السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عودة «الميرغنى».. و«ملء الفراغ» السياسى فى السودان

وسط استقبال شعبى واسع، عاد القطب السودانى السيد محمد عثمان الميرغنى زعيم الطريقة الختمية ورئيس الحزب الاتحاد «الأصل»، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، بعد فترة غياب امتدت لعقد من الزمان، اختار أن يبتعد خلالها فى القاهرة، متابعا ومراقبا للمشهد السودانى عن بعد طوال تلك السنوات. المشهد الاحتفالى الذى قوبل به زعيم الحزب الاتحادى العريق فى السودان، ربما غاب عن الشارع السودانى خلال الفترة الماضية  الذى لم يشهد سوى انقسامات واحتجاجات ومواجهات.. وهو مشهد بقدر ما يحمله من دلالات ورسائل فى توقيت حرج تعيشه السودان، وإنما يعكس مدى المكانة التى يحظى بها «مولانا» عثمان الميرغنى فى قلوب أوساط شعبية بالسودان، فقد اصطف الآلاف من محبى الطريقة الختمية وأنصار الحزب الاتحادى وزعماء الطرق الصوفية ومريديها من رجال وشباب وسيدات، إلى جانب ممثلى الطيف السياسى السوداني، لاستقبال الزعيم الروحى للطريقة الختمية.



وتحظى الطرق الصوفية بالسودان بمكانة روحية ودينية واجتماعية واسعة، لايمكن إغفالها، ذلك أن تأثيرها يتجاوز حدود السودان إلى دول الجوار، ومن أبرز تلك الطرق، الطريقة الختمية، وزعيمها مولانا الميرغني، الذى يلتف حوله المريدون من كل صوب فى السودان، فضلا عن مكانته السياسية، كزعيم لأحد أكبر الأحزاب الطائفية وهو الحزب الاتحادي.

من هنا تتجه الأنظار نحو دلالة وتوقيت عودة أحد أقطاب الدولة السودانية فى الفترة الحالية، بعد فترة غياب وفى توقيت يعانى فيه السودان من فراغ سياسي، وحالة انسداد بسبب الأزمة السياسية بين القوى المدنية والسياسية ممثلة فى تحالف الحرية والتغيير، والمكون العسكري، طوال الأشهر الماضية من الفترة الانتقالية.

 دلالات التوقيت

على مستوى التوقيت، كان مخطط أن يعود مولانا الميرغنى للخرطوم فى 14 نوفمبر الجاري، وهو تاريخ يصادف الذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيع زعيم الحزب الاتحادى الديمقراطي، مع الراحل جون جرنج رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان فى 14 نوفمبر 1988، اتفاقا للسلام فى أديس أبابا لاحتواء أزمة الجنوب وقتها، لكن سيطرة ثورة الإنقاذ الإسلامية على الحكم فى يونيو 1989، حال دون استكمال الاتفاقية.. وكانت رمزية العودة فى هذا التاريخ تشير إلى دور تاريخى للحزب الاتحادي، يتبنى فيه خيار الوحدة والحوار بين أهل السودان بمختلف ألوانهم السياسية.

ومن هنا يبدو الهدف الأول لزعيم الحزب الاتحادي، وهو رأب الصدع الداخلى بالحزب، بعد انقسامات مؤخرا لعل أبرزها تجميد نشاط أمين القطاع السياسى إبراهيم الميرغني، وتباين مواقف قيادات الحزب من التطورات السياسية فى السودان، وهو ما دفع السيد عثمان الميرغني، لمطالبة نجله جعفر الميرغني، نائب رئيس الحزب، بحسم كافة الخلافات الداخلية.

 «فى الاتحاد قوة»

أما على المستوى الوطني، يبدو أن زعيم الحزب الاتحادى بصدد الاطلاع بمهمة تجميع الفرقاء السودانيين، بعد إخفاق كل جهود التدخل السياسى فى حلحلة الأزمة السياسية، خصوصا مع ظهور تفاهمات أولية بين المكونين المدنى والعسكرى مؤخرًا بشأن إعداد دستور انتقالى للبلاد، يتفق عليه الجميع وصولا لإجراء انتخابات عامة فى البلاد.

وما يدعم هذا الدور، مبادرة «مولانا الميرغني» التى أطلقها فى مارس الماضى من القاهرة، لتوحيد عدة أحزاب وفصائل سودانية، كأولى خطوات «ترتيب البيت السودانى من الداخل»، حيث جرى التوافق على إنشاء لجنة عليا تنسيقية بين القوى والأحزاب الاتحادية، تمهيدًا للاندماج تحت لواء الحزب الاتحادى الديمقراطي، ووصف الميرغنى تلك الخطوة بأنها ستعمل على تقوية الحزب، ذلك أنه «فى الاتحاد قوة».

ولعل خير شاهد على ذلك، تصريحات المتحدث باسم الحزب الاتحاد الديمقراطى حاتم السر، بأن عودة السيد محمد الميرغني، «بداية مرحلة جديدة للتوازن السياسى بعودة أكبر زعيم لأكبر الأحزاب السياسية الوسطية السودانية، مشيرا إلى أن السودان بحاجة ماسة إلى زعيم يلتف حوله الجميع، للخروج من الأزمات التى عجز عن حلها كل القوى السياسية».

 الدعم المصرى

البعد الآخر فى عودة السيد عثمان الميرغني، ما يتعلق بتوجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتوفير طائرة مصرية خاصة لنقل «الميرغنى» ومرافقيه من قيادات الحزب والطريقة إلى جمهورية السودان تقديراً لمكانته الوطنية وقيمته السياسية والروحية، وهى رسالة تقدير بحكم الارتباط التاريخى للحزب الاتحادى السودانى بمصر، وتعكس دعم الدولة المصرية لكل مبادرة تدعم التوافق السوداني- السوداني، خصوصا ومنذ تأسيس الحزب فى خمسينيات القرن الماضي، ظلت دعوته للوحدة مع مصر مرجعيته الفكرية والسياسية.