الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرابعة منذ استفتاء بريكست.. والثالثة بعد مارجريت وماى

ليز تراس.. «ظل تاتشر»

فى مشهد تمثيلى، أدت تلميذة بعمر 7 سنوات، تدعى ليز تراس، دور رئيسة الوزراء، مارجريت تاتشر، بمحاكاة للانتخابات بمدرسة بريطانية بـ1983.



بعدها، سارت الحياة فى ومضات ضوء سريعة؛ فكبرت التلميذة التى قدمت أداء بائسا كـ”تاتشر” صغيرة ولم تحصل على أى صوت من زملائها، وتعلمت وعملت واقتحمت السياسة والحكومة، وتولت المنصب الذى حلمت به صغيرة.

وبعد 39 عاما كاملة من المشهد التمثيلي، انتهزت تراس الفرصة مجددا، ولكن فى الواقع وليس المحاكاة، واتبعت المرأة الحديدية بشكل حقيقي، وأصبحت زعيمة لحزب المحافظين ورئيسة للوزراء.

تراس صعدت إلى المنصب الرفيع، بعد أن أمضت سنوات فى بناء علاقات مع جمعيات الناخبين، وظلت موالية لرئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون خلال أحلك أيام رئاسته للوزراء.

وبعيدا عن التصريحات والخطط، اتهمت تراس خلال حملة الفوز بزعامة المحافظين، بأنها تقلد السياسية الراحلة المحبوبة فى الحزب تاتشر، من خلال الملابس والمظهر الخارجى مثل ارتداء قبعة من الفرو. 

الأكثر من ذلك، أن تراس تقلد تاتشر عبر الحديث عن الحرية والتجارة الحرة، وتخفيض الضرائب، وهى الأجندة المميزة للسياسية الراحلة.

ولا تمثل مثل هذه المقارنات عيبًا واضحًا عندما يتعلق الأمر بالحصول على الدعم من أعضاء حزب المحافظين الذين يكنون احتراما كبيرا لزعيمة الحزب الراحلة تاتشر، رغم انتقاد معارضى تراس لها، ووصفها بأنها “تفتقر للمبادئ التى كانت تعتنقها تاتشر”.

وبذلك، تصبح تراس (47 عاما) التى ظلت وفية حتى النهاية لبوريس جونسون حين سجلت استقالات بالعشرات من السلطة التنفيذية بداية يوليو رئيسة الوزراء الرابعة فى بريطانيا منذ الاستفتاء على بريكست فى 2016، والمرأة الثالثة التى تتولى هذا المنصب فى تاريخ المملكة المتحدة بعد مارغريت تاتشر وتيريزا ماي.

وعلى جدول أعمال تراس الأيام القادمة، عدد من النشاطات المعلنة، تبدأ اليوم  تسلم المهام من بوريس جونسون؛ الذى سيلقى خطاب وداع خارج مقر الحكومة فى «10 داوننج ستريت» قبل أن يتوجه إلى بالمورال فى أسكتلندا ليطلب من الملكة إليزابيث قبول استقالته.

وغدًا، ستترأس أول اجتماع لمجلس الوزراء تحت قيادتها، وتناقش مع أعضاء الحكومة القضايا ذات الأولوية بما فى ذلك أزمة تكلفة المعيشة، وفى المساء ستكون بمجلس العموم للإجابة على أسئلة المشرعين.

 

السياسات المتوقعة

 

الضرائب والاقتصاد

 

تتمثل الأولوية الاقتصادية فى خفض الضرائب، حيث وعدت باستعادة الاقتصاد المتعثر ومساعدة الناس فى فواتير الطاقة المرتفعة، وإلغاء الزيادة الأخيرة فى التأمين الوطنى وإلغاء الزيادة المقررة فى ضريبة الشركات، بتكلفة مجمعة تبلغ حوالى 30 مليار جنيه إسترلينى سنويًا، وخفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5٪ أو خفض ضريبة الدخل لمساعدة ميزانيات الأسرة.

 

الشئون الداخلية

 

وعدت بمضاعفة سياسة ترحيل طالبى اللجوء وغيرهم من المهاجرين والبحث عن دول أخرى تستقبلهم، ومن المرجح أن تمضى قدمًا فى خطط ما يسمى بقانون الحقوق البريطانى، مع توفير حماية أقل لطالبى اللجوء وغيرهم.

 

المناخ والطاقة 

 

شددت على التزامها بهدف صافى الصفر الحالى فى المملكة المتحدة والتركيز على الطاقة المتجددة، فى المقابل، هى تدعم التكسير الغازى الصخرى ودعمت توسع كبير فى الطاقة النووية. لم تتحدث عن الجهود المبذولة للحد من استهلاك الطاقة.

 

الرعاية الصحية

 

وعدت بعكس ارتفاع التأمين الوطنى بهدف توفير النقد أولاً للمساعدة فى إزالة تراكم إجراءات الرعاية الصحية المتفاقمة، وعلى المدى الطويل للدفع من أجل رعاية اجتماعية أفضل.

 

السياسة الخارجية 

 

بالنظر إلى أن تروس كانت وزيرة خارجية فى حكومة جونسون، لذلك من المتوقع المزيد من الدعم القوى لأوكرانيا، الكثير من الصلابة بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية.

 

«المرأة الحديدية» الجديدة

 

من مواليد مدينة أوكسفورد جنوب وسط إنجلترا عام 1975، تنتمى لأسرة من الطبقة المتوسطة ذات قناعات يسارية قوية.

فى أول احتكاك عملى بالسياسة، ترشحت تراس للبرلمان بالانتخابات العامة لعام 2001، لكنها خسرت، ثم تعرضت لخسارة جديدة فى انتخابات عام 2005.

ورغم الهزائم السياسية المتعددة سواء فى المحاكاة أو الواقع، لم تتأثر طموحات تراس السياسية، حيث جرى انتخابها كعضو مجلس محلى عام 2006.

ثم وضع زعيم حزب المحافظين الأسبق، ديفيد كاميرون، تراس، على «قائمة أ» للمرشحين ذوى الأولوية لانتخابات البرلمان عام 2010، بل جرى اختيارها للمنافسة على المقعد الآمن لحزب المحافظين فى جنوب غرب نورفولك، ما ضمن لها التواجد بالبرلمان لأول مرة.

لكنها سرعان ما واجهت معركة ضد إلغاء الاختيار من قبل جمعية حزب المحافظين، بعد أن تم الكشف عن أنها كانت على علاقة غرامية مع حزب المحافظين مارك فيلد قبل بضع سنوات. وفى عام 2012، وبعد أكثر من عامين بقليل من دخول البرلمان، دخلت تراس الحكومة كوزيرة للتعليم، قبل أن تصبح وزيرة للبيئة فى 2014.

كانت ثانى امرأة تتولى وزارة الخارجية، وتلقب بالمرأة الحديدية، أسهمت فى فرض عقوبات على موسكو والأوليجارشية الروسية بعد حرب أوكرانيا.

شغلت عدة مناصب وزارية، ولعبت دورًا فى التفاوض على اتفاقيات التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى عندما كانت وزيرة للتجارة الدولية، قبل أن تصل إلى منصبها الحالى.

وفى حكومة رئيسة الوزراء تريزا ماى، شغلت تراس منصب وزيرة العدل قبل أن تنتقل إلى منصب وزير الخزانة.

ومع وصول بوريس جونسون لرئاسة الوزراء فى عام 2019، جرى نقل تراس إلى وزيرة التجارة الدولية، وهى وظيفة كانت تعنى مقابلة قادة سياسيين ورجال أعمال عالميين بشكل مستمر.. 

وفى عام 2021، عندما كانت تبلغ من العمر 46 عامًا، انتقلت إلى واحدة من أرفع الوظائف فى الحكومة، وتولت منصب وزيرة الخارجية خلفا لدومينيك راب.

 

ليز تراس VS قادة العالم

 

أمريكا 

تدرك إدارة بايدن جيدًا أن ليز تروس ليست رفيقة أيديولوجية وأن لديها علاقات جيدة مع الجمهوريين، ولكن فيما يتعلق بأولويات السياسة الخارجية الأمريكية، ومواجهة واحتواء الصين وروسيا، هناك ثقة فى واشنطن بأنها ستكون حليفًا موثوقًا به. 

الاتحاد الأوروبى

موقف المواجهة الذى اتخذته ليز تروس بشأن مستقبل بروتوكول أيرلندا الشمالية ربما يلين فى داونينج ستريت، ويبدو أن تروس ستناقش المشاكل التى ورثتها ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ما يوفر وقتًا للتسوية، ويعتبر 15 سبتمبر حاسم، عندما ستحتاج الحكومة إلى الرد على الإجراء القانونى للاتحاد الأوروبى.

 فرنسا

كانت العلاقات فى أدنى مستوياتها منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وتوترت بشكل أكبر بسبب الخلافات الثنائية حول معابر المهاجرين واللاجئين، وتراخيص الصيد واتفاقية أوكوس الأمنية. لم تعد باريس تثق فى أن لندن ستفى بوعدها، بينما تعتقد لندن أن باريس لا تهتم إلا بمعاقبتها على مغادرة الاتحاد الأوروبى، وتبدو الآمال فى ذوبان الجليد بعد رحيل بوريس جونسون الآن بائسة. 

أوكرانيا

وصفت نفسها بأنها “مناضلة من أجل الحرية”، وقد تعهدت بأن يكون رئيس أوكرانيا هو أول زعيم أجنبى تتصل به من داونينج ستريت.

ومع ذلك، يمكن القول إن تراس وقعت فى الفخ، باصرارها على وجوب طرد روسيا من شبه جزيرة القرم، التى ضمتها بشكل غير قانونى فى عام 2014.