الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أبوسمبل» يخطف قلوب العالم

«أبوسمبل» يخطف قلوب العالم
«أبوسمبل» يخطف قلوب العالم




آلاف المواقع والكنوز الأثرية الفرعونية، صنعت أيقونات تعبر عن التاريخ القديم، كالأهرامات وأبو الهول فى الجيزة ومجمع معابد الكرنك بالأقصر، ومعبد أبو سمبل فى أسوان، وأصبح الأخير حديث العالم أجمع منذ أيام، بعدما كان أول محطة يستهل بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون زيارته لمصر، وذلك قبل أن يتوجه إلى القاهرة.

الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، كان فى استقبال الرئيس الفرنسى بأسوان، حيث اصطحب ماكرون وزوجته فى جولة بمعبد أبوسمبل، فى إطار الاحتفال بالذكرى الـ50 لنقل المعبد إلى مقره الجديد، وهى الحملة التى شاركت فيها اليونسكو ودول عديدة منها فرنسا، ليقع على الضفة الغربية لبحيرة ناصر نحو 290 كم جنوب غرب أسوان، وهو أحد مواقع آثار النوبة المدرجة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، وهو كان منحوتا من الجبال فى عهد الملك رمسيس الثانى فى القرن 13قبل الميلاد، كنصب دائم له للاحتفال بذكرى انتصاره فى معركة قادش، وفى 1960 كان من الضرورى نقله لتجنب تعرضه للغرق خلال إنشاء بحيرة ناصر وبناء السد العالى.
أبوسمبل له قصة وتاريخ كبير عكسته نظرات الإعجاب والرهبة فى عيون الرئيس الفرنسى عند رؤيته لجدران معبد ملك من أهم وأعظم ملوك التاريخ، والنصوص الفرعونية المنقوشة عليه.
قصة المعبد يكشفها الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار فى مكتبة الإسكندرية، إذ قال: إن مشروع إنقاذ آثار النوبة، وخصوصًا معبدى أبو سمبل الكبير والصغير، من المشروعات الحضارية والثقافية الكبرى فى العالم أجمع فى القرن العشرين، حيث تقع مدينة أبو سمبل إلى الجنوب من مدينة أسوان على الضفة الغربية لنهر النيل فى النوبة المصرية بالقرب من حدودنا مع السودان.
معبد أبو سمبل الكبير
أبوسمبل الكبير واحد من أربعة معابد بنيت خلال فترة حكم الملك رمسيس الثانى كوحدة واحدة، والثلاثة الأخرى هى: معبد وادى السبوعة (مقر المعبود آمون رع) ومعبد الدر (مقر المعبود رع حور آختى) ومعبد جرف حسين (مقر المعبود بتاح).
وقد أمر الفرعون رمسيس الثانى مهندسيه البارعين بالبدء فى بناء معبدى أبو سمبل فى السنوات الأولى من فترة حكمه العريق واكتمل العمل فيهما فى العام الخامس والعشرين من حكمه المديد.
أبوسمبل الكبير المطل على بحيرة ناصر، تتصدر واجهته تماثيل الملك رمسيس الثانى الأربعة الجالسة، ويبلغ طول كل منها حوالى 22 مترًا، ويحيط بها تماثيل أصغر واقفة تجسد أم الملك وزوجة الملك، وتماثيل أكثر صغرًا تصور أبناء وبنات الملك الممثلين واقفين بين قدمى الفرعون.
وحدث زلزال فى العصور القديمة أثر على التمثالين المحيطين بالمدخل إلى المعبد ما أدى إلى تساقط الجزء العلوى من التمثال الجنوبى، بينما عانى التمثال الشمالى منهما بشكل أقل ضررا من التمثال السابق وتم ترميمه فى عهد أحد خلفاء الملك رمسيس الثانى، وهو الملك سيتى الثانى فى نهايات عصر الأسرة التاسعة عشرة.
فوق المدخل يوجد كورنيش ضخم يحتوى على اسم الملك رمسيس الثانى، ويضم جانب المدخل على اليسار نقشا يضم ألقاب الملك. ثم أجزاء المعبد المعمارية وصولا إلى قدس الأقداس حيث يوجد تمثال الملك رمسيس الثانى بين تماثيل آلهة مصر الكبرى فى تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر الفرعونية.
 ومن أروع معالم معبد أبو سمبل الكبير هو اختراق شعاع الشمس باب المعبد ليصافح وجه رمسيس الثانى مرتين من كل عام فى ظاهرة هندسية وفلكية تثير الانبهار باستمرار.
معبد الملكة نفرتارى
معبد أبو سمبل الصغير أو معبد جميلة الجميلات الملكة نفرتارى إلى جوار المعبد الكبير الخاص بزوجها الفرعون مبنى فى الصخر الطبيعى، ثم تتوالى الأجزاء المعمارية المكونة لهذا المعبد المهم.
نفرتارى صارت الزوجة الرئيسية للملك رمسيس الثانى، رغم تعدد زيجاته ومحظياته، وكانت نفرتارى أم ستة من أهم أبناء الملك رمسيس الثانى، ومن فرط حبه الشديد لزوجته فائقة الجمال، أمر بإنشاء مقبرة رائعة لها فى وادى الملكات.
 وحملت منطقة وادى الملكات فى مصر القديمة أسماء عدة مثل «الوادى العظيم» و»الوادى الجنوبى» و«تا ست نفرو» ويعنى الاسم الأخير «مكان الجمال»، وشاع أكثر من الاثنين السابقين، وأسس فى البداية كجبانة مخصصة لدفن نساء الطبقة المالكة من المجتمع المصرى القديم فى بداية عصر الدولة الحديثة على الشاطىء الغربى لنهر النيل المواجه لمدينة الأحياء فى شرق طيبة (الأقصر الحالية). ولم تبدأ الحفائر العلمية المنظمة إلا فى عام 1903م، بوصول الأيطالى الشهير «إرنستو سيكياباريللى» -مدير المتحف المصرى فى تورينو- وحصوله على التصريح بالتنقيب فى الوادى من مصلحة الآثار، فنجح فى اكتشاف مقبرة الملكة الفاتنة نفرتارى، جميلة الجميلات.
ومنذ العثور على هذه المقبرة الجميلة، اعتبرت واحدة من أجمل المقابر التى أبدعتها مخيلة المصريين القدماء فكرًا وأداء، فبلغت الرسوم المصورة على جدرانها وممراتها 520 مترًا مربعًا من الجمال الساحر.
وحين اكتشفها سيكياباريللى فى عام 1904م، فتح الباب ليطل العالم على واحدة من أجمل الإبداعات الفنية فى العالم عبر تاريخ الفن البشرى الطويل، وعلى واحدة من أجل وأجمل المقابر القادمة من مصر الفرعونية ذات الرسوم التى تخلب الأبصار وتسحر العقول بجمال مناظرها وتنوع موضوعاتها ونقاء وصفاء ألوانها.
وأصبح من المفضل عند عشاق الجمال الراغبين فى نشدان البهجة زيارة هذه المقبرة للنهل من جمالها الأخاذ، وأصبح الجمال علامة وعنوانا عليها وعلى صاحبتها، جميلة الجميلات، كما كانت الحال فى حياتها الأولى المليئة بالجمال والحب والسعادة والعشق وفى عهد مليكها العاشق الأبدى لها ولجمالها التى كانت تنافس به حتحور ربة الحب والجمال عند قدماء المصريين، وتحول الطموح الفنى الذى راود وساور صاحبتها ومبدعيها إلى حقيقة واقعة واضحة كوضوح الشمس فى كبد السماء فى نهار مشمس رائق العذوبة.