الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خاطرة

ثقب أسود

 والآن



 وها نحن هنا .. على الطريقِ نفسه

 خطواتٌ متعثرة .. وقد خُضنا التجربة

 لا هى بالصعبة .. ولا بالهينة

 كِدنا نقع فى الشرِك على حينِ غفلة منا

 وكاد القلبُ يهوى فى غياباتِ الجب

 مر العامُ .. وكأنه ورقَةَ خريفٌ صغيرة

  ما لبثت وقتاً طويلاً.. حتى ذبلت وبَهُتت ألوانُها

 فسقطت ولم تتحمل قوةَ الهواءِ ولا الرياح

 سقطت متطايرةً بلا هدف

 كانت الرياحُ هى قائدها طوالَ الرحلة

 سارت مع التيار بنفسِ المضمار

 كانت تظنُ أنها ستبقى أرضاً .. مثلَ الأخريات

 يدهَسُها المشاةُ على الطريق

 ولكنها كانت غيرهم .. لم تكن أبداً مثلهم

 ولن تكون مثلهم

 وفجأةً وجدت نفسَها ممزقةً

 أثناء سيرِها مع التيار .. وانتهت

 وكذلك انتهت القصة.. وقد أغلقت صفحاتِها

 ولم أترُكَ لها الفرصةَ للاكتمال

 أغلقتُ الكتابَ،

 بكلِ قسوة، وبكل ما أوتيتُ من قوة

 لم أعد أريدُ أن أُهمَّش .. لم أعد أُريدُ الخوف

 لم أعد أُريدُ السُّكون .. عامٌ مَليءٌ بالذكريات

 يختلِطُ حُلوها ومُرُها.. تكتَشِفُ ذاتَك فيه

 ترى مَخاوِفَكَ

 وقد تَراءَت أمام عينيك على حينِ غَفلة

 تراها وقد تَمَكَّنَت مِنك

 ألجَمَتكَ وقيَدَتكَ بأغلالٍ من حديد

 الآن تراها جيداً.. وتَعيها بوضوح

 تراها وهى تقف أمامك

 كالمرأةِ المجنونة.. مُشعَثَةَ الشعر.. مزريةَ الهيئة

 تَرفَعُ ذِراعيها أمامك كالجناحينِ الأسودين

 تَحجِبُ رُؤيةَ الحقيقةَ عنكَ

 وتَضحَكُ بِهيستيريا مخيفة

 

 فتَظهَرُ أنيابُها كوَحشٍ كاسرٍ مُخيف

 ضَحِكَةٌ شِريرةٌ مَجنونَةٌ مُتَقَطِعَة

 الآنَ وقد صُعِقت.. ذُهِلت

 تَجِدَكَ مُحاصَراً.. تَكبَرُ المَخاوِفُ وتَزدادُ

 حتى تُصبِحَ هالة كبيرة

تتحول فى لحظاتٍ

 دون أن تشعرَ

 تُحاوِطُكَ من جميع الاتجاهات

 تنتشرُ وتتوغلُ.. تَنتَبِهُ لها

 تُحاوِلَ أن تَجِدَ المَخرَجَ سريعاً

 تَرغَبُ بالخلاصِ

 ولكن عقلك لا يجدُ لك سوى الهروبِ منها

 وقد شُلَّ تفكيرهُ.. وتَبَخَرَت حُلولُه

 وقلبُك تُقرَعُ فيه طُبولُ الحرب

 وتخرُجُ منه صُعوداً للرئتينِ ثم الحَنجَرة

 فتُحدِثُ لديكَ اختناقاً رَهيباً

 وكأنَ الهواءَ قد خلا من حَولِك

فلا تستطيعُ التنفسَ

 تَرتَعِدُ رُعباً.. أطرافُكَ فقدت السيطرةَ

 وسارت داخلَها قشعريرةٌ باردةٌ

 وتَتَفَصَدُ عَرَقاً.. أما طُبولُ الحربِ داخلك

 فيَعلو صوتَها وضَجيجَها حتى تصلَ إلى رَأَسَكَ

 وتزدادُ ويعلو صوتُها المزعجُ

   تكادُ تَنفَجِرُ أُذنَيكَ ضَجيجاً

لا ترى أَمامَكَ سوى أنها تحولت لهوَةٍ كبيرةٍ واسعة

 تدورُ حولَ نفسها بلا نهاية

 تَظلُ تَدورُ وتَدورُ وتَدورُ

 فتَدورُ معها بِكلِ هدوءٍ حولَ نَفسِكَ باستمرار

  وكأنكَ مُنَومٌ مَغناطيسياً،

  فتَشعرَ بالتعبِ والإجهاد

وتَجِدَ ما يجذبُكَ داخِلها

  إنَّه لثُقباً أَسوَدٌ،

  يخَتَطَفُكَ للداخلَ بقوةٍ وسرعة،

  فأنتَ نائِمٌ...تائِهٌ.... مُتعَبٌ

  خائِفٌ من كلِ شيء

  حتى صار خوفُكَ ثُقبٌ أَسوداً رهيباً

  يبتلعُ كل ما رآهُ داخِلكَ

  ويبتلعُكَ أنت أيضاً .. فيعتَقِلُكَ

  وتُصبِحُ أسيراً لمَخاوفَكَ

  والتى تحوَلت من عَجوزٍ شَمطاءٍ كَريهةٍ

تَسخَرُ منك بِجنونٍ وهيستيريا

  إلى ثُقبٍ قَميءٍ لا تستطيعُ الهروبَ،

  لا يدعُ لك الفرصةَ..  اُعتُقِلتُ وانتهى أَمرُكَ

  وقد سَلَّمتُ له مَفاتيحُ أَسرِكَ