الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تركيا قِبلة الإرهاب

أصبحت تركيا فى عهد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قِبلة للمتطرفين والإرهابيين والجهاديين، وأضحى أمراء داعش ونهجهم نموذجا يقتدى به ضباط شرطة تركيا بأوامر من حكومة «العدالة والتنمية»، إلى أن حظى أحدهم بلقب «ملاك الموت»، ففى الوقت الذى افتقدت فيه السجون التركية معانى الإنسانية والرحمة، واستشرى فساد الضباط، ظهر الضابط الملقب بـ»عزرائيل»، والذى قام بتعذيب الآلاف فى معتقلات القيادة العامة لقوات الدرك، وازدادت فى 16 يوليو 2016، إلى أن وقع أخيرا فى أيدى العدالة، إذ يطالب منظمات المجتمع المدنى فى تركيا بمحاكمة علنية يقتص فيها القضاء للضحايا.



ووفقًا لمئات الصفحات من محاضر المحكمة التى استعرضها الكاتب التركى عبدالله بوزكورت بموقع «نورديك مونيتور» السويدى، فقد تعرض ما يقرب من 2000 شخص لمعاملة وحشية فى عام 2016، حسبما كشفت تصريحات الضحايا فى المحكمة، وكان قائد الشرطة طاهر دارباز أوغلو الملقب بـ»ملاك الموت» هو المسئول عن حالات التعذيب مواقع الاحتجاز غير الرسمية التى أقيمت فى قلب العاصمة أنقرة بأوامر من حكومة أردوغان.

وأدلى الضحايا بشهاداتهم فى مختلف المحاكم التركية حول السياسة المنهجية والمتعمدة للتعذيب وسوء المعاملة للمحتجزين تحت مراقبة المسئولين الحكوميين، الذين رفضوا التحقيق فى الحوادث.

وقام فريق من الاستخبارات التركية بمساعدة الضابط المتهم فى تعذيب المعتقلين، إذ تعرض بعضهم للتحرش الجنسى والاغتصاب، واعتبروا زوجات الضحايا وبناتهن غنائم حرب، وهددوا باغتصابهن، وسرقوا ممتلكات المعتقلين الشخصية كالنقود والمجوهرات، بما فى ذلك خواتم الزفاف خلال تفتيش منازلهم، وشارك الضابط ومعاونيه فى جلد الضحايا وركلهم وتجريدهم من ملابسهم، وصعقهم بالكهرباء، والأمر الكارثى هو التكتم على وفاة العشرات منهم جراء الخنق حتى الموت داخل المعتقلات.

وقد أدلت إحدى الضحايا بشهادتها أمام محكمة اسطنبول، وهى «أتا أوغلو»، والتى قالت إن التعذيب تم فى موقعين رئيسيين، كانت إحداها عبارة عن قاعة رياضية تقع فى حى بشتيبى فى أنقرة ويديرها اتحاد الكرة الطائرة التركي، والتى ضمت ما يقرب من 1000 شخص، وعندنا حضر «دارباز اوغلو» تحول المكان إلى بركة من الدماء.. محاولين أن ينتزعوا منا اعترافات بجرائم لم نرتكبها وهى المشاركة فى تدبير انقلاب يوليو 2016».

أردوغان إرهابى فى المحاكم الأمريكية

ومن دعم التطرف بالداخل إلى دعمه بالخارج، فلا زال الرئيس التركى تلاحقه اتهامات دعم وتمويل الإرهاب، وهو ما تم توثيقه بالأدلة أمام القضاء الأمريكى بالأمس، خلال محاكمة أحد أذرع الجماعات الإرهابية التركية.

وكانت وزارة العدل الأمريكية قد أعلنت أن الإرهابى الأمريكى التركي، عمر كوزو، الذى اعتقلته قوات سوريا الديمقراطية فى أبريل 2019، أقر أمام المحكمة الجنائية الأمريكية بتكساس، بجرائمه فى دعم الإرهاب بتمويل وتخطيط من جماعات جهادية بتركيا.

وما يؤكد أن تركيا فى عهد أردوغان أصبحت بؤرة للفتن وملاذاً للإرهابيين، إذ يقصدها المتطرفون من كل أنحاء العالم لتلقى التدريبات والحصول على التمويل، والتجنيد بداعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية التابعة لتركيا فى الدول العربية، وهو ما قاله الكاتب التركى عبدالله بوزكورت بموقع نورديك مونيتور السويدى، أن الإرهابى «كوزو» الذى يواجه عقوبة بالسجن لمدة 20 عامًا، قد اعترف بالسفر مع شقيقه فى أكتوبر 2014 من الولايات المتحدة إلى اسطنبول، للانضمام إلى داعش فى العراق وسوريا.

خط سير الدواعش بتركيا

من إسطنبول إلى شانلى أورفا ثم إلى غازى عنتاب ومنها إلى إزميت وأخيراً للحدود التركية السورية، هذا هو خط سير المقاتلين المتطرفين الذين تجندهم تركيا بداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، وهو ما ذكرته الوثائق القضائية الأمريكية، إذ تم تهريب كوزو وشقيقه يوسف عبر الحدود التركية إلى سوريا عن طريق شبكة تهريب توفرها الاستخبارات التركية لداعش بعد وصولهم إلى إسطنبول وتلقيهم التدريبات اللازمة فى أحد المعسكرات السرية، ثم انتقلوا بالحافلة إلى مدينة شانلى أورفا جنوب شرق تركيا، للقيام بأحد الفنادق، والتى توفر لهم «تاكسى داعش» وسائل نقل خاصة بهم تنقلهم إلى غازى عنتاب لتلقى أجورهم، ثم ذهبوا إلى مدينة إزميت حيث تقيم أسرهم، وهو المكان المعروف ببيع ملابس مموهة للجيش البريطانى يرتديها مرتزقة تركيا المنضمين لداعش، كما يتم بيع ملابس عليها علم داعش الأسود، ثم تم التعاقد معه من قبل عناصر داعش على 125 ألف دولار شهرياً للعمل بمكتب اتصالات داعش.

ووصف الوكيل الخاص من مكتب التحقيقات الفيدرالى (أف بى أي)، أن محافظة شانلى أورفا الحدودية هى نقطة عبور حدودية للمتطرفين المسلحين.

وقد تم القبض على كوزو مع حوالى 1500 من مقاتلى داعش المشتبه بهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة، بالقرب من قرية الدشيشة فى مارس 2019 ، بعد فرارهم مع الجهاديين مع انهيار الخلافة التى أعلنها التنظيم فى سوريا. ثم تم تسليمهم إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى بأمريكا، ووُجِهت إليهم تهمة التآمر لتقديم الدعم المادى لداعش.

طبيب القاعدة فى قصر الرئاسة

وتتوالى أدلة رعاية أردوغان للإرهاب، إذ يعاود الإعلام التركى التابع للحزب الحاكم «العدالة والتنمية» استضافة مجرمين ومتورطين فى عمليات إرهابية تابعة للقاعدة، ومنهم دكتور تركى كانت الحكومة التركية قد منحته جائزة وهو هاكان بارلاكبينار، والذى تمت محاكمته بتهمة العمل لصالح خلية تركية تابعة للقاعدة «تحشياتشلار» بمدينة ملاطية.

ويعود استغلال المساجد ومقرات شيوخ الطوائف فى الإرهاب للواجهة، فبعد أن دُنست تلك الأماكن بحوادث الاعتداءات الجنسية واغتصاب الأطفال، وسرقة أموال التبرعات، كشفت فضيحة الطبيب المتطرف تورط كبار مشايخ تركيا فى العمل لدى تنظيم القاعدة، وهو المُلا محمد ونائبه جاكار أوغلو والشيخ يوسف سلامى اللذان تعاون معهما الطبيب المتطرف لجمع التمويلات للجماعة الإرهابية «تحشياتشلار» المعروفة بكونها منظمة دينية، لتغطية تكلفة العمليات الإرهابية، إذ تم القبض على «بارلاكبينار» برفقة 137 ألف دولارًا.

وكان الطبيب الإرهابى قد حصل على جائزة من قبل الرئيس التركى أردوغان الذى استضافه بقصره، وتسلمها شخصيًا من رئيس الأركان العامة ووزير الدفاع الحالى خلوصى أكار، فى حفل أقيم بمجلس البحوث التركى (TBİTAK)، رغم ما عُرِف عن ضلوعه فى أعمال إرهابية.