يسرى عبد الله يجيب عن «سؤال الحرية» فى الرواية الحديثة
محمد عبد الخالق
رصد الدكتور يسرى عبد الله فى كتابه «الرواية المصرية: سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد» تحولات الرواية المصرية، بدءا من العقد الأول من الألفية الثالثة، وبما يعنى أنه مشغول بالحاضر (زمانا ومكانا)، وعلاقته النقدية بالمنجز الروائى المصرى الجديد، عبر إطار أشمل يهدف من خلاله إلى الكشف عن جدارية السرد المصرى بتنويعاته المختلفة، ومراحله المتلاحقة، من خلال عدة تنويعات سردية تنبئ عن أن الكتابة كانت وستظل نتاجًا للتنوع والاختلاف، وليست نتاجًا لرؤية أو رأى أحادى.
تتجاور فى هذه الدراسة أجيال مختلفة من الكتابة الروائية فى هذا العمل النقدي، تشى جميعها بثراء المشهد السردي، وتنوعه، حيث نجد حضورا لروايات كل من: محمد البساطى، وجميل عطبة ابراهيم، وإبراهيم عبدالمجيد، وجار النبى الحلو، وفتحى إمبابى، ومحمود الورادني، ونعمات البحيرى، ويوسف أبو رية، وسعد القرش، وخالد إسماعيل، ومحمد إبراهيم طه، وعبد النبى فرج، وفتحى سليمان، وحمدى الجزار، ومحمد الفخراني، وهانى عبد المريد، والطاهر شرقاوي، ومحمد صلاح العزب، ومحمود الغيطاني.
ويؤكد الكتاب الصادر عن «دار الأدهم» للنشر والتوزيع، أن الرواية بنت للاستمرار، والتراكم المعرفي، والجمالي، ويتكون الكتاب من قسمين رئيسيين، الأول يضم عددا من الدراسات النقدية، التى تتقاطع فيها الدراسات النظرية مع التطبيق العملى على بعض النماذج، فنرى دراسات مثل: (إشكاليات النص الروائى الراهن: سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد)، وفيها يشير الدكتور يسرى عبدالله إلى عدد من الإشكاليات والتحديات التى تواجه الإبداع المصرى فى الوقت الراهن، بدءا من «تسليع» الأدب، والتكريس للصيغة الاستهلاكية داخله، أو ما أطلق عليه عبدالله «النمط الاستهلاكى فى الأدب»، مرورا بـ«سؤال الإبداع ومساءلة الرقابة»، وصولا إلى إشكالية «تديين الأدب»، ومحاولة «أسلفته» تحت مظلة نقدية دعائية واهية، تتكئ على تصورات رجعية عن العالم والأشياء.
وفى الدراسة الأولى نرى تحليلاً نقديًا لروايات: (أسوار- مزرعة الجنرالات – أرض النبى)، كما نرى فى هذا القسم أيضًا دراسة تحمل عنوان: (الكتابة الجديدة: غواية الهامش ورؤية العالم)، وتحت عنوان (الخطاب الروائى وأنسنة الأشياء) يشير يسرى عبدالله إلى ذلك الحضور البارز للتفاصيل الصغيرة فى السرد، مطبقًا على روايتى «سحر أسود»، و«فانيليا»، كما يقدم دراسة تحليلية لـ«أسئلة النوبة / أسئلة الكتابة»، وطبق دراسته على رواية «جبال الكحل» للكاتب يحيى مختار.
أما عن القسم الثانى فيضم عددا من النصوص الروائية الدالة على تنويعات المشهد الروائى المصري، التى قال الدكتور يسرى عبدالله أنه يسعى من خلالها إلى الكشف عن بنيتها الأساسية، ورؤية العالم الحاكمة لها، والتقنيات التى تستعملها، وتتشارك النصوص الروائية المختارة جميعها فى كونها تنتصر للفنى بالأساس، كما أنها تنشد الحرية، وتبغى الانتصار للجدارة الإنسانية، منحازة إلى إنسانية الإنسان، إنها تتعاطى مع الحرية بوصفها غاية، وتسائل القمع بوصفه عدوانا على الحياة، مثلما تدين الاستبداد وتجابهه.
ومن الروايات التى قدم الكتاب دراسة عنها: (جوع – شهرزاد على بحيرة جنيف- فى كل أسبوع يوم جمعة- العلَم – موسيقى المول – ليلة عرس – يوميات امرأة مشعة – عطر قديم – وشم وحيد – تغريدة البجعة – دموع الإبل – ساحل الغواية- الحكى فوق مكعبات الرخام).