الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سيناء 35 عاماً من البطولات والارتواء بالدم

سيناء 35 عاماً من البطولات والارتواء بالدم
سيناء 35 عاماً من البطولات والارتواء بالدم




إعداد - عمر علم الدين

سيناء «قدس أقداس مصر»، كما وصفها المفكر جمال حمدان وسيناء أرض البطولات التى رسمها رجال مصر بمواقفهم وتضحياتهم.. سيناء أرض الفيروز التى ارتوت بدماء خير أجناد الأرض ورغم إنها كانت وستظل مطمعًا للغير لادراك حجم مواردها ومستقبل هذه الموارد، وطمعا فى استغلال ارضها إلا أن القوات المسلحة عازمة علي التطهير من العناصر الإرهابية والتعمير خاصة أن التضحيات مستمرة فقد ظلت مصر تحررها على مدار 22 عامًا منها 6 سنوات كفاح ونضالًا عسكريًا، ثم 9 سنوات نضالًا وكفاحًا عسكريًا سياسيًا تفاوضيًا، ثم 7 سنوات من خلال القانون والتحكيم الدولى.
 ومن بطولات اللواء على حفظى لاستشهاد المقدم محمد هارون وعجلة التنمية التى تقودها القوات المسلحة فى سيناء يرفع الجيش شعارها فى سيناء التى ينفذه على الأرض يد تبنى ويد تحارب الإرهاب.

حفظى: حررنا سيناء بعد 22 عاما من الحرب والتفاوض وتنميتها توقفت فى التسعينيات

 



 

اللواء على حفظى، مساعد وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، واحد من أبطال مصر الذى كان له دور فى المشاركة فى تحرير سيناء بطلا مقاتلا على الأرض بسلاحه من قبل عام 1967 حتى عادت الأرض ثم رافعا لواء التنمية مرة أخرى وهو يشغل محافظا لشمال سيناء خلال فترة التسعينيات.
وفى حرب أكتوبر‏1973‏ كان المسئول عن فرق الاستطلاع التى كانت تعمل خلف خطوط الجيش الإسرائيلى داخل عمق سيناء واستطاع هو ورجاله أن يتغلبوا على الإمكانات الفنية القليلة ويقدموا برهانًا جديدًا على عظمة الجندى المصرى وكيفية تحقيق أعلى النتائج بأقل الإمكانيات.
فمهمة عمليات الاستطلاع خلف القوات الإسرائيلية المنتشرة فى عمق سيناء لها اهمية كبيرة فهى «العيناين اللتان من خلالهما ترى الصورة ودونها لا تستطيع أن تأخذ قرارات وقد نجحت فرق الاستطلاع المصرية بالفعل فى معرفة تفاصيل كثيرة عن أوضاع القوات الإسرائيلية وأنشطتها المختلفة الأمر الذى أثار غضب العدو الإسرائيلى بشكل كبير حتى إن هناك تصريحا مشهورا لموشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلى قال فيه: «كنا نعلم أن القوات المصرية ليس لديها إمكانيات فنية فى الحصول على معلومات ولكنهم نجحوا فى استخدام رجالهم كرادارات بشرية استطاعت أن تحصل على كثير من المعلومات عن قواتنا الإسرائيلية».
وبعد عشرات السنين من انتصار اكتوبر وتحرير سيناء يقول اللواء على حفظى: إن نصر اكتوبر هو جزء من خطوات ملحمة تحرير سيناء لانها تكمن فى قوة وتصميم ارادة الانسان المصرى على استعادة الكرامة المصرية واستعادة أرض سيناء بعد أن استولى عليها الجانب الاسرائيلى فى 6 أيام وخلال 22 عاما من يونيو 67 حتى مارس1989.
ويتابع اللواء حفظى: إن ذلك تم من خلال منظومة ثلاثية الأبعاد الأولى قتالية عسكرية واستمرت 6 سنوات والثانية تفاوضية سياسية عسكرية واستمرت 9 سنوات والثالثة من خلال التحكيم الدولى واستغرقت 7 سنوات.
وباسترجاع ذاكرة التحدى والانتصار يقول اللواء حفظى عن مراحل تحرير سيناء.. إن التفوق العسكرى الإسرائيلى كان واضحا وكبيرا وكان فارق التسليح بين الجيشين شاسعا للغاية، فمثلًا بالنسبة لسلاح الجو كان كل ما لدينا هو طيران حربى دفاعى تتراوح مدة طيرانه ما بين 30 و45 دقيقة ولا يحمل أكثر من طن من الذخيرة، وعلى الجانب الآخر كان العدو يملك عدة انواع من طيران الهجوم تصل مدة طيرانه 3 ساعات وتصل حمولته من الذخيرة إلى 6 أطنان، ولكن استطاعت القوات المسلحة استخدام طائرات الهليكوبتر فى القفز اليدوى لقوات المظلات وليس القفز الحر، وهى المرة الأولى التى تحدث فى العالم فى الحروب، وتم استخدام هذه التقنية فى إلقاء مجموعات الاستطلاع خلف خطوط العدو، وبالفعل نجحت قوات الاستطلاع التى كانت تظل فى سيناء لعدة شهور متواصلة فى جمع معلومات دقيقة وتفصيلية عن العدو وقواته وقوات الاحتياط فى سيناء.
ويكفى أن نعلم أن طائرات الاستطلاع المصرية فى هذا الوقت لم تكن بإمكانها تصوير أكثر من 20 كم، وليس بإمكاننا الوصول إلى أى معلومات من خلال الطيران عما يحدث فى عمق سيناء، وأذكر أننى وأنا ضابط فى قوات الاستطلاع خلف خطوط العدو لم تكن لدينا أجهزة رؤية ليلية، وكنا نعمل بنظارة الميدان فقط، وبعد فترة تمكنت المخابرات من الحصول على جهاز رؤية ليلية من حلف الأطلنطى وتم إرساله إلينا لتحديد مدى الاستفادة منه وكان الجهاز يعمل على تكثيف ضوء النجوم، وأثناء العمل بالجهاز للمرة الأولى تم استخدامه فى موقع القنطرة لأنها كانت من أقوى النقاط على خط بارليف، وأثناء المراقبة بالجهاز وجدنا الجنود اليهود يلوحون لنا بأيديهم، لأنهم يملكون تكنولوجيا أعلى وأكثر تطورًا من الجيش المصرى بكثير.
وعلى الجانب التكنولوجى كان هناك فارق كبير جدًا فى تكنولوجيا الاتصال المستخدمة فى الجيش المصرى والجيش الإسرائيلى، وكان لأهالى سيناء دور عظيم فى مساعدة قوات الاستطلاع.
ويستطرد اللواء حفظى: إن أكثر مفاجأتين استراتيجيتين فى الحرب كما قالت إسرائيل هما شخصية الرئيس الراحل أنور السادات على المستوى السياسى، والمقاتل المصرى على المستوى العسكرى، ثم بعد ذلك كانت الضربة الجوية، ثم قوات المدفعية التى كانت تطلق 10 آلاف طلقة متنوعة فى الدقيقة وهو ما يسمى بالتمهيد النيرانى لدرجة أن كيسنجر قال فى اليوم الرابع إن إسرائيل هزمت استراتيجيًا بعد أن تراوحت خسائرها ما بين 400 و500 دبابة وأكثر من 100 طائرة، فى حين قال نيكسون إن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بأن تخسر الحرب، وفتحت أمريكا بوابات الدعم لإسرائيل فكانت أحدث الدبابات الأمريكية تخرج من المخازن على ساحة القتال ووصلت عدد الرحلات المحملة بالسلاح إلى إسرائيل إلى 600 رحلة نقلت خلالها 25 ألف طن سلاح وذخيرة و35 ألف طن بحرًا، فى حين حصلت مصر خلال هذه الفترة على نحو 6 آلاف طن من الاتحاد السوفيتى ليست من أولويات التسليح للقوات المسلحة تشمل ذخائر هاون ومدفعية خفيفة.. وبعد هذه الملاحم انتصر خير أجناد الأرض.. ووصلنا للمفاوضات واستعادة الأرض.
وبحديث المسئولية يقول اللواء حفظى: سيناء بعد تحريرها كانت الأمور مستقرة والدولة حاضرة وكان هناك مشروع قومى لسيناء وتخطيط لــ 20 سنة بمشاركة علماء مصر المتخصصين وهذا فى بداية التسعينيات وتحول هذا المشروع إلى واقع فى منتصف التسعينيات وبدأنا فى تنفيذ.. خطة خماسية.
 والدولة كان دورها تتولى البنية التحتية والأساسية والخدمات وهذا يشكل 30 أو40% من المشروع ككل ثم رجال الأعمال يقومون بإقامة المشروعات.. وبدأت الامور من طرق وكبارى وسكة حديد وخطوط المياه والمدارس من جانب الدولة وتم تنفيذ 70 إلى 80% من مسئولية الدولة إلى أن تم فى نهاية التسعينيات تغيير حكومة الدكتور كمال الجنزورى وتم تغيير المحافظين وجاء د.عاطف عبيد.. فتوقفت قوة الدفع التى كانت موجودة فى السنوات السابقة والتى كان منها ترعة السلام.
وبنظرات تختزل الدموع يقول اللواء حفظى لا أنسى يوم أن رأيت المياه بسيناء من خلال ترعة السلام.. وتذكرت أننى عندما عشت على أرض سيناء فى الستينيات كنت أرسل السيارة 120 كيلو حتى نأتى بالمياه من السويس أو الإسماعيلية.. ولكن أصبحت ترعة السلام تسير على الارض حلم وكذلك وصول الكهرباء والمياه وهذا كان إصرارًا على معركة تنمية سيناء.
 ويستكمل محافظ شمال سيناء الأسبق: درجة الاهتمام بدأت تقل وتحولت الأمور إلى توشكى وغيرها وخليج السويس والوادى الجديد والمؤشرات تقول كان هناك قرار بتخفيف التوجه لسيناء وهذا قرار سياسى.
 وارتبط معها بشكل جديد التفجيرات التى تمت فى جنوب سيناء خاصة فى المناسبات القومية فى 2002 و2003 و2004 وتواكب معها انسحاب شارون من بيننا وبين الفلسطنيين دون إبلاغ أحد حتى تصبح الحدود مفتوحة وبدأت الأنفاق وسيطرت حماس فيما بعد.
وينبه رئيس جهاز الاستطلاع إلى أن الطرف الاسرائيلى له مصلحة يحاول تحقيقها فى عدم إصلاح الأوضاع فى سيناء وهذا ما قاله شارون للواء بحرى محسن حمدى أثناء تسلم طابا.
وهذا واقعيا لمصلحة اسرائيل لحل المشكلة الفلسطينية على حساب سيناء ولها مصلحة فى البعد العسكرى فطالما هناك فراغ فى سيناء تستطيع اسرائيل أن تعمل بحرية افضل طالما الأرض خالية.. وفى البعد الاقتصادى هم يعلمون حجم الخيرات الموجودة فى سيناء ويريدون أن يشاركوا فيه حتى لو بطريقة غير مباشرة من خلال شركات وهناك ايضا بعد اخر عقائدى ولذا لهم مصلحة يحاولون المحافظة عليها.
وقال اللواء حفظى إن رجال اسرائيل «عينهم» على 50 كيلو فى سيناء منذ 1903 عندما كانت هناك مشكلة طابا وكان الاترك يريدون أن يأخذوها وكانوا يسيطرون على معظم الدول العربية فقام هرتزل الذى كان ينادى بمستوطنات لدولة اسرائيل بالذهاب إلى بريطانيا وطلب منهم أن يسمحوا له ببناء مستوطنة بشمال سيناء وكنا تحت الاحتلال البريطانى فما يريدونه الآن يفكرون به منذ اكثر من 100 سنة.
وقال اللواء حفظى إنه لا يوجد حل إلا التعمير ولو استمر التعمير بنفس الوتيرة التى بدأ بها فى منتصف التسعينيات كانت سيناء الآن شيئًا آخر، بوجود مشروعات ينتقل اليها البشر خاصة أن سيناء هى البقعة الوحيدة على أرض مصر التى يتوافر فيها كل مقومات التنمية زراعية حيوانية  والصناعية والتعدينية والعمرانية.
مضيفا أن سيناء بالنسبة لنا شمال وجنوب لو ارتبطت بمحافظات القناة «اسماعيلية والسويس سيكون هذا الإقليم الشرقى هو خير مصر.. ومستقبلها لأن بها التنمية بكل أبعادها.
واعتبر اللواء حفظى أن ما يتم اليوم هو السير على الطريق الصحيح قائلا اليوم تتم اقامة مشروعات قومية ومشروعات كبرى وصغرى ومدن جديدة ومشروعات تتم على المستوى القريب والبعيد.. والتعمير اصعب من تحرير سيناء وما يتم الآن يعيد قوة الدفع لإعادة تنمية سيناء.
مستطردًا: فى الوقت نفسه تتم محاربة الإرهاب داخليًا وخارجيًا فالإرهاب له أهداف سياسية وليست دينية ونسعى لمنع الدعم والتمويل وعدم انضمام عناصر جديدة له.