الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زيارة المرأة للمقابر فى العيد «ضحك وبكاء»




يحرص المصريون فى عيد الفطر على الكثير من العادات والتقاليد التى توارثوها منذ أجيال والتى من أهمها خبز الكحك والبسكويت والحلويات، وتناول الفسيخ والرنجة والسردين وارتداء الملابس الجديدة والخروج الى الحدائق والمتنزهات، لكن من اغرب العادات عند المصريين هى زيارة المقابر وتعد زيار المقابر «القبور» عادة مصرية قديمة تعود عليها المصريون وتظهر تلك العادة بوضوح فى الريف المصرى  فيقومون فى أول أيام العيد بزيارة المقابر لقراءة القرآن والدعاء للموتى، وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول زيارة المقابر فى العيد من حيث إن زيارتها حرام أم حلال شرعا، فالعديد من الآراء فى هذا الموضوع كانت تؤكد عدم جواز زيارة القبور فى أول أيام العيد ولكن لأنها عادة توارثها الآباء والأمهات عن الأجداد فهى مازالت مستمرة حتى الآن دون تفكير معللين بأنهم يزورون القبور ليدعوا لهم ويقرأون القرآن فقط وليس للحسرة والبكاء عليهم. وفى بعض القرى  يقوم الرجال بزيارة المقابر ليلة العيد «يوم الوقفة» وذلك من اجل قراءة القران على روح المتوفى وفى يوم العيد  تقوم النساء بالخروج للمقابر فى ساعات الصباح الاولى من العيد حيث يقوم العديد منهن باستئجار شخص ليقرأ القرآن «مقرئ» على روح المتوفى مقابل مبلغ من المال او اعطائه بعضًا من الكحك والحلوى أو الفاكهة وتجلس النساء عند القبور إلى قرب صلاة الظهر ثم يعدن إلى منازلهن.
وتقول زينب ابراهيم: « انها تخرج للمقابر فى العيد لزيارة ابنها المتوفى حيث تشعر براحة نفسية كبيرة وهى تجلس بجانب قبره حيث يعوضها ذلك عن الالم الذى تشعر به فى غيابه واضافت زينب انها تأتى للمقابر لتقرأ القرآن على روح ابنها ثم بعد ذلك تجلس وتقص عليه كل ماحدث لها واحيانا تشكى له صعوبات الحياة ثم تقوم وتوزع على روحة الكحك والحلوى وبعض الاموال.
ويوضح محمد خالد  أنه يأتى فى الاعياد والمناسبات لقراءة الفاتحة لوالده  بعد اداء صلاة العيد ثم يخرج بعض الاموال لتوزيعها على الفقراء صدقة ويشير محمد إلى ان هناك الكثير من الناس تأتى إلى  المقابر باكرًا جدًا، ويرى كثيرا من أهالى المتوفين بتوزيع الكعك والشوريك والفاكهة على الموجودين، وأوضح ان هناك  اختلافًا فى مشاعر الزائرين ما بين الضحك والهزار والبكاء.
وقالت الحاجة نبوية: انها تخرج كل عيد وكل يوم خميس لزيارة المقابر وقراءة الفاتحة على ارواح من مات من عائلتها وتجلس بجوار قبر زوجها وتقص عليه ما يحدث معها فى الحياة واضافت انها تجد راحة كبيرة فى الجلوس على المقابر لانها تشعر بوجود زوجها  وانه قريب منها واكدت ان الموتى يشعرون بمن يزورهم  كما انها تاتى وتخرج على روحة الاموال وتوزع بعض المخبوزات «قرص و شريك» .
واضاف عبدالفتاح بركات «تربى» ان زيارة المقابر فى الاعياد هو امر معروف عند المصريين منذ القدم وان النساء فى مصر هن اكثر من يخرجن لزيارة المقابر فى العيد وعن ابرز المظاهر اجاب ان بعض النساء تأتى مع أزوجهن وتصطحب ابنائهن معهن وتتركهم  يلهون ويلعبون وسط المقابر كما لو انهم فى نزهة والبعض الاخر يأتى وكأن الميت لم يمر على وفاته ايام  ثم يجلسن على المقابر فى حالة بكاء وعن اطرف المواقف التى مرت به قال إحدى السيدات جاءت وهى تحمل  طبقًا كبيرًا من الارز باللبن وجلست به على قبر ابنها واخذت تطعم كل من يمر من على القبر وعندما سألتها «إنت بتعملى كدا ليه »أجابت ان ابنها جاءها فى المنام وطلب ارز باللبن وهناك موقف اخر حيث جاءت جنازة لاحد الاشخاص وحولها الكثير من الناس يبكون وبعد دفن المين  جاء فجاءه احد الاشخاص وطلب ان يدفن مع الميت وكان يصر على ذلك ولا احد من المشيعين قادر على ابعاده فجاء رجل كبير وقال للناس دعوه فتصلب هذا الشخص مكانه ولم يتحرك ووجه الرجل الكبير كلامه لهذا الشخص قائلا «ما تنزل ولا رجعت فى كلامك انزل يا بطل انزل خليك معاه » وطلب منى ان اكمل عملى .
وقد افتى الشيخ عطية صقر رحمه الله  ان زيارة المقابر فى الأصل سُنة؛ لأنها تُذَكِّر الإنسان بالآخرة، وقد جاء فى ذلك حديث النبى  صلى الله عليه وسلم ـ كما رواه مسلم عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه قال: زار النبى  صلى الله عليه وسلم ـ قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: «استأذنت ربى فى أن أستغفر لها فلم يُؤذن لي، واستأذنته فى أن أزور قبرها فأذِن لي، فزوروا القبور فإنها تُذَكِّر الموت» وروى ابن ماجة بإسناد صحيح قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تُزهِّد فى الدنيا وتُذَكِّر الآخرة».
يؤكد الدكتور «أحمد عمرهاشم» رئيس جامعة الازهر السابق، وعضو المجلس الاعلى للطرق الصوفية على ان اذا كانت زيارة القبور للعظه فلابأس من الزيارة فى اى وقت ولاتقتصر على وقت معين ، وعلى من يزور القبور الالتزام بأحكام الله وعدم فعل مايغضب الله سواء بكاء او اعلاء الاصوات داخل القبور، بل يجب على زائرى القبور الدعاء للمتوفى والاعتبار من الموت، كما يجب ان يراعى قصر مدة الزيارة، فقد ورد النهى عنها فى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زوارات القبور».
وعن تردد الاقاويل بأن هناك أيامًا معينة لزيارة القبور فقد نفى الدكتور هاشم هذا مؤكدا انه لا صحة لما يقوله العلماء بأن  زيارة القبور فى أيام معينة كيوم الخميس والجمعة يكون ثوابها أكبر لشدة اتصال الأرواح بالموتى، وإن كان الدليل على ذلك غير قوى، ومن هنا نعلم أن زيارة الناس للمقابر عقب صلاة العيد إن كانت للموعظة وتذكر من ماتوا فلا بأس بها، أما إذا كانت الزيارة بعد صلاة العيد لتجديد الأحزان فلا يجوز لأن يوم العيد يكون فرحة وسرور فينبغى عدم إثارة الأحزان فيه.