صلاح فضل: بعض الإسلاميين يعارضون مواثيق حقوق الإنسان.. وحسام عقل: حديثى عن الخلل باليسار لا يعنى أن الإسلاميين «عسل»
تغريد الصبان
أوضح الدكتور صلاح فضل فى حديثه عن موقف المثقف الغائب من الصراع السياسى فى اللحظة الفاصلة من تاريخ مصر، فى مناظرة «المثقفون والصراع السياسي»، التى أدارها الإعلامى محمود شرف بين الناقد الأدبى د. صلاح فضل أستاذ النقد الأدبى بآداب عين شمس وبين الناقد الأدبى د.حسام عقل مدرس النقد الأدبى بآداب عين شمس، أن التطورات السياسية التى شهدتها مصر خلال العامين الماضيين تتلخص فى أننا ننتقل من عصور الاستبداد والطغيان إلى فكر الديمقراطية، فى حين أن ثقافة الديمقراطية عندنا لم تتأصل فينا بعد، وأهم عنصر فيها هو قبول التعدد والاختلاف وعدم سعى أى طرف على فرض آرائه ومبادئه على الفرد الآخر، بالإضافة إلى التعايش السلمى وفرائض الحرية الإنسانية، لذلك أى تيار سياسى يحاول استغلال الديمقراطية والقفز بها على التحول الديمقراطى، وهو ما يسمى بالانتهاز السياسى يكون قد خرج من السياق وخرج على قواعده ولا يكتب له الاستمرار.
وتساءل فضل: هل نحن مقبلون كما يتوهم الكثير على ردة ثقافية؟ بينما كانت فنوننا تبشر بشيء من الازدهار وتتنفس فى هامش من الحرية، موضحا أن جميع الشعوب فى سعيها للتقدم تعتمد على معايير ثابتة ومقياس لتقدم الإنسان الذى ينطبق علينا مثل الشعوب، منها التمسك بالحريات بكل أشكالها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مؤكدا أن أية محاولة لقص جناح الحرية هى ضرب للمكاسب الإنسانية والتقدم، وتساءل «لا أعرف لماذا أجد بعض المتأسلمين اليوم ممن يتخذون الدين للتجارة السياسية يقفون ضد المواثيق العالمية لحقوق الإنسان، أقول لهم لن يستطيع أى إنسان أن يفرض علينا شيئا لا يتوافق معنا، كما شدد على أنه لابد وأن ينبذ المجتمع دعاة الفرقة بين المسلم والمسيحي، مشيرا إلى أنه لا يعرف كيف خرج هؤلاء على المجتمع بدعوات متخلفة وتعتبر عارًا على تاريخ مصر فينبغى أن نبرأ ممن يقولها، واستشهد فضل بتجربة عضويته باللجنة الاستشارية للجمعية التأسيسية للدستور التى يقول عنها: عندما انتهينا من تقريرنا بضرورة تعديل 66 مادة من الدستور عرضناه على المستشار حسام الغريانى لعرضها على الجمعية، فطلب منا أن نترك الأوراق، فقلنا أننا لابد أن نعرضها على الجمعية لتوضيح وجهة نظرنا فى تعديل كل مادة، فرد علينا قائلا: الوقت ضيق .. وتم إخراج الدستور على عجل وبه ثغرات تفتح أبواب جهنم، رغم أن الدستور كان من الممكن أن يخرج مرضيا للجميع لو كان هناك قليل من التريث!!
بينما أوضح د.حسام عقل فى بداية كلمته اختلافه قليلا مع بعض مما قاله الدكتور فضل قائلا: إن الوطن المصرى يمر بمرحلة محتقنة، حيث تصور الكثيرون أن المشكلة تكمن فى إزاحة الطاغية واكتشفنا بعدها أننا دخلنا فى الاختبار الثانى وهو تعايش الفرقاء، وتساءل عقل هل يمكن لهذا الثالوث اليسارى والليبرالى والإسلامى أن يجلسوا إلى طاولة واحدة ويصنعوا عقدًا اجتماعيًا جديدًا؟، خاصة أننا نحتاج كل واحد منهم فاليسارى نحتاجه من أجل العدالة الاجتماعية أما الليبرالى فنحتاج منه الحريات المدنية، أما الإسلامى فنريد منه الوسطية المعتدلة لعمل المنظومة الوطنية .. هل يمكن أن نصنع ذلك من خلال حوار خلاق؟ .. هذا هو الاختبار الذى علينا أن نجتازه، واصفا تحدث الإسلاميين على الآخرين بمنطق الإلحاد والكفر والآخرين يتكلمون على الإسلاميين أنهم خارجون على العصر والوقت هو نوع من الشيطانية، مشيرا إلى أن الليبرالية الحالية ليست كالليبرالية التى كانت فى مطلع القرن الماضى بل أصبحت أكثر تسطيحا، فالليبرالية الآن استطاع مبارك أن يستثمرها وكان المثقفون جزءًا من هذا المشهد وقبل رحيل مبارك عقد لقاء مع 13 مثقفا وخرج أحدهم بعنوان «إنسانية رجال الرئيس» ولم يكن دم خالد سعيد قد جف بعد! ... وأكد عقل أن وظيفة المثقفين هى صناعة عقد اجتماعى جديد من خلال تبصير الناس بمعنى الحرية وتجلياتها السياسية والحياتية، وقال إن استنساخ تجارب اليسار العنيف لمصر، أمر مرفوض يهدد أمن مصر، مؤكدا أن تجربة «البلاك بلوك» هى استنساخ للغلو والتزمت وعلينا أن نرفضه.
كشف عقل عن أنه بعد حوار دار بينه وبين عصام العريان ومع أبو العز الحريرى وقيادات حزب الغد، وجد أن العيب يكاد يكون قاسمًا مشتركًا بين الثلاثة ومشتركين فى إغراق مصر لدخولهم فى تنظير سياسى شديد الخطورة، مستشهدا بواقعة تغطية التماثيل بالإسكندرية قائلا: كانت لى تجربة فى الحوار مع بعض الإسلاميين فبعد الثورة بعض الشباب قاموا بتغطية التماثيل فى الإسكندرية بناء على فتوى بتحريمها من أحد الدعاة الإسلاميين، وبدأت الأجواء تتكهرب، ووجدت النخبة المثقفة أضعف من أن تعالج الموقف، فخاطبت صاحب فتوى التحريم ودار حوار بيننا لمدة نصف ساعة وقلت له من سيسمع الفتوى من الممكن أن يتجه ليهدم أبو الهول فى حين أن عمرو بن العاص عندما جاء مصر لم يمس أى شيء له علاقة بالفراعنة، وبالفعل بعد حوارى معه، أصدر فتوى أخرى بأن التماثيل فى مصر ليست شركا بل تراثًا.. وهكذا تمكنت من حل المشكلة بالحوار وليس بالاتهامات المتبادلة.
ثم تناول الدكتور صلاح فضل بالنقد ما قاله عقل حول فضح النخبة المثقفة قبل اندلاع ثورة «25 يناير» المجيدة بلقاء الرئيس المخلوع «مبارك»، لافتا إلى أن عددا كبيرا من المثقفين هاجموا «مبارك»، وعارضوا على سبيل المثال قيام جامعة القاهرة بمنح زوجته سوزان مبارك شهادة الدكتوراه، فى حين أوضح عقل أن كلامه عن وجود خلل بالتيار اليسارى لا يعنى أن التيار الإسلامى «عسل»، بل هناك افتقار لديهم فى المعايير وأفق الحوار، وسبق أن قال للدكتور عصام العريان أن الدكتور هشام قنديل ليس رجل المرحلة، كما دارت بينى وبين عبد المنعم الشحات معركة عندما تحدث عن نجيب محفوظ.