بشكله العتيق لكن مسرح غنائى معاصر، وشبيه بما تقدمه الفرق الغنائية المستقلة اليوم، واتفقنا أن نستكمل التجربة مع فرقة حبايبنا بالعرض الجديد، بجانب الاستعانة بعدد من نجوم الغناء المستقلين مثل دينا الوديدى وغيرها.
وعن العرض الجديد قال: وضعنا تصور واسما مبدئيا للعرض وهو «قصة حب»، تدور أحداثه حول الصعوبات التى يواجهها الحبيبين فى البدايات مع الأهل حتى يصلا إلى الزواج، فيحاربان المجتمع وشروطه ومعتقداته، ويؤكدان أن حبهما سيقف ضد كل الظروف والتقاليد البالية، ثم يتزوجان بشكل غير تقليدى، هذه القصة سيتم كتابتها فى قالب مسرحى غنائى بأوركسترا وكورال، وأعتقد أنه سيكون عودة مهمة لهذا النوع من المسرح الذى افتقدناه سنوات طويلة، وأزعم أننا سنقدم تجربة مختلفة بمشاركة فرقة حبايبنا وبعض النجوم كما نبحث حاليا على أحد كتاب الشعر الغنائى الكبار كى يساعدنا فى كتابة هذا العمل، وبالطبع سنحاول بقدر المستطاع تقديم العرض داخل مسرح الطليعة أو حتى بالمسرح الخارجى بحسب الإمكانيات المتاحة، لم نقرر بعد، لكن المشروع قائم ونستعد له فى الموسم المسرحى الجديد، وستكون تجربة صغيرة وليست إنتاج ضخما كما هو معتاد بهذا النوع من المسرح.
شارك فى أمسية «سهراية» بمسرح الطليعة كل من أعضاء فريق حبايبنا فاطمة عادل، محمد اسماعيل، باسم وديع، وعازف العود ماجد سليمان، وتمثيل ياسر عزت، نيفين رفعت، هناء سعيد، عازف الكولة والإيقاع إبراهيم القط، أراجوز عادل ماضى، وأداء تمثيلى لربط الفقرات نادية محمود، جدير بالذكر أن فريق حبايبنا تأسس عام 2002، لإحياء التراث الفنى القديم، حيث تقوم فلسفة الفريق بالأساس على إعادة تقديم أعمال الشيخ إمام ومونولجات شكوكو واسماعيل ياسين، بالغناء والتمثيل، وبدلا من أن يعتمد على آلات ضخمة، لقلة الإمكانيات المادية، يعتمد فقط على مجموعة من الآلات البسيطة منها العود والإيقاع، ويكون الاعتماد الأكبر على أصوات أعضائه ومزج أدائهم الغنائى بالتمثيل، وفلسفة الفريق تتلخص فى إعادة تقديم كل ما يحبه الجمهور من التراث القديم، ولذلك أطلق عليه أعضائه اسم «حبايبنا»، تخرج من الفريق المطربة دينا الوديدي، وشيرين عبده، وفاطمة عادل، بينما يضم اليوم فى عضويته كل من داليا الجندى، ليلى البلعوطي، ليلى سامى، باسم وديع، صليب فوزى، محمد اسماعيل، أمير وشريف عزت، وقدم عروضه داخل مصر وخارجها، بساقية الصاوى، مركز الجيزويت الثقافى بالقاهرة والمنيا والإسكندرية، دار الأوبرا، بيت الهراوى.
قدم أيضا المسرح القومى هذا العام أمسية صوفية بعنوان «مديح المحبة»، تأليف الكاتب عبد الرحيم كمال، والتى خرج بها عن المألوف فى العروض والأمسيات الدينية والصوفية، حيث اعتمد كمال فى أمسيته على وصف رحلة عاشق صعد إلى السماء السبع مقتضيا برحلة الرسول صلى الله عليه وسلم فى الإسراء والمعراج، تجاوز عبد الرحيم كمال بهذا العمل الممتع الشكل الضيق والمحدود الذى اعتدنا عليه فى الأعمال الصوفية، واتخذ مسارا آخر، فى الكتابة الصوفية عن شكلها المعتاد، وكذلك المخرج محمد الخولى قدم العمل فى قالب فنى مختلف، حيث اعتمد العمل منذ بدايته وحتى نهايته على الإلقاء بجانب مقاطع للغناء والمديح لفرقة «فراديس» الصوفية، واهتم بإبراز عمق المعنى الحقيقى للعشق الإلهى والتوحد فيه من خلال التركيز على إبراز معانى جمل عبد الرحيم كمال بالإلقاء المتميز والمحترف لأبطال العمل وهم سوسن بدر، وبهاء ثروت، وخالد الذهبى، وبالتالى سيطرت حالة من السكينة والمتعة، على الجمهور، كما ساهمت الكتابة المتجردة لهذا النص الصوفى فى اتساع مساحة الخيال لدى المتلقى، لرحلة العاشق، فى صعوده إلى السماء لرؤية ربه ومناجاته فى كل محطة سمائية يتوقف بها، وكتب على باب كل سماء عنوانا يصف حالها وحال أهلها فكان باب السماء الأولى «الأدب»، والثانية «القلوب»، والثالثة «الحمد»، الرابعة «الجمال»، الخامسة «السؤال»، السادسة «السعادة»، والسماء السابعة كانت سماء «اليقين» ومكتوبا على حوائطها «كل أمر مستقر».
استمرت هذه الأمسيات الفنية المميزة والمتنوعة طوال شهر رمضان، وشهدت إقبالا جماهيرا كبيرا، ففى الوقت الذى حرص فيه الجمهور على متابعة دراما رمضان حرص أيضا على الحضور والتواجد بالمسارح، ولم يتوقف الإقبال على هذه الأمسيات فقط، بل شهدت عروض «الليلة الكبيرة» بساحة مسرح الهناجر الخارجية حضورا جماهيريا كبيرا بشكل يومى، وكذلك عروض المسرح الذى قدم على خشبته «شى كايرو» إخراج مروة رضوان، «رجالة وستات» إخراج إسلام إمام، «قضية ظل الحمار» إخراج محمد جبر، «الخلطة السحرية للسعادة» إخراج شادى الدالى، وعروض فرقة رضا والقومية والآلات الشعبية التى قدمها قطاع الفنون الشعبية طوال الشهر، وكذلك عروض قصر الأمير طاز «نعناع الجنينة» إخراج شاذلى فرح و«الفانوس بقى صينى» على مسرح ليسيه الحرية بالإسكندرية وإخراج جمال ياقوت، وهو ما يؤكد على مدى اهتمام الجمهور بتذوق أنواع الفنون المختلفة والمتنوعة التى قدمت على مدار الشهر سواء بمسارح الدولة أو الدراما التليفزيونية.