الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الصليب والهلال.. الدلالة والمآل

الصليب والهلال.. الدلالة والمآل
الصليب والهلال.. الدلالة والمآل




هشام فتحى يكتب:

ما دفعنى للكتابة حول الموضوع هذا الزخم الجبار حول ما يثار عن مسألة «رفع الصلبان» فوق منارات الكنائس وعلى الجدران، تلك القضية المرتبطة بالقانون المزمع رسملته ما يعرف بقانون «بناء الكنائس» الجديد، ليصبح واجب التنفيذ.
ولقد راقبت الحديث عن الصليب بالوقت الذى لم ينبس فيه أحد ببنت شفة عن «الأهلة» المرفوعة فوق المآذن هل هى من ثوابت الإسلام؟ أو بمعنى فقهى دقيق هل هى من المعلوم من الدين بالضرورة؟ إذن ما دلالة الصليب والهلال لكل من المسيحيين والمسلمين على السواء؟
لا جدال أن «الصليب» رمز للفداء بالنسبة للمسيحيين، ليس معبودا فى ذاته، فالمسيحى لا يعبد صلبانا ولا يقدم لها نصوصا دينية أو قرابين. الصليب له دلالته المستمدة من ذلك العمل الفدائى الذى قام به «يسوع المسيح» مات عليه، وقبر، ثم قام فى اليوم الثالث هازما الموت مثبتا (بتسكين الثاء) القيامة، ولولا القيامة - حسب العقيدة المسيحية – ما قام أحد من البشر، ولظل رهينا للهلاك الأبدى.
وعليه، فإن رمزية «الصليب»  كعلامة دينية خالصة مرفوعة فوق المنارات لهى من صميم العقيدة المسيحية، وشاهدة عليها، ومميزة لها عن باقى العلامات الدينية المغايرة. وبالتالى فإن الحديث عن جواز رفعه فوق منارات الكنائس من عدمه ليشكل إهانة كبرى لديانة قد نص الدستور المصرى على احترامها ضمن إحدى ثلاث ديانات سماوية، اليهودية والمسيحية والإسلام. وبظنى أن النظام المصرى ليحترم المسيحية ورموزها ومعتنقيها ترجمة صادقة للدستور الذى أقسم على احترامه.
وبالشق الثانى، ماذا عن «أهلة المساجد»؟ تلك الأهلة المرفوعة أعلى المآذن، ما الأصل؟ هل هى من المعلوم من الدين بالضرورة؟ لاأدعى أننى فقيه لدى الإجابة، بل باحث يلتمس الإجابة عند ذوى الاختصاص. بالحقيقة، لم اجد لديهم نصا قرآنيا أو نبويا يحتم رفع الأهلة فوق منارات المساجد (المآذن) لا من قريب أو من بعيد، وشخصيا قرأت القرآن كله وما عثرت على بغيتي، قرأت كثيرا من كتب الحديث والسير فلم اعثر على أمر نبوى واحد برفع هلال فوق مسجد، فما أصل الموضوع إذن؟ ولماذا الهلال بالذات؟
طرقت موقع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية، والأوقاف/ دولة الإمارات العربية لأعرف الإجابة، أجاب بقوله: «وضع الهلال توارثه المسلمون كشعار يميز المساجد عن غيرها، وهذا أمر لا حرج فيه، ولعل الدافع لاختيار الهلال دون غيره هو ان الهلال علامة شرعية على كثير من العبادات والفرائض، ولذا قال تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج) البقرة 189، بل جعل النبى - صلى الله عليه وسلم - شعارا على راية سعد إبن مالك الأزدي، ففى الإصابة للحافظ إبن حجر، قال إبن يونس وفد على النبى - صلى الله عليه وسلم - عقد له راية على قومه فيها هلال. وكان الهلال موضوعا على علم الدولة العثمانية، وأما أول من وضع الأهلة على المآذن فقيل أنه السلطان سليم الأول من العثمانيين ولم نقف على مصدر يوثق ذلك».
أما مركز الفتوى بموقع «إسلام ويب» فيعضد سابقه بقوله: «لم يرد ما يدل على وضع الهلال رمزا على المنارات (المآذن) أو المساجد وغيرها، ولا يعنى هذا عدم جواز مثل هذا الفعل إذا اقتضته مصلحة راجحة، فقد جعل المسلمون منارات (مآذن) للمساجد ولم يكن ذلك عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكره أحد، وأول مَن وضعه (الهلال) على المساجد هم الأتراك العثمانيون تمييزا لمؤسسات المسلمين عن مؤسسات أهل الصليب».
إذن لا أصل مؤسسيا قرآنا وسنة لأهلة المساجد، إنما هو اجتهاد فقهى رام «المصلحة» فى تمييز أبنية المسلمين عن ابنية غيرهم الدينية سيما أبنية المسيحيين، لكن السؤال هل من الممكن استبدال الهلال برمز آخر إذا ما اقتضت المصلحة ذلك؟ سيما وأن الموضوع لاأصل له بالنصوص التأسيسية للعقيدة الإسلامية، يقينا نروم الإجابة من ذوى الاختصاص.