الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التجمعات العائلية فى رمضان من صلة الأرحام إلى جلسات النميمة

يلتف الأقارب حول مائدة الإفطار فى رمضان، فهى عادة أكثر منها عبادة بنية صلة الأرحام، والدليل على ذلك حلقات النميمة التى قد تدور فى كثير من تلك التجمعات العائلية، الأمر الذى يجعل التجمع العائلى سببا فى وقوع المعصية إن تحول إلى جلسة نميمة والحديث عن أحوال الغير.



لاشك أن النميمة العائلية والتى أصبحت سمة التجمعات الرمضانية بين الأهل تخالف طبيعة شهر الصوم المبارك ، وهو ما يؤكده الدكتور أحمد موافي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دارالعلوم فى جامعة القاهرة،

 قائلا: «من المؤسف أن تتحول عبادة إلى عادة سيئة، فكيف لنا أن نجتمع على النميمة فى رمضان، وهو شهر الطاعات؟ وكيف لنا نبدل صلة الأرحام بقطع الأواصر».

أضاف فى تصريحاته لـ»روزاليوسف»: الله - سبحانه وتعالى - فرض العبادات حتى يكتسب العبد الأخلاق من خلال ممارساته لها، وينبغى أن يخاف المتعبد من عدم ظهور أثر عباداته فى نفسه، ويعلم أنه فى خطر.

واستطرد الدكتور موافي: «النميمة تُعمق الحقد فى النفوس، وتُضمر الكراهية فى القلوب، وما أقبحها إن كانت فى رمضان.. والمسلم الممارس للعبادات ولكنه بعيد عن المنظومة الأخلاقية التى ارتبطت بتلك العبادات لا يجب أن يأمن لقاءه بالله حينما يجد - لسوء حظه - كل عباداته فى الدنيا غير مقبولة».

واستشهد أستاذ الشريعة الإسلامية بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «َمنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، ومعنى ذلك أن الصائم ليس له من صيامه سوى الامتناع عن الطعام والشراب، طالما أن سلوكياته تنافى تماما النتيجة المنطقية لصيامه أو صلاته.

من جانبه أوضح الدكتور أحمد عشماوي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، أن الإسلام كيان كامل لا يتجزأ، وجميع الفرائض تصب فى جانب الأخلاق، فمثلا الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصيام أيضا يدفع المسلم للإحساس بالمساكين والضعفاء، وبالتالى ينعكس ذلك فى شكل تضامن مع هؤلاء، متابعا: «ما يحدث على الموائد يتنافى مع ذلك المفهوم، من بذخ وجلسات نميمة تنافى الغرض الأساسى للتجمعات العائلية والذى يرمى فى الأساس إلى لم شمل العائلة فى رمضان، لكن فى كثير من الأحيان تتحول تلك التجمعات إلى قنابل اجتماعية تقطع أواصر الود بدلا من أن تعضدها».

وتابع أستاذ التفسير وعلوم القرآن: «المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم، فماذا تفيدنى عبادتك إذا كنت أنت صائما قائما وتؤذيني».

واستطرد: «إن الرسول لخص رسالته فى جملة واحدة: «إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق»، يتابع عشماوي: «كثير من الناس يؤدون العبادات بشكل موروثى روتيني، اتباعا لما وجدوا عليه الآباء والأجداد، والله لا يرضى أن يُعبد على جهل، فمشكلة الإنسان حينما يبطش بلسانه وبقدمه فهذا يعنى أنه منقوص الإيمان.

من ناحيته يستعرض الدكتور محمد متولى منصور، الأستاذ بجامعة الأزهر، أبرز مساوئ التجمعات العائلية فى رمضان: «تتنافس السيدات فى العائلة الواحدة على إعداد أضخم مأدبة إفطار، وسرعان ما تبدأ جلسات النميمة فى غرف النساء خاصة، وتنتقل تلك الأحاديث إلى الأزواج، وفجأة تتحول دعوة الإفطار إلى مناسبة لقطع الأواصر بسبب نميمة النساء».

يتابع الأستاذ بجامعة الأزهر: «نحن فى حاجة إلى توعية اجتماعية على أساس دينى لتناول العادات الاجتماعية السيئة التى تسلب رمضان فضله، مضيفا أن الناس يركزون على الإسلام الظاهرى فى هذه الآونة بفعل عوامل داخلية وخارجية كثيرة، من أهمها وسائل التواصل الاجتماعى التى دمرت الأخلاق لدى المسلمين وتحديدا الشباب، وإذا أصيبت الأمة فى أخلاقها فأقم عليها مأتما وعويلا، لكن يجب أن نبحث عن أسباب التردى الأخلاقى والمجتمعى».

وأشار الدكتور محمد متولى منصور إلى أن الأعمال الدرامية أحد تلك الأسباب التى ساهمت فى نصب جلسات النميمة داخل البيوت، أسوة بما يحدث فى بعض المسلسلات التى تُعرض فى رمضان، لافتا إلى أن الله لم يفترض فريضة إلا وذكر أسبابها، وهدف الصيام هو التقوى، وتأتى بالالتزام بمكارم الأخلاق».