الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القاهرة الخديوية.. والفن الشعبى القومى

القاهرة الخديوية.. والفن الشعبى القومى
القاهرة الخديوية.. والفن الشعبى القومى




د.حسام عطا يكتب:
أتذكر الراحل العبقرى الروائى خيرى شلبى هذه الأيام، كلما مررت بوسط المدينة، أو زرت المسرح القومى فى رونقه الجديد، وهو الذى تبنى دعوة قبل رحيله لضرورة عودة دار الأوبرا المصرية المحترقة القديمة ذات الطابع الكلاسيكي، ذلك أن القاهرة الخديوية وشارع المعز فى القاهرة القديمة مشروعات ممكنة وسهلة إذا ما نظرنا لحجم الإنجاز الكبير فى قناة السويس الجديدة، والمعدلات القياسية عالميا فى إنتاج الكهرباء، والمستقبل الحضارى فى العاصمة الإدارية الجديدة، والسعى لخلق مجتمعات عمرانية زراعية جديدة ولذلك يتجدد الأمل فى عقلى لاستعادة رونق وجمال العناصر المادية الاعتبارية التاريخية المعبرة عن شخصية العاصمة، وعواصم المدن فى أقاليم مصر، الحديقة اليابانية وعيون حلوان، أكشاك الموسيقى فى الميادين الكبرى، الحدائق العامة الشهيرة، وعودتها للمشهد اليوم هى مساهمة فى عودة الإطار المكانى الحضارى المحقق لفكرة جودة الحياة، فما لدينا من منجز عمرانى تاريخى على الشريط الضيق المجاور لنهر النيل يحتاج لإعادة صياغته، جنبا إلى جنب مع الخروج الضرورى بعيدا عن المراكز القديمة، والذى هو إنجاز نوعى مصرى يحدث فى مصر الآن، خاصة فيما يتعلق بتنمية سيناء ومحور قناة السويس.
العمارة إذن ضرورة حيوية، وهى فن مهم من الفنون الجميلة السبعة وتأمل معى خيال خيرى شلبى وهو يرى الأوبرا القديمة حاضرة أمام تمثال إبراهيم باشا فى الميدان المسمى للآن بميدان الأوبرا، هل هو سؤال عن المبنى فقط؟ بالتأكيد لا، لأننا فى مصر نفتقد التفكير والمؤسسات العاملة على حفظ التراث الشعبى الحضارى حيا ودار الأوبرا المصرية بأرض الجزيرة معنية بالفنون الغربية بالإضافة لفرق الموسيقى العربية، أما الغناء الشعبى والآلات الشعبية المصرية، والمسرح الشعبى المصرى والدراما المصرية القديمة (الفرعونية)، وهى الفنون المعبرة عن الهوية المصرية القومية، فهى مشردة بعيدا عن كيان مؤسسى حضارى يهتم بها، هكذا فعلت الصين فى مسارح أوبرا بكين التاريخية، واليابان فى مسارح النور والكابوكى شديدة الفخامة والثراء، فهل يمكن لنا استعادة أوبرا القاهرة التاريخية كمبنى بذات تصميمها القديم لنمنحها المعنى المهم والدور المفقود حول حفظ وتقديم وتطوير فنون الأداء الشعبية المصرية التى تعود بجذورها لمصر القديمة؟
وهو ما حدث فى فرنسا عندما لاحظ الفنانون الفرنسيون أن الكوميدى فرانسيز، لا لا يلبى احتياجات الفرنسيين فى فن شعبي، عهدت الحكومة الفرنسية فى الستينيات للمخرج الشهير جان فيلار Jean Villar  ببناء المسرح الشعبى القومى (T.IV.P) وهو يحتوى على برنامج عمل يحقق لحساسية الفنون الشعبية القومية الفرنسية الحضور والتواصل مع الجمهور العام.
وهو الأمر الذى نحتاجه فى مصر الآن، وهى فى سعيها لاستعادة شخصيتها الحضارية.