التنقيب عن الآثار وراء تحويل منازل الفيوم إلى شبكة أنفاق وسراديب
حسين فتحى
الفيوم ـ حسين فتحى
حلم الثراء السريع عادة ما يدفع الفقراء وأصحاب الدخول المتدنية إلي السعي نحو البحث عن الكنز المفقود، الذي سيقلب الحياة رأسا علي عقب من الفقر المدقع إلى الغناء الفاحش.
كما أن الجهل وعدم الإيمان بالقدر سبب آخر وراء تلك المغامرات غير المحسوبة، والتى يكون البطل فيها دائما مجموعة ممن يطلق عليهم لقب «شيخ»، تلك المجموعة من الدجالين الذين يستغلون فقر الأشخاص خاصة فقراء الريف بإيهامهم أن أسفل منازلهم كنوز أثرية مدفونة على بعد عشرات الأمتار من سطح الأرض.
من هنا تبدأ الحكاية التى غالبا ما تنتهى بكارثة قد تودى بحياة العديد من الأفراد.
فى مدينة طامية التى تقع فى حضن الجبل، والتى أقام بها الفراعنة والرومان لعقود كثيرة بالنظر إلي موقعها المتميز، مما يعكس بدوره انتشار ظاهرة البحث عن الآثار لأن أغلب الأهالى يعتقدون أن أسفل منازلهم كنوز أثرية تحتاج فقط إلى عمليات حفر.
أما منطقة أبو جويد حديثة الإنشاء فقد فوجئ أهالى المنطقة بعد ثورة 30 يونيه ببعض الأشخاص ينتمون لأحدى العائلات التى تعتقد فى السحر والشعوزةيحضرون الواح الأخشاب بكثافة والسقالات وأسياخ وعيون حديدية واسعة تشبه الوسائل التى تستخدمها حماس فى إقامة الأنفاق، ناهيك عن وجود مواتير لشفط المياه، وشفاطات لتجديد الهواء أسفل المنازل.
يقول أحد جيران عائلة أبو عياشة التى تقوم بعمليات الحفر بتلك المناظق الأثرية إنه فوجئ بأعمال الحفر وتركيب الأسياخ الحديدية واستخراج نواتج الحفر من الطين وتحميلها على جرارات والقائها فى الصحراء ليلا بعيدا عن أعين المواطنين.
ويشير شاهد العيان الى أعمال الحفر لم تتوقف طيلة الخمسة أشهر الماضية وأن أحد الدجالين يتردد بين الحين والآخر لمتابعة أعمال الحفر والتى وصلت الى أكثر من 20 مترا تحت سطح الأرض.
ويقول شاهد عيان آخر إن هناك العديد من المنازل قد أصيبت بالتصدعات والتشققات وهو ما ينذر بسقوطها خاصة أن هناك عمليات هبوط حدثت فى أرضيات العديد من المنازل مما أدى الى حدوث فواصل بأرضيات المنازل حيث تم عزل البلاط عن الأرض.
ويقول شاهد عيان آخر إن كبير عائلة العياشية الذى يتزعم عمليات الحفر يؤكد أن لن يترك المكان الا بعد العثور على الكنز الذى أوحى به الشيخ القادم من الصعيد خاصة أنه أنفق على عمليات الحفر تحت الأرض 300 الف جنيه وهو مبلغ كبير وأن من يريد من الجيران التوقف عن البحث عن الآثار عليه دفع هذا المبلغ خاصة أنه تم تحديد المقبرة المدفون بها الكنز.
محمود عبد السلام رئيس مركز ومدينة طامية يؤكد أنه لا يعلم شيئا عن تلك الأعمال التى يقوم بعض الواهمين فى البحث عن الآثار وأنه سيتخذ الإجراءات القانونية السريعة لوقف تلك الأعمال العشوائية .
مسئول بآثار الفيوم يؤكد أن جميع المناطق الأثرية محددة من خلال الأقمار الصناعية وأن شرطة الآثار تقوم بحراسة ومتابعة جميع المناطق الأثرية بالمحافظة وأن هؤلاء يبحثون عن الوهم .
وفى عزبة محمود عبد الخالق التى تبعد عن مبنى مجلس مدينة طامية نحو 500 متر أن الجن قد أشعل النار فى بعض منازل العزبة بعد قيام بعض الأشخاص بإحضار دجالين مليحين لمساعدتهم فى البحث عن الكنوز الموجودة فى باطن الأرض بعد طرد الدجال مدحت وبعدها كما يقول محمد رشاد على أن النيران أتت على بعض المنازل وأحرقت المواشى والحيوانات الآخرى التى يقومون بتربيتها .
فى حين أصر أغلب السكان على أن أسباب الشقوق فى منازلهم ترجع إلى عمليات الحفر فى المنازل المجاورة الغرض منها البحث عن اثار، فى حين أكدت إحدى ربات البيوت - رفضت ذكر اسمها خوفا من بطش من يقومون بالحفر - أن أغلب جيرانها يحفرون أسفل منازلهم بحثا عن الآثار وهذا يؤثر عليها بشكل مباشر، عن طريق الشقوق التى تظهر بين الحين والآخر فى جدران منازلها، والثعابين الصغيرة التى تنطلق صوب منزلها وأنها تحارب من أجل حماية طفليها منها.
وأضافت أنها لو كانت تملك هى وزوجها ما يكفى من المال لانتقلت إلى منطقة أخرى هربا من المصير المشئوم الذى ينتظر أهالى المنطقة «لكن العين بصيرة، واليد قصيرة ».
ويقول أحمد جودة أنه وطوال عمره ولم أشاهد فى حياتى أن النيران كانت تشتعل فى الرمال ومواسير المياه وهو شىء لا يصدقه عقل ويقال أن وراء ذلك الشيخ مدحت الذى تم طرده بعدما حصل على مبالغ مالية من الأهالى بحجة مساعدتهم فى العثور على كنوز أثرية مدفونة تحت منازلهم .