السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إبداع




 
عيد الربيع
 
شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم وبصرهم طريقنا ويخبروننا ما لم نخبره فيما فاتنا من أمورنا الحياتية فهم بمثابة توثيق وشهادة على عصرهم ونحن نخصص هذه المساحة من الإبداع للاحتفال بعيد الربيع.
 
يبدأ الربيع فلكياً عند الاعتدال الربيعى الذى يكون فى 21 مارس من كل عام، فلم يحظ أى شهر من شهور العام بمثل شهرة الربيع، فطالما تغنى به الشعراء فى قصائدهم باعتباره مثالا للبهجة والحياة 
 

 
أتاك الربيع الطلق
 
أتاكَ الربيعُ الطّلقُ يختالُ ضاحـكًا
 
وقدْ نبّهَ النوْرُوزُ فى غَلَسِ الدجى
 
يُـفــتِّــقُـهــا بَـرْدُ الــنــدى فـكـأنّـهُ
 
ومن شجـرٍ ردَّ الــربيعُ لِـبَــاسَــهُ
 
أحَـــلَّ ، فـأبْدَى للعـــيونِ بشاشةً
 
ورَقَّ نسـيمُ الريحِ حتى حَسِبْـتُهُ
 
من الـحُسْنِ حتّى كادَ أن يتكلّمَا
 
أوائِـلَ وَرْدٍ كُـنّ بالأمـسِ نـوّمَا
 
يـبُـثُّ حديثًا كان بالأمسِ مُكَتّمَا
 
عـليهِ كما نَـشَّرْتَ وشيًا مُنَمْنَمَا
 
وكانَ قـذًى للعينِ إذْ كان مُحرّمَا
 
يـجيءُ بـأنْـفَاسِ الأحـــبّةِ نُعّـمَا
 

 
الحب والربيع
جدّدى الحبَّ واذكرى لى الربيعا
 
أشتهى أن يلفَّنى ورق الأيكِ
 
آه دُرْ بى على الرِّفاق جميعاً
 
لا تقل لى أشتر المسرَّة والجاه
 
فلغيرى الدنيا وما فى حماها
 
أنا من أجله عصيتُ وعُدِّبْتُ
 
وبطيبِ الربيع أقتاتُ زهراً
 
فَهو حسبى زاداً إذا عَفَت الدُّنيا
 
إننى عشت للجمال تبيعا
 
وأثْوى خلف الزهورِ صريعا
 
واجعل الشمل فى الربيع جميعا
 
فإنِّنى حُسنَ الربى لن أبيعا
 
إننى أعشقُ الجمالَ الرفيعا
 
وأقسمتُ غيرهَ لن أطيعا
 
وعبيراً ولا أُكابد جوعا
 
وأقْوَتْ منازلاً وربوعا
 

 
ضحك الربيعُ إلى بكى الديم
 
ضحك الربيعُ إلى بكى الديم
 
من بين أخضرَ لابسٍ كمماً
 
متلاحق الأطراف متسقٌ
 
مُتَبلِّجِ الضَّحواتِ مُشرِقها
 
تجد الوحوشُ به كفايتَها
 
فظباؤه تضحى بمنتطَح
 
والروضُ فى قِطَع الزبرجد
 
طلٌّ يرقرقه على ورقٍ
 
وأرى البليغَ قُصورَ مُبْلغِه
 
والدولة ُ الزهراءُ والزمن
 
إن الربيعَ لكالشَّباب وإنْ
 
أشقائقَ النُّعمانِ بين رُبَى
 
غدتِ الشقائقُ وهْى واصفة
 
تَرَفٌ لأبصارٍ كُحلنَ بها
 
شُعَلٌ تزيدك فى النهار سنًى
 
أعجب بها شعلا على فحم
 
وكأنما لُمَعُ السوادِ إلى
 
حَدَقُ العواشق وسِّطَتْ مُقَلاً
 
يا للشقائق إنها قِسَمٌ
 
ما كان يُهدى مثلَها تُحفاً
 
وغدا يسوى النبتَ بالقممِ
 
خُضْراً، وأزهرَ غير ذى كُمَم
 
فكأنَّه قد طُمَّ بالجَلم
 
متأرّجُ الأسحار والعتم
 
والطيرُ فيه عتيدة ُ الطِّعَم
 
وحمامُه تَضْحِى بمختصم
 
والـياقوتُ تحت لآلىء ٍ تُؤم
 
هاتيك أو خيلانُ غالية ٍ
 
فغدا يهُزُّ أثائثَ الجُمم
 
الـهارُ حسبُك شافَيْى قَرَم
 
صيف يكسعه لكالهرم
 
نُعمانَ أنتِ محاسنُ النِّعم
 
آلاء ذى الجبروت والعظم
 
ليُرين كيف عجائبُ الحكم
 
وتُضيءُ فى مُحْلَوْلك الظُّلمِ
 
لم تشتعل فى ذلك الفحم
 
ما احمرَّ منها فى ضُحَى الرَهَم
 
نَهلت وعلّت من دموع دم
 
تُزهى بها الأبصارُ فى القسم
 
إلا تطوّل بارئِ النسم
 
غنِّى بأودية الربيع وطوفى
 
 
غَنِّى بأودية الربيع وطوفى
 
وَلَّى خريفُ العام بعد ربيعه
 
يا أخت طالعة الشموس تطلَّعى
 
والطير هدارٌ فأفقٌ أكدرٌ
 
لهفانَ يرتادُ الجداول باكياً
 
أهدى الشتاءُ إليه من نَغمِ الأسى
 
هذا بعبرته يجودُ وهذه
 
إنى لأذكرُ حقلنا وليالياً
 
ومراحنا بِقُرى الشمال وكوخَنا
 
نلقى الخمائلَ بالخمائلِ حولنا
 
ذكرى الطفولة أنتِ وحدك للصِّبا
 
يا رُبَّ رسمٍ من ربوعك دارسٍ
 
إنى طويتُ العيش بعدك ضارباً
 
صَدَفَ الفؤادُ عن الشباب ولهوه
 
يا رُبَّ ليلٍ دبَّ فى أحشائه
 
نقتافُ آثار الطيور شوارداً
 
شادٍ هنا وهناك رَنَّةُ مِزْهَر
 
والبدرُ نَقَّبهُ الغمامُ كأنه
 
والنهرُ سلسال الخرير كأنه
 
قومى عذارى الريف والتمسى الرُّبى
 
وتفيَّأى الدوحَ الظَّليل ومربأ
 
غُصن يطلُّ الفجرُ من ورقاتِه
 
أين الغديرُ عليه يخلع وشيَه
 
يا حبذا هو من مراحٍ للصبا
 
صُوَرٌ نزلن على بنانِ مصورٍ
 
أغرينَ بى حُلُمَ الطفولة والهوى
 
وصفى الطبيعةَ يا فتاةَ الريفِ
 
ولَكَمْ ربيعٍ مرَّ بعد خريفِ
 
للورد بين مفتَّحٍ وكفيفِ
 
يرمى الغمامَ به وأفقٌ يوفى
 
من كلِّ طيفٍ للربيع لطيفِ
 
صَخَبَ الرياح وأنَّةَ الشادوفِ
 
ما بين نقْسٍ فى الربى وزفيفِ
 
أزهرنَ فى ظلٍّ لديه وريفِ
 
تحت العرائش فى ظلالِ اللوفِ
 
متعانقاتٍ سابغاتِ الفوفِ
 
حُلُمٌ يرفِّه عنه بالتشويفِ
 
قَصُرَ الثواءُ به وطال وقوفى
 
فى الأرض منفرداً بغير أليفِ
 
ومضى عن الأحبابِ غير صدوفِ
 
منا لفيفٌ سار إثر لفيفِ
 
بين النخيلِ على رمال السِّيفِ
 
النجمُ فى خفقٍ له ورفيفِ
 
وجهٌ تألَّقَ من وراءِ نصيفِ
 
قيثارة سحريةُ التعزيفِ
 
نُضراً وغنى بالغدير وطوفى
 
للفنِّ تحت أزاهرٍ وقطوفِ
 
ويُقبِّلُ الأنداءَ جدَّ شغوفِ
 
صنعُ الأنامل رائعُ التفويفِ
 
والكوخُ من مشتىً لنا ومصيفِ
 
صُوِّرن من نسق أغرَّ شريفِ
 
وأثرنَ بى ذكرى ليالى الريفِ
 
وَفَدَ الرَّبِيعُ إِلَيْكِ قَبْلَ أَوَانِهِ
 
وَفَدَ الرَّبِيعُ إِلَيْكِ قَبْلَ أَوَانِهِ
 
مِنْ كُلِّ بَارِعَةِ الْجَمَالِ يُرَى بِهَا
 
فِى النَّظْمِ أَوْ فِى النَّثْرِ مِنْ طَاقَاتِهَا
 
نَمَّ البَدِيعُ بِحُسْنِهَا فَرَأَى النُّهَى
 
أَبْهِجْ بِإِكْلِيلِ الزَّفَافِ وَقَدْ جَلاَ
 
لَوْ شِئْتِ صِيغَ مِنَ الفَرِيدِ وَمَا وَفَى
 
هَلْ فِى يَدِ الدِّهْقَانِ أَبْهَجُ زِينَةً
 
صَفَتِ السَّمَاءُ فَخَالَفَتْ مِنْ عَهْدِهَا
 
شَفَّافَةً يُبْدِى جَمِيلُ نَقَائِهَا
 
جَادَتْ عَلَيْكِ بِشَمْسِهَا وَكَأَنَّهَا
 
هَذِى مَلِيكَاتُ الَّلآلِيءِ أَقْبَلَتْ
 
بَادٍ صَفَاءُ القَطْرِ فِى قَسِمَاتِهَا
 
ظَلَّتْ تَكَوَّنُ فِى حَشَى أَصْدَافِهَا
 
وَقَضَتْ عُصُوراً سَيِّدَاتِ بِحَارِهَا
 
حَتَّى إِذَا حُمِلَتْ إِليْكَ سَبِيَّةً
 
وَجَدَتْ عَزَاءً فِى رِحَابِكِ طَيِّباً
 
بِلِقَائِهَا حُسْناً يُضَاعِفُ مَا بِهَا
 
وَجِوَارِهَا شِيَماً كَرَائِمَ صُنْتِهَا
 
لاَ غَرْوَ أَنَّ المَاسَ أَكْرَمُ جَوْهَرٍ
 
كَمْ فِى مَنَاجِمِهِ تَسَهَّدَ كَوْكَبٌ
 
يَشْتَاقُ أَنْ يَلْقَى الصَّبَاحَ وَلَوْ تَوَى
 
حَتَّى حَلِيتِ بِهِ فَقَرَّ مُنَعَّماً
 
وَلَعَلَّ مُنْفَرِداً بِجِيدِكِ عَالِقاً
 
دُعِيَ اليَتِيمُ مِنَ التَّوَحُّدِ فَادَّعَى
 
وَمِنَ الكِيَاسَةِ وَهْوَ أَصْلَبُ جَوْهَرٍ
 
فَأَصَابَ عِنْدَكِ وَالشَّفَاعَةُ لاسْمِهِ
 
يُهْدِى حِلَى جَنَّاتِهِ الْفَيْحَاءِ
 
شَبَهٌ لِبَعْضِ خِلاَلِكِ الحَسْنَاءِ
 
لُطْفُ البَيَانِ وَرَوْنَقُ الإِخْفَاءِ
 
مِنْ فَنِّهَا مَا لَيْسَ بِالمُتَرَائِى
 
لِلْعَيْنِ كُلَّ أَثِيرَةٍ غَرَّاءِ
 
لَكِنْ أَبَيْتِ وَكَانَ خَيْرَ إِبَاءِ
 
مِنْ زِينَةِ البُسْتَانِ لِلْعَذْرَاءِ
 
وَالفَصْلُ لِلأَمْطَارِ وَالأَنْوَاءِ
 
مَا فِى ضَمِيركِ مِنْ جَمِيلِ نَقَاءِ
 
لَكِ تَسْتَقِلُّ جَلاَلَةَ الإِهْدَاءِ
 
تَفْتَرُّ عَنْ قِطَعٍ مِنَ اللأْلاَءِ
 
وَتَنَافُسِ الأَلْوَانِ وَالأَضْوَاءِ
 
كَتَكَوُّنِ الأَنْوَارِ فِى أَفْيَاءِ
 
يُسْعَى لَهَا مِنْ أَبْعَدِ الأَنْحَاءِ
 
مَجْلُوبَةً فِى جُمْلَةِ الآْلاَءِ
 
عَنْ عَزِّهَا المَاضِى وَأَيَّ عَزَاءِ
 
مِنْ رَوْنَقٍ وَنَفَاسَةٍ وَبَهَاءِ
 
فِى خِدْرِ عِصْمَتِهَا عَنِ الرُّقَبَاءِ
 
خَبَأَتْهُ أَرْضٌ مِنْ كُنُوزِ سَمَاءِ
 
مُتَوَاقِّداً كَأَخِيهِ فِى الظَّلْمَاءِ
 
وَيُسَاءُ أَنْ يَبْقَى سِرَاجَ مَسَاءِ
 
وَغَدَا تَحَرُّقُهُ تَوَهُّجَ مَاءِ
 
مُتَفَوِّقاً قَدْراً عَلَى النُّظَرَاءِ
 
حَقًّا عَلَيْكِ لِكُلِّ حِلْفِ شَقَاءِ
 
أَنْ رَقَّ رِقَّةَ أَدْمُعِ الْفُقَرَاءِ
 
حَظَّ اليَتيمِ وَفَازَ بِالإِيوَاءِ
 

 


 
آذارُ أَقبَلَ قُم بِنا يا صاحِ
 
آذارُ أَقبَلَ   قُم بِنا   يا صاحِ
 
وَاِجمَع نَدامى الظَرفِ تَحتَ    لِوائِهِ
 
صَفوٌ أُتيحَ فَخُذ لِنَفسِكَ    قِسطَها
 
وَاِجلِس بِضاحِكَةِ الرِياضِ    مُصَفِّقاً
 
وَاِستَأنِسَنَّ مِنَ السُقاةِ بِرُفقَةٍ
 
رَقَّت كَنُدمانِ المُلوكِ خِلالُهُم
 
وَاِجعَل صَبوحَكَ فى البُكورِ    سَليلَةً
 
مَهما فَضَضتَ دِنانَها   فَاِستَضحَكَت
 
تَطغى فَإِن ذَكَرَت كَريمَ أُصولِها
 
فِرعَونُ خَبَّأَها لِيَومِ فُتوحِهِ
 
ما بَينَ شادٍ فى المَجالِسِ أَيكُهُ
 
غَرِدٌ عَلى   أَوتارِهِ   يوحى إِلى
 
بيضُ القَلانِسِ فى سَوادِ    جَلابِبٍ
 
رَتَّلنَ فى أَوراقِهِنَّ مَلاحِناً
 
يَخطُرنَ بَينَ أَرائِكٍ وَمَنابِرٍ
 
مَلِكُ النَباتِ   فَكُلُّ   أَرضٍ دارُهُ
 
مَنشورَةٌ أَعلامُهُ مِن أَحمَرٍ
 
لَبِسَت لِمَقدَمِهِ الخَمائِلُ وَشيَها
 
يَغشى المَنازِلَ مِن لَواحِظِ نَرجِسٍ
 
وَرُؤوسُ مَنثورٍ خَفَضنَ لِعِزِّهِ
 
الوَردُ فى سُرُرِ الغُصونِ مُفَتَّحٍ
 
ضاحى المَواكِبِ فى الرِياضِ مُمَيَّزٌ
 
مَرَّ النَسيمُ بِصَفحَتَيهِ مُقبِلاً
 
هَتَكَ الرَدى مِن حُسنِهِ وَبَهائِهِ
 
يُنبيكَ مَصرَعُهُ وَكُلٌّ زائِلٌ
 
وَيَقائِقُ النَسرينِ فى أَغصانِها
 
وَالياسَمينُ لَطيفُهُ وَنَقِيُّهُ
 
مُتَأَلِّقٌ خَلَلَ الغُصونِ كَأَنَّهُ
 
وَالجُلَّنارُ دَمٌ عَلى أَوراقِهِ
 
وَكَأَنَّ مَخزونَ البَنَفسَجِ ثاكِلٌ
 
وَعَلى الخَواطِرِ رِقَّةٌ وَكَآبَةٌ
 
وَالسَروُ فى الحِبَرِ السَوابِغِ    كاشِفٌ
 
وَالنَخلُ مَمشوقُ العُذوقِ مُعَصَّبٌ
 
كَبَناتِ   فِرعَونٍ   شَهِدنَ مَواكِباً
 
وَتَرى الفَضاءَ كَحائِطٍ مِن    مَرمَرٍ
 
الغَيمُ فيهِ كَالنَعامِ بَدينَةٌ
 
وَالشَمسُ أَبهى مِن عَروسٍ    بُرقِعَت
 
وَالماءُ بِالوادى يُخالُ مَسارِباً
 
بَعَثَت لَهُ شَمسُ النَهارِ أَشِعَّةً
 
يَزهو عَلى وَرَقِ الغُصونِ نَثيرُها
 
وَجَرَت سَواقٍ كَالنَوادابِ بِالقُرى
 
الشاكِياتُ وَما عَرَفنَ صَبابَةً
 
مِن كُلِّ بادِيَةِ الضُلوعِ غَليلَةٍ
 
تَبكى إِذا رَتَبَت وَتَضحَكُ إِن هَفَت
 
هِيَ فى السَلاسِلِ وَالغُلولِ    وَجارُها
 
إِنّى لَأَذكُرُ بِالرَبيعِ وَحُسنِهِ
 
هَل كانَ إِلّا زَهرَةً كَزُهورِهِ
 
هَولَ كينِ مِصرُ رِوايَةٌ لاتَنتَهي
 
فيها مِنَ البُردِيِّ وَالمُزمورِ وَال
 
وَمِنا وَقِمبيزٌ إِلى إِسكَندَرٍ
 
تِلكَ الخَلائِقُ وَالدُهورُ خَزانَةٌ
 
أُفقُ البِلادِ وَأَنتَ بَينَ رُبوعِها