الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

"المقاهى الثقافية" مقصد الأدباء وملتقى الفنانين

"المقاهى الثقافية" مقصد الأدباء وملتقى الفنانين
"المقاهى الثقافية" مقصد الأدباء وملتقى الفنانين




كتب – خالد بيومى

لعبت المقاهى الثقافية دورًا خطيرًا فى الحياة الثقافية المصرية والعربية حيث كانت بمثابة منتدى للقاء المبدعين والمثقفين والفنانين الذى يتناقشون فى أمور الإبداع والأدب والثقافة والسياسة، ومن أشهر مقاهى القاهرة مقهى الفيشاوى بمنطقة الأزهر بالقاهرة الفاطمية هذا المقهى الذى شهد أول تعارف بين الشاعر بيرم التونسى والملحن زكريا أحمد، هذا الثنائى الذى كان له الفضل فى تطور الأغنية العربية ولا سيما القصائد التى شدت بها أم كلثوم.

كما شهد هذا المقهى قفشات الشاعر كامل الشناوى مستهدفًا بها شاعر البؤس (عبد الحميد الديب)، وأبدع نجيب محفوظ رائعته (الثلاثية) بين جنبات هذا المقهى، وهناك مقهى «باب الخلق» الذى كان منتدى للصحفيين والأدباء الذين قضوا به العديد من السهرات العامرة وكان يجلس عليه شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما كان مديرًا لدار الكتب الواقعة فى ميدان باب الخلق فى عشرينيات القرن الماضي. كما ارتاد هذا المقهى أحمد مخيمير والهمشرى وطاهر أبو فاشا والشاعر أحمد فتحى وعبد الرحمن الخميسى وأحمد حسن الزيات وطه حسين وبعض المتمردين على نظام التعليم بالأزهر، واستمر طه حسين فى التردد على هذا المقهى، وبعد أن تمرد على إخوانه راح ينعتهم بـ «أدباء باب الخلق».
أما مقهى الحرية بميدان الأزهار بباب اللوق وسط القاهرة فكان يتردد عليه المازنى وزكريا أحمد وبيرم التونسى وإبراهيم ناجى ونعمان عاشور والعديد من الأدباء والمتعلقين بهواية الأدب وكان به أماكن لجلوس النساء، كما كان يرتاد هذا المقهى البكوات ورجال الفن وقد جلس على هذا المقهى من الضباط الأحرار أنور السادات وبعض زملائه الذين التقوا بهذا المقهى، واتفقوا فيه على العديد من القرارات الحاسمة.
وارتبط مقهى «ريش» بتفريخ العديد من المشروعات الأدبية والفكرية فقد ولدت فيها فكرة إصدار مجلة «الكاتب المصري» التى تولى رئاسة تحريرها الدكتور طه حسين ومجلة الثقافة الجددية التى ترأس تحريرها رمسيس يونان، كما بزغت بين جنبات هذا المقهى حركات فكرية نشطت مع العائدين من الخارج وخاصة من فرنسا، وكان معظمهم من مؤيدى الاشتراكية بمختلف مدارسها.
وابتداء من العام 1963 كان نجيب محفوظ يعقد ندوة أسبوعية صباح كل يوم جمعة بمقهى ريش، ومنذ ذلك الوقت أصبحت المقهى مقصداً لجيل جديد من الأدباء والمثقفين منهم: صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودى ورشدى أباظة وعباس الأسوانى وكمال الملاخ ونجيب سرور وغيرهم.
وفى مقهى «عبدلله» التى توسطت ميدان الجيزة، وكانت تعد أقرب المقاهى إلى جامعة القاهرة وأرخصها سعراً، وأكثرها احتكاكاً بالحياة اليومية للجماهيىر العديدة من أبناء الشعب. وقد اكتسب هذا المقهى شهرته من خلال حلقات الأدباء والمثقفين والمفكرين فى خمسينيات القرن الماضى حيث اجتمع فيها هؤلاء يشربون الشاى والقهوة ويقرأون لبعضهم البعض آخر ما توصلت إليه قرائحهم من إنتاج ودارت بينهم أحياناً بعض المعارك الفكرية التى شكلت هذا الوهج الذى يطلق عليه الثقافة المصرية الحديثة وقد ضمت هذه المجموعة الدكتور عبد الحميد يونس، أنور المعداوي، والدكتور كامل حسين، ورجاء النقاش، ولويس عوض، وصلاح عبد الصبور، نعمان عاشور، ورشاد رشدي، وأحمد عبد المعطى حجازي، وزكريا الحجاوى ومجموعته، والشاعر محمود حسن إسماعيل وتلاميذه من الشعراء الجدد كما وفد إلى هذا المقهى الدكتو رمحمد مندور العائد من فرنسا والدكتور عبد القادر القط العائد من إنجلترا والذين كانوا يسارعون إلى قهوة عبدالله لقضاء الليل فى حوارات متصلة ومناقشات حول حياتنا الأدبية والفكرية، وحول الفلسفة الوجودية التى كانت مسيطرة على الغرب آنذاك والواقعية الإسلامية المستندة على التراث الشعبي.. واليوم نجد ظاهرة المقاهى الثقافية وقد خفت نجمها وأصبحت تضم رواداً من كافة الطبقات الدنيا والوسطى والراقية بعيدًا عن تبنى الجلسات الثقافية.