الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بحر البقر».. على خريطة مصر التنموية

«بحر البقر».. على خريطة  مصر التنموية
«بحر البقر».. على خريطة مصر التنموية




المحافظات - أسامة فؤاد
وحنان عليوه وشيرين الفقى


سنوات عديدة ظلت محافظات الشرقية والقليوبية والدقهلية والإسماعيلية وبورسعيد تحت رحمة سلوكيات بشرية غير أمينة بعد أن تم تحويل مصرف بحر البقر لمرتع لمخلفات الصرف الصحى ما أدى لإصابة الكثيرين من المواطنين بالأمراض المختلفة، حيث انتابت الأهالى فرحة عارمة عقب توقيع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وتحالف (شركتى أوراسكوم / المقاولون العرب) عقد تنفيذ محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر بطاقة 5 ملايين متر مكعب / يوم، بقيمة 739 مليون دولار.

 

وتعد محطة المعالجة إحدى مكونات مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر الذى يعد أهم مشروعات برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء، والبالغ قيمته مليار دولار ما سيعمل على تعزيز منظومة إدارة موارد المياه من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة وتقليل الهدر فيها لاستخدامها فى زيادة الرقعة الزراعية بمصر بصفة عامة وشبه جزيرة سيناء بصفة خاصة.
ويتضمن المشروع إنشاء محطة لمعالجة مياه مصرف بحر البقر بطاقة تعد الأكبر على مستوى الجمهورية، يتم الاستفادة منها فى استصلاح وزراعة حوالى 330 ألف فدان شرق قناة السويس، بالإضافة إلى 70 ألف فدان تتم زراعتها حاليًا بمنطقتى سهل الطينة والقنطرة شرق ليصل إجمالى الأراضى المزروعة إلى 400 ألف فدان.
كما يشمل المشروع إنشاء مشروعات تنمية زراعية متكاملة (إنتاج زراعى وحيوانى وصناعي) وهو من شأنه زيادة كميات الصادرات وتقليل الواردات، ويهدف إلى خلق فرص عمل جديدة تصل إلى حوالى 40.2 ألف فرصة عمل مقسمة على مجالات التصنيع الزراعى والإنتاج الحيواني، وإدارة منظومة نقل ومعالجة المياه وتطهير الأنفاق والمجارى المائية، وأعمال التشييد والبناء.
وعانت قرى سنهرة ونامول مرورًا بأكثر من  10 عزب وصولًا لقرية مشتهر وكفر العرب التى يمر بها مصرف بحر البقر بمحافظة القليوبية، لفترات طويلة بسبب الأمراض فضلا عن انتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض، كل هذا بسبب إلقاء الأهالى بمخلفات الزراعة.
كما لجأ بعض الخارجين وضعاف النفوس إلى استخدام مياه المصرف فى الرى بدلًا من الرى من المياه العذبة نظرا لعدم وجود مياه بحرية لرى الأراضى الزراعية على جانبى المصرف وغيابها عن الترع لفترات طويلة، «، فضلا عن عدم وجود أسوار تحمى أبناءهم من المصرف، كما تتعرض كثير من السيارات للحوادث ، وفى الصيف تنتشر الحشرات، ناهيك عن انتشار الأمراض الناتجة عنه، ويواجه بعض الأهالى الأمر بشراء جراكن المياه بسبب اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي.
وسادت حالة من الفرحة على المزارعين عقب الإعلان عن اتفاقية قرض مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف « بحر البقر» والتى تعد واحدة من أفضل الاتفاقيات التى دشنتها الدولة خلال السنوات الأخيرة نظرا لكونها ستحافظ على الصحة العامة للمواطنين وتنقذ حياتهم.
ونفس الفرحة انتابت سكان مدن ومراكز محافظة الشرقية التى يمر بها بحر البقر، بعد علمهم باعتزام  الدولة تطويره وإنشاء محطة لمعالجة للمياه لحمايتهم من التلوث  والأمراض التى تنهش أجسادهم خاصة الجلدية والأمراض الفتاكة لاختلاطهما بالمياه التى يستخدمونها لرى أراضيهم الزراعية ووجود مزارع سمكية ضاره.
وقال محمود نصر عضو مجلس محلى المحافظة السابق عن مراكز فاقوس أنه منذ أن تأسس مصرف بحر البقر كان الهدف الأول أن يكون مصرف زراعى إلى أن تبدل الأمر بقرار حكومى بالسبعينيات ليتحول لكارثة بكل المقاييس بحق الإنسان فأصبح المصرف يستقبل الصرف الصحى المعالج والغير معالج لبعض المدن الكبرى التى تطل عليه فضلًا عن استقباله للمبيدات والأسمدة من الصرف الزراعى ومخلفات المصانع الثقيلة، وكانت الشرقية من أكثر المحافظات إصابة «بفيروس سي» قبل إطلاق الحملة الرئاسية 100 مليون صحة، كما تسببت الأسماك التى يتم تربيتها فى المزارع فى الإصابة بالأمراض الفيروسية والكبدية.
وأضاف حسن أبو الناس من فاقوس، أن  قرى مراكز فاقوس والحسينية وبلبيس الأكثر تضررًا من المصرف بسبب الرائحة الكريهة وانتشار أسراب الناموس والبعوض والحشرات الزاحفة والطائرة والتى تنقل لهم الأمراض.
من جانبه لفت النائب رائف تمراز، عضو مجلس النواب عن دائرة الحسينية، ووكيل لجنة الزراعة والرى والأمن الغذائي، إلى أن المصرف كان يهدد حياة الملايين حتى أن أهالى بحر البقر والقرى المحيطة يطلقون عليه لقب «الغول» لخطورته البالغة عليهم وصورته المرعبة حتى جاء قرار الحكومة بإقامة محطة لتنقية ومعالجة المياه بالمصرف.
فيما قال الدكتور عاطف عامر أستاذ الكيمياء بكلية علوم الزقازيق إن مياه بحر البقر يستغلها المزارعون فى رى أراضيهم الزراعية نظرًا لعدم وجود مياه صالحة للزراعة قريبة من حقولهم و هذه المياه ملوثة بكثير من الميكروبات والفطريات والعناصر الثقيلة وتحمل كثيرًا من المخلفات الكيميائية الضارة بالبيئة والتربة الزراعية  موضحًا أن هذا ينعكس على المحاصيل الزراعية وخاصة الخضروات مثل الجرجير والفجل والملوخية والخص والبصل والثوم والسبانخ والخيار والطماطم وباقى الخضروات ذات الجذور الصغيرة غير الممتدة بعمق داخل التربة الزراعية مشددًا على أن هذه المحاصيل تسبب حالات تسمم غذائي.
وأشار د. نبيل العطار،  إلى أن مصرف بحر البقر داخل محافظة الشرقية بطول  «100» كيلو متر تقريبا بداية من مدينة الزقازيق وفاقوس وأبو حماد وبلبيس والحسينية ويوجد بالحسينية حوالى 90الف فدان مزارع سمكيه تنمو آلاف الأطنان من الثروة السمكية على مياه المصرف المكون من خليط من الصرفيين الصحى والزراعى دون أن تمر بأى مرحلة معالجة ويتم بيع الأسماك للتجار ويحقق أصحاب المزارع مكاسب كبيره على حساب الأهالى.
كما ستنقذ محطة المعالجة بحيرة المنزلة بمحافظة الدقهلية من التلوث الذى يصب 2 مليون متر مكعب يوميا داخل مياه البحيرة من خلال مصرف بحر البقر، حيث يعد مصرف بحر البقر أكبر مصرف ملوث على مستوى الجمهورية ورغم إنشاء الحكومة لمحطة معالجة الجبل الأصفر الا أن كمية الملوثات أكبر من طاقة المحطة خمس مرات وبالتالى تصب بالكامل داخل المصرف الممتد مباشرة إلى بحيرة المنزلة.
وأكد الدكتور ياسر الجمل الخبير البيئى أن الأسماك الموجودة ببحيرة المنزلة تتغذى على مياه ملوثة بالبكتريا والفيروسات بالإضافة إلى البكتريا البرازية والمعوية والقولونية والمعوية وبالتالى يحتوى لحم الأسماك على نسبة من الملوثات التى تنتقل إلى الإنسان عن طريق الطعام بالإضافة إلى تركيز نسبة عالية من الملوثات فى منطقة الخياشيم والكبد ما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمراض خاصة الكبد الوبائى والفشل الكلوى والبلهارسيا بالإضافة للأمراض البكتيرية ويزيد من انتشار هذه الأمراض بين الصيادين التعامل المباشر مع المياه الملوثة ويقوم الصيادين بارتداء الأقنعة أثناء الصيد ونزول البحيرة معتقدين أنها تحميهم من التلوث وهذا غير صحيح لأن القناع يحمى العينين والفم من دخول الشوائب ولا يحمى الجلد من امتصاص الملوثات.
وأضاف أن هناك فى بحيرة المنزلة ظاهرة تربية المواشى داخل مناطق التعدى بالبحيرة وتتغذى تلك الحيوانات على ورد النيل والنباتات الموجودة بالبحيرة وهى مشبعة بالمياه الملوثة مما يؤدى فى النهاية إلى انتقال الأمراض والملوثات للإنسان من خلال لحوم تلك المواشى وأكبادها.
وقامت الدولة منذ عدة سنوات بإقامة مشروع محطة المعالجة البيولوجية على بحيرة المنزلة فى محاولة لتنقية جزء من مياه مصرف بحر البقر وهو يعالج 25 ألف متر مكعب يوميا من مياه الصرف من خلال المعالجة بالنباتات قائلا «ولكنها لا تكفى للقضاء على ملوثات المصرف الذى يصب مباشرة فى البحيرة».
وأوضح أن تقرير لجهاز شؤون البيئة أن إجمالى الصرف فى بحيرة المنزلة عام 2012 وصل إلى حوالى  6.86 مليار متر مكعب منها 6.64 مليار متر مكعب من الصرف الزراعي، و2.75 مليون متر مكعب من الصرف الصناعي، و226 مليون متر مكعب من الصرف الصحى.
وتصب فى بحيرة المنزلة على مسافات متباعدة 5 مصارف رئيسية: بحر البقر، وحادوس، والسرو، ورمسيس، وفارسكور. فى الأساس كانت مصارف زراعية لكن مع إنشاء مصانع كبرى بالقرب منها ومحطات صرف صحى أصبحت تلك المصارف تحمل أيضًا مياه الصرف الصناعى والصحي.
ويلقى تقرير وزارة البيئة بالمسئولية عن التلوث الصناعى فى البحيرة أساسا على 4 شركات كبرى أنشأتها الحكومة فى مطلع الستينات من القرن الماضى وتلقى بمخلفات سائلة غير معالجة فى مصرف بحر حادوس.