بريد روزا
ظنون تؤرق حياتى
يكتبه أحمد عاطف آدم
تحية طيبة لبريد روزا والقائمين عليه وبعد...
أنا زوجة فى العقد الرابع من العمر تزوجت منذ ١٢ عامًا من موظف كان زميلاً لى بالمرحلة الجامعية ومن نفس سنى تقريبا، زواجنا جاء بعد قصة حب لا ينقصها الاحترام والالتزام، ما دفعه لخطبتى التى دامت لوقت قصير ثم تزوجنا بمباركة من الأهل، خاصة أننى كنت أعرفه جيدا ومتأكدة من أخلاقه وطيبته وعطائه اللامحدود مع كل أعضاء دفعتنا بالكلية، كما أنه تميز بأهم صفة أُحبها فى الرجل وهى الغيرة الشديدة على أهل بيته، تجلت أمامى تلك الصفة عندما أكد لأهلى عدم موافقته على أى عمل لى بعد زواجنا، بل وضع ذلك كشرط أساسى لاستقرار حياتنا الزوجية ولم أرفض بل شكرته وأثنيت على هذه الرغبة لديه فى الحفاظ علىَّ، بعد دخولنا عش الزوجية بشقته ورغم بعد المسافة بين المدينة التى تربيت فيها وبين مدينة زوجى بذات محافظتنا الساحلية إلا أنه كان يضرب دائما مثالا يحتذى به للزوج الراقِ الحنون فى تعامله ولا يبخل بأى شىء أحتاجه، رزقنا الله بثلاث فتيات آية فى الجمال وهو يعتبرهن أيقونة سعادته ومصدر رزقه الحقيقى، لكن كما كما يقال «دوام الحال من المحال»، وهذا ما حدث سيدى الفاضل بعدما تبدلت أحوالى من النقيض إلى النقيض، فأصبح لا يعنيه بعدى عنه - ليس بالساعات بل بالأيام،، فبعد أن طلبت منه الذهاب كل يوم خميس ساعتين لزيارة أهلى والعودة فى نفس اليوم فاجأنى بأنه يوافق على مبيتى الخميس والعودة الجمعة، لكننى أخبرته بأننى حريصة على المبيت بشقتى فى نفس يوم الزيارة إلا أنه أصر على مبيتى هناك والعودة فى اليوم التالى، فلم أمانع رغم ضيقى من ذلك لاعتبارها إهانة لم اعتدها من شريك حياتى الذى أحببته من كل قلبى، بعد عدة أشهر زادت منحته غير المبررة يوم آخر فأصبحت أذهب إلى بيت أهلى الأربعاء مساءً وأعود صباح السبت برغبته وطلبه، وفى ذات يوم من الأيام وعند عودتى لشقتى وجدت شيئًا غريبًا ينتظرنى وهو بعض الآثار لسهرة فى صالة الشقة مثل عدة أكواب لتناول المشروبات، وبسؤاله قال إنه يسهر مع ثلاثة من أصدقائه لإنهاء بعض الأعمال، علمًا بأنه يعمل بديوان إحدى الهيئات الكبرى وطبيعة عمله حساسه وتطلب الأمانة الشديدة، نهاية الأمر تقبلت على مضض لكن ظل عدم تقبل أشقائى لشقاوة أطفالى من المؤرقات الكبرى كل أسبوع، وعندما ذهب عمى لمعاتبته على هذا التصرف وتفريطه فى زوجته وأبنائه طيلة نصف أسبوع من كل أسبوع فأخبره بأنه يستقبل أصدقاءه فى هذه الأيام لإنهاء بعض الأمور الخاصة بعمله وهى ضرورية، كما أنه لا يحب أن تكون زوجته متواجدة أثناء تلك السهرات، وإحقاقا للحق فإنه لا يقصر فى واجباته كرجل متكفل بأسرة وزوجة بل يؤديها على أكمل وجه - إلا أن عادة سهره البغيضة تدفعنى دائما لشكوك فى نوعية تلك الأعمال الدائرة بينه وبين أصدقائه ومدى مشروعيتها أو خيانته الزوجية فى غيابى، فوجدت نفسى بشكل لا إرادى مختلفة فى معاملتى له عن ذى قبل ولا أشعر بالحميمية المعتادة ودفء المشاعر بيننا وأفكر فى طلب الطلاق للتخلص من هذا العذاب، فبماذا تنصحنى أستاذ أحمد!؟
إمضاء ث. ن
عزيزتى ث. ن تحية طيبة وبعد…
هناك بعض الأمور الشائكة أو المشاكل الزوجية التى ليس بمقدورنا سرعة أو رفاهية الحسم فيها، لذا لابد أن يكون الصبر هو سيد الموقف، بل إن غض الطرف أحيانا ولو بشكل جزئى يجب أن يكون حاضرًا وبقوة فى بعض الأحيان لرأب صدع هذا الخلاف كنوع من الحرص على دوام واستقرار تلك العلاقة المقدسة، وأنا لا أختلف معكِ على وجود ضغوط خانقة بسبب شعور اشقائك بعدم الراحة لإقامة أطفالك معهم نصف شهر تقريبا من كل شهر، ولكِ كل الحق فى الاعتراض على ذلك لامتلاككم مسكنًا مستقلًا، بالإضافة لبعض الشكوك الأخرى التى تراودك من حين لآخر، كما أنك حاولتِ التوضيح لزوجك عن طريق عمك بأن تصرفه غير مقنع على الإطلاق، وهو يبرر بأنه يحتاج الاختلاء بأصدقائه لإنهاء أعمال مشتركة بينهم،، لذا أنصحك باتباع طريقة اتصالية وإقناعية مذدوجة الاتجاهات لاحتواء الموقف قبل تعديل أسلوب حياة شريك حياتك وإعادتها لنصابها الصحيح، أما الاتجاه الأول فهو إقناع نفسك مجازاً بأن ما يحدث منه هو تصرف الهدف من ورائه هو استقراره وظيفياً، ذلك لتجنب الصدام معه أو حتى التفكير بشكل سلبى فى طبيعة هذا التجمع، ما يجرك للاندفاع عند مواجهته وتقويض أى فرصة للتفاهم فى مهدها، أما الاتجاه الثانى فيجب أن تسعين من خلاله لإيجاد أرض صلبة للحوار بينكما دون أى وسيط لكسب ثقته فيكِ، ولتعلمى أن طبيعة بعض الأشخاص قد تميل إلى ما يسمى بالإدمان الاجتماعى - وهو نوع من التعود على رؤية بعض من أفراد العائلة أو الأصدقاء بشكل يومى لمجرد التفاؤل بهم أو كسب مزيد من الخبرات عن طريقهم وما إلى ذلك من الأسباب الداخلية الخاصة بهذا النوع من الناس، لذا ينبغى معرفة حقيقة تلك المعاناة وإن كان وجودها حقيقيًا فيجب محاولة تغيير بوصلة هذا الإدمان لتتجه نحوك أنت وليس أصدقاءه، بتقديم المزيد من العطاء والتلاحم الوجدانى مع الصبر عليه، فى ذات الوقت يجب تنبيهه بذكاء أنك وبناته أصبحتم فى أمس الحاجة لقربه منكم أكثر من أى وقت مضى، لأن صغيراته بدأن الدخول فى مرحلة المراهقة ويحتجن إلى عطفه ومتابعته المستمرة، وهو رويدا رويدا سيشعر بالندم على تضييع وقته بعيدا عنكم، خاصة أنه وباعترافك لاغبارعليه كرجل مسئول لم يقصر فى جزء كبير من واجباته تجاهكم، وفى النهاية ثقى تماما بأن الله سبحانه وتعالى سيظهر لك بعدله كل الحقائق التى تنير لك دربك، ولتنحى فكرة الطلاق جانبًا الآن أو بلا رجعة كلما كان هناك بصيص من الأمل لاستقرار أسرتكم.
دمتِ سعيدة وموفقة دائما ث. ن