الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأقباط يحرصون على تناول القصب والقلقاس وتعميد أطفالهم




يعتبر عيد الغطاس من الأعياد السيدية الكبرى الذى تحتفل به الكنيسة الارثوذكسية ضمن سبعة أعياد كبرى فى السنة وتحتفل الكنيسة بهذا العيد سنويًا تذكارًا لعماد المسيح بنهر الأردن ويسمى عيد الظهور الإلهى كما يسمى بالغطاس لأن المسيح اقتبل فيه العماد بالتغطيس بالإجماع.

وقد اتخذت الكنيسة الاحتفال به من الرسل أنفسهم وقد احتفل مسيحيو الشرق فى الثلاثة أجيال الأولى بعيدى الميلاد والغطاس معًا ويقوم بعض المسيحيين بتعميد اطفالهم فيه.

تاريخ الغطاس

والأعياد الكبرى هى «عيد الميلاد وعيد القيامة وعيد الغطاس وعيد أحد الشعانين وعيد خميس العهد وعيد الصعود والبشارة»، وعيد الغطاس يسبقه يوم الاستعداد الذى يسمى «البرمون» حيث يصوم الأقباط عن الأكل ويأتى يوم الغطاس حيث يقام قداس فى الصباح وقداسان فى المساء احدهما قداس الصلاة على المياه ويسمى «لقان» والصلاة على المياه تتم ثلاث مرات فى العام فى عيد الغطاس وخميس العهد والرسل.

ويطلق على عيد الظهور الإلهى «عيد الغطاس أو عيد الدنح أو عيد العماد»  ويحتفل المسيحيون الغربيون بها فى السادس من يناير من كل عام لذكرى معمودية يسوع فى نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، فحسب المعتقدات المسيحية انفتحت السموات فى هذا اليوم وانطلق صوت يقول هذا هو ابنى الحبيب فله اسمعوا، وسمى بعيد الغطاس لأن عملية التعميد تتم من خلال تغطيس الطفل بالماء، وعيد الدنح كما يسميه الكلدان فى العراق أو الموارنة والسريان الدِّنحُ كلمة سريانيّة، تعنى الظهورَ والاعتلانَ والإشراق، تعبّر عن المعنى اللاهوتى الحقيقى لعيد الغطاس، عيد اعتماد يسوع فى نهر الأردن من يوحنا المعمدان.

ويحتفل المسيحون الشرقيون وتحديدا الأقباط الارثوذكس فى مصر يوم 19 الموافق 11 طوبة وقد ذكر المؤرخون ان المسلمين المصريين كانوا يشاركون المصريين المسيحيين فيه وكان المصريون يحتفلون به بالخروج الى النيل.

ومصر القديمة عرفت عيدا يشبهه هو عيد الانقلاب الشتوى وكان المصريون يغطسون فيه فى مياه النيل والمعتقد انه كان بمناسبة حرث الأرض ونثر البذور.

مظاهر الاحتفال

ومن أبرز مظاهر العيد فى المجتمعات والدول ذات الطابع الأرثوذكسى مثل روسيا وبلغاريا واليونان واسطنبول أن يُلقى صليب فى البحر ويقوم شاب بالغوص لاسترجاعه والغطس فى بِرك المياه المتجمدة. ومن مظاهر الاحتفالات فى إسبانيا وأمريكا اللاتينية خاصة فى كل من المكسيك والأرجنتين تقديم الهدايا من قبل المجوس الثلاثة ويرافق تقديم المجوس الثلاثة الهدايا مواكب واحتقالات ضحمة ترافقه موسيقى عيد الميلاد والزينة والأضواء والمفرقعات. وتقوم لا بيفانا وهى مماثلة لأسطورة سانتا كلوز أو بابا نويل فى الثقافة الإيطالية بتقديم الهدايا للأطفال فى ليلة 6 يناير من كل عام.
فيما يحرص الأقباط على تناول القصب والقلقاس خلال عيد الغطاس وتحمل هذه العادة معانى روحية وتشابها روحيا بالمعمودية.

معانٍ روحية

أكد القس آنجيلوس عدلى أن هذه عادة منتشرة وليس لها أصل فى الكتاب المقدس بل لها معانٍ روحية.

وأوضح أن القصب نبات مستقيم وهذا يشير إلى حياة الاستقامة الروحية التى يجب ان نتحلى بها وبخصوصاً المُعمد، كما يمتاز بغزارة السوائل الموجودة بداخله وهذا السائل رمز لماء المعمودية.

وأضاف: عصير القصب مذاقه حلو وهذا رمز لفرحة المعمودية ونوال الخلاص ومغفرة الخطايا عن طريق المعمودية، كما أن نبات القصب ينقسم إلى عقلات وكل عقلة تشبه الفضيلة التى نكتسبها فى حياتنا الروحية حتى نصل الى العلوى.

لافتا الى أن القصب ينمو فى الأماكن الحارة ففى مصر مثلاً نجده ينمو فى الوجة القبلى مثل الأقصر وقنا وذلك يذكرنا بحرارة الروح أى الإنسان المسيحى المعمد يكون حاراً بالروح.

وأوضح أن نبات القصب قلبه الداخلى لونه أبيض وهذا يشير إلى نقاء قلب الإنسان المعمد والإنسان الروحى والقلب الأبيض بيكون مملوء.
وعن القلقاس قال : نبات القلقاس يزرع عن طريق دفنه كاملاً فى الأرض ثم يصير نباتاً حياً صالحاً للطعام، والمعمودية هى دفن أو موت وقيامة مع المسيح.
وأضاف: فى القلقاس مادة سامة ومضرة للحنجرة، وهى المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة، مغذية، ونحن من خلال الماء نتطهر من سموم الخطية كما يتطهر «القلقاس» من مادته السامة بواسطة الماء.

لافتا الى أن القلقاس لا يؤكل إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فبدون تعريته يصير عديم الفائدة، فلابد أولاً من خلع القشرة الصلبة قبل أكله، ونحن فى المعمودية نخلع ثياب الخطية أو الإنسان العتيق لكى نلبس ثياب الطهارة والقداسة عن طريق المعمودية.

المصريون والغطاس

وكعادة المصريين فقد أضفوا بصمتهم «الفكاهية» على مظاهر العيد وظهر هذا فى رسائل على الأجهزة المحمول ومن هذه الرسائل «شوية مطر وقداس وعودين قصب وحلة قلقاس.. يبقى أحلى عيد غطاس»، «إلى الناس أهدى أرق إحساس عيد الغطاس ولبشة قصب وحلة قلقاس» وأيضا «كل سنة وأنتم طيبون اللى ماياكلش قلقاس يصبح من غير راس والى ماياكلش قصب يصبح من غير عصب والى ماياكلش يوستفندى مايبقاش أفندى»، «حبايبنا يا أعز الناس.. يا دهب فى ميزان حساس.. نهنئكم بعيد الغطاس.. برتقال قصب قلقاس بعد القداس».

«عود قصب وحلة قلقاس يبقى أحلى عيد غطاس» هكذا عبرت نانا عدلى عن فرحتها بقدوم عيد الغطاس موضحة انها تهتم بعمل القلقاس يوم العيد وأكله عقب انتهاء صلاة القداس مؤكدة انها لا تشعر بقدوم الغطاس إذا اختلف طقس العيد المتمثل فى حضور الصلاة وتناول القلقاس ليلا والقصب صباحا.

وأضافت منى يوحنا: توارثنا منذ أن كنا اطفالا عادة «طبخ القلقاس» وشرب القصب وحرصت بعد الزواج أن احافظ على هذه العادات حتى يتوارثها ابنائى، موضحة أنها فى البداية كانت لا تعرف السبب الحقيقى لهذه العادة إلا أن أحد الآباء شرح لها المعانى الروحية لتناول القلقاس والقصب فأصبحت أكثر حرصا على اتباعها وشرحها لأطفالهم.

واستطردت قائلة: عندما كنت صغيرة كانت والدتى تقول لى «إن لم أتناول القلقاس سوف استيقظ بدون رأس» وكنت أخاف جدا وأتناوله.