الجمعة 21 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

قلبى يرفض وعقلى يفكر

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدة من القاهرة أبلغ من العمر ٤٠ عامًا، وأعيش بإحدى الدول العربية، تزوجت فى سن الخامسة والعشرين، من رجل يعلم الله وحده مدى حبى وإخلاصى له، طوال فترة زواجنا،، سافر إلى إحدى الدول العربية بعد دخولنا عش الزوجية بثلاثة أعوام، رُزِقنا خلالها بولدين توأم، ثم سافرنا للاستقرار معه،، فى بداية رحلة كفاحنا بالغربة عانينا من صعوبات كثيرة، اضطررت على إثرها بيع مصوغاتى الذهبية والبحث عن فرصة عمل، كان ذلك أمرًا يسيرًا بفضل الله ثم حصولى على بكالوريوس تربية، عملت بإحدى المدارس، وهو امتلك مشروعًا لتجارة الخضراوات والفاكهة بدلًا من يوميات البناء والتشييد، التى امتهنها لوقت طويل دون مردود يذكر، أو تحقيق ثبات وأمان مهنى، استمرت العِشرة بيننا خمس سنوات، قبل أن نصل لمفترق الطرق وحدوث الطلاق، بسبب سيدة مصرية مطلقة تعرف عليها هنا وسيطرت على تفكيره، أبلغنى فى النهاية وبدم بارد أنه سيتزوجها - لم أصدق ما سمعته بعد كل تضحياتى، ولا أعرف حتى الآن كيف نسى كل صبرى وتعبى لأجله،، طلبت الطلاق دون نقاش، وتحقق لى ما أردت بلا أى حقوق، أو حتى محاولة استرضائى لأستمر فى حياته - كأنه ينتظر هذا الحدث بفارغ الصبر ويخطط له، تم الطلاق بيننا منذ ١٠ أعوام، وتزوج تلك السيدة وعادا إلى مصر واستقرا معًا هناك، وأنا قررت البقاء هنا لأعمل من أجل أبنائى بشرف، كرهت الزواج ورفضت كل العروض من رجال مصريين وغير مصريين، فكرت فى صغارى ومشاعرهم عندما يكبرون، كذلك عدم ضمانى الفوز برجل يكون أحن عليهم من غربتنا الكئيبة، وبعدهم عن وطنهم، بقيت دون زواج.. وطليقى ووالد أبنائى انفصل عن زوجته الثانية منذ عام، خسر كل تجارته بالقاهرة، ويريد الآن إعادتى إليه ولم شمل الأسرة - لكننى سيدى الفاضل أشعر بضيق شديد وعدم قدرة على اتخاذ القرار المناسب، بعدما رمانى بسهام الغدر وقهرنى بالزواج الثاني،، رغمًا عني، ولا أنكر أننى كنت صاحبة قرار الطلاق وتفضيله على أن أكون زوجة ثانية، كما أننى انتظرت منه تصويب الخطأ سريعًا والعودة لى ولأحضان أبنائه، وترك تلك السيدة التى استباحت تدمير أسرة بأكملها - إلا أنه ظل معها لسنوات، يكتفى بمشاهدة صور أبنائه وهم يكبرون خارج حدود الوطن، لا يهتم حتى بإرسال أى مبالغ لهم، معتمدًا على رحلتى الطويلة وصبرى،، كنت أتحجج بالاتصال به لمحاولة استعطافه بطريقة غير مباشرة، ربما يعيد حساباته، وهو لم يحرك ساكنًا، العِشرة بيننا تركت أثرًا من الحب بداخلى، كان هو الدافع لتلك المذلة، قبل أن أفقد ثقتى تمامًا فيه، بكيت حقوقى المهدرة مع رجل لا يستحق،،، والآن يحاول الاتصال بى مرارًا وتكرارًا، راجيًا العفو، يطالبنى بالعودة إلى مصر وإعادة المياه إلى مجاريها، يتحدث عن مستقبل أبنائه بعد أن وصلوا للمرحلة الثانوية وضرورة احتضانه لهم، يطلب وساطتهم كى أسامحه،، وهما يحاولان تبرير ظلمه بأنه إنسان يصيب ويخطئ،، وهو يقترح على العودة إلى مصر والاكتفاء بما حققته من أموال - لكن من بين أكثر الأسباب المقلقة التى تدفعنى لرفض عرضه هو حاله البائس وتواكله،، رغم حصوله على بكالوريوس علوم لم يفكر فى الالتحاق بوظيفة تناسب مؤهله المرموق،، يكتفى فقط بتنقلات متواضعة بين أكثر من عمل لا يناسب مكانته الاجتماعية، وأنا أخشى انضمامه إلينا حتى لا أخسر كل شىء، عملى وسمعتى كمدرسة رياضيات ناجحة،،، ولا أضمن إذا كان عرف قيمتى حقًا، وندم على أفعاله وتقصيره، أم مازال انتهازيًّا وأنانيًّا، فماذا أفعل أستاذ أحمد!؟

إمضاء و. ح

 

عزيزتى و.ح تحية طيبة وبعد…

أحييكِ على أصالتك وقيمتك الكبيرة كنموذج مشرف للمرأة، وهو أمر معتاد من سيدات مصر المخلصات الفضليات،، لم تقفى عاجزة أمام تخبط زوجك قبل انفصالكما، حاولتِ مساعدته على تصويب مسار بوصلته المشوشة، بعتِ مشغولاتك الذهبية من أجله، تكبدتِ مشقة العمل وأنتِ غير مطالبة به، إلى جانب مسئولية رعاية صغارك، لكنه فشل مجددًا فى الخروج من كبواته المهنية المتكررة، ولم يتدبر أمره سريعًا بالبحث عن عمل يناسب مؤهله وقدراته، بل فضل تعميق أثر ترنحه فى الحياة بالزواج الثانى - كأنه ينتحر اجتماعيًّا، ويتخلص بمحض إرادته من أهم منحة ربانية، وهى خير متاع الدنيا - الزوجة الصالحة - هذا التصرف العبثى أصبح ظاهرة بغيضة تستفحل وتتوغل فى مجتمعاتنا العربية بصفة عامة، وتستحق الوقوف عندها، لأن الزواج الثانى بلا مبرر أو هدف غير القهر والقتل المعنوى للزوجة المسكينة وأبنائها، يعد بمثابة خللًا اجتماعيًا ونفسيًا، وخيانة لهمة المرأة وشهامتها، التى لا وجود لها بالمجتمعات الغربية،،، وبرغم التفاصيل السابقة لمشكلتك، وبعد إحقاق الحق فيها، ووضع الأمور فى نصابها الصحيح، والإشادة بقدر وقيمة المرأة، وضرورة الحفاظ على كرامتها وقيمتها الشاهقة فى حياة أى رجل، يتمتع بضمير حى، أجد نفسى أميل لمنح زوجك فرصة مشروطة للعودة، حتى وإن كانت ضعيفة، تغليبًا للاستقرار الأسرى والحفاظ على لحمة العائلة، ذلك فى حالة توفر الرغبة لديكِ فى منحه تلك الفرصة، لأجل أبنائكما.. أنصحكِ بمطالبته البحث عن عمل ثابت بمصر يناسب مكانته العلمية أولًا، وتشجيعه على امتلاك إرادة البدء من جديد، ذكريه بأن ابنيه اللذَين يطلبا منكِ الصفح عنه، ونسيان تقصيره فى حقوقكم من أجله، يستحقان منه أن ينجح فى عودته إليهما، أبا مسئولًا حنونًا يعوضهما عما فات من هجر،، كما اقترح حصولك على إجازة من الدولة التى تعملين بها، حتى يُظهر هو رغبة واضحة فى تغيير قناعاته واتجاهاته، ليكون من حقك حينها أن تعتمدى على قيادته لدفة سفينتكم كرجل مكلف، أما وإن سعى بمصر ولم يكتب له التوفيق قدريًّا فى هذا السن، لتحقيق استقرار مهنى، وكان بإمكانك تقديم تضحية غير جديدة على أصالتك المعهودة، فلا غضاضة من البدء بمشروع يضع فيه كل طاقته وهمته لإنجاحه، سواء بمصر، أو بالغربة وتعودى أنتِ لعملك هناك، ومن الممكن أن يساعده أبنائكما قدر استطاعتهما، لترسيخ قيمة قربهما منه وشد أزره، هنا تكون كل الخيارات مطروحة عليه، وتبقى فقط نيته فى استغلال فرصة الاستمتاع بدفء وحميمية تلك المشاعر الرائعة، والتشبث بها، لتعويض ما فاته من إخفاقات طيلة سنوات،، وأذكركِ بأن تنازلك وصفحك الجميل ليس ضعفًا أو خضوعًا - لكنه امتداد لتلك القيم الجميلة التى تربيتِ عليها، وأنا وغيرى من قراء بريد روزا نفتخر بها جميعًا.. يقول الروائى والناقد الفرنسى الشهير «أناتول فرانس» عن المرأة: «هى أكبر مربية للرجل، تعلمه الفضائل الجميلة وأدب السلوك ورقة الشعور»، وإذا نظرنا لحقيقة تلك المقولة البليغة سنجدها حقيقة مؤكدة، لأنها تبقى هى الأم أعظم مربية فى حياة الرجل، والزوجة الحبيبة الرقيقة التى تحافظ على مشاعر زوجها بآدابها الخاصة، ورقتها البديعة... فحافظوا عليها تحافظ عليكم وتسعدكم. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا و. ح