الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إشراقات  من سيرة النبى

إشراقات من سيرة النبى

فى شهر ربيع الأنور شهر مولد خير الأنام المصطفى صلى الله عليه وسلم ونحن نحتفى بالمولد النبوى يجدر بنا جميعًا أن نتذكر سيرته العطرة وكيف أنها تعد منهاج حياة لنا جميعًا، لو حققنا بعضها لحلت كثيرًا من مشاكلنا، ولأصبحت مجتمعاتنا أنموذجا عالميًا فى الرحمة والتسامح، والسلام، والوسطية، فنبينا ضرب أروع مثال فى الرحمة ومعاملة الزوجة.. والتسامح حتى مع الأعداء. 



ولعل الناظر فى سيرة النبى العطرة يجد العديد من المواقف المشرقة التى تمثل طريقًا منيرًا لنا، ومن تلك الإشراقات رحمته - صلى الله عليه وسلم- بمن حوله ليس فقط بالبشر وإنما بالحيوان والجماد، ولنا فى قصة حنين الجذع لرسول الله المثل الذى كان (صلى الله عليه وسلم) يخطب عليه، فلما صنعوا له منبرًا وصعد النبى (صلى الله عليه وسلم) عليه حنَّ الجِذْعُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): « إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَىءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ»

ومن اشراقات النبوة الخلق الكريم فقد كان الخلق الحسن صفة سيد المرسلين، وفى هذا يقول النبى صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاقِ) وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟ فَقَالَ : ( تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ) وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا )، ولقد سئلت السيدة عائشة رضى الله عنها عن رسول الله فقالت :» كان خلقه القرآن». 

ولقد وصف الله تعالى نبينا الكريم بالنور الذى يهدى إلى سبل السلامة من كل شر فى الدنيا والآخرة، ويخرج متبعيه من ظلام الجهل والضلال إلى نور الهداية والعلم، فقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ»

كما كان النبى نموذجا فى التعامل مع الزوجة, حيث كان تطبيقا عمليا لقوله تعالى :» مِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} لذلك نجده يُكثر من وصية أصحابه بالمرأة، ويحثُّ الأزواج أن يعاملوا أزواجهم معاملة حسنة مستمدَّة من آية الزواج القائمة على المودَّة والرحمة، فيقول رسول الله : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي»، كما وصفت السيدة عائشة -رضى الله عنها - حال رسول اللهr كزوج داخل بيته، فقد كان يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيُرَقِّعُ ثَوْبَه. فكان تعامله مع زوجاته من منطلق الرحمة والحب، كما أنه تعامل أيضًا من منطلق أنه بشر مثل باقى البشر الأسوياء، الذين لا يَرَوْنَ غضاضة فى مساعدة أزواجهم.

ومن الإشراقات النبوية التى تمتلأ بها سيرة خير الأنام تسامحه حتى مع من عداه، فقد دفع دياتِ مَنْ قُتِل منهم خطأً، وعفا عن كلُّ معتدٍ مسيء منهم جاء تائباً، وكان يُشيِّع جنائزهم، ويحضر ولائمهم، ويأكل من أطعمتهم، ويتعامل معهم فى التجارة، ويقترض منهم، حتى تُوفِّى صلى الله عليه وسلم ودرعُه مرهونة عند بعض اليهود فى المدينة، وقد شهد بسماحة النبى صلى الله عليه وسلم وتسامحه مع أهل الكتاب كثير من المستشرقين، فها هو «جوستاف لوبون» يقول: (إنَّ مُسامحة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لليهود والنصارى كانت عظيمةً إلى الغاية، وإنه لم يقل بِمِثْلِها مُؤسِّسو الأديان التى ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسار خلفاؤه على سُنَّته، وقد اعترف بذلك التَّسامح بعضُ علماء أوروبا المرتابون أو المؤمنون القليلون الذين أمعنوا النَّظر فى تاريخ العرب.

وكمة حق.. إننا بحاجة إلى أن نكون تابعين بحق لسيد المرسلين فى أفعاله وأخلاقه، وأن نعيد لمجتمعاتنا قيمها التى تاهت  مع تطور الحياة، وأن ننشر الأخلاق المحمدية فى العالمين، لأن رسالتنا كمسلمين هو أن نبلّغ العالمين حقيقة ديننا وسماحته ووسطيته وعدله من خلال التخلق بأخلاق سيد المرسلين.