السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استمرار حصار المرأة فى «تابو» الدين المقدس

استمرار حصار المرأة فى «تابو» الدين المقدس
استمرار حصار المرأة فى «تابو» الدين المقدس




تحقيق ـ محمود ضاحى

رفض عدد من الأزهريين اطلاق برامج الرقص ومسابقات الجمال فى مصر، مؤكدين أن هذه النوعية من البرامج، لا تليق بعادات وتقاليد الشعب المصرى، والمؤسسات الدينية تتصدى لأى خطأ كدور دينى اجتماعى، لكن على النقيض اعتبر البعض منع هذه البرامج من أسباب تخلف المجتمعات الشرقية، ويأتى ضمن النظرة المستهترة بقدرات المرأة، واعتبارها أقل قدرة على تحمل المسئولية أو اتخاذ القرار، خاصة من خبراء علم الاجتماع حيث قالوا إن الرقص والغناء والترفيه تشكل جزءًا أساسيًا من حياة المرأة، وإذا منعت النساء من الرقص فى بلد ما، فهذا البلد لا يتمتع بالحرية، وفى غياب حرية المرأة لا يمكننا التحدث عن ديمقراطية حقيقية، لكن لكل مجتمع مقومات وعادات وتقاليد تحكمه.
حيث انتشرت فى الآونة الأخيرة برامج الغناء والرقص ومسابقات الجمال، فأعلنت الراقصة سما المصرى عن استعدادها لاكتشاف مواهب جديدة فى الرقص والغناء والتأليف بالتعاون مع المطرب محمود الحسينى واطلقت على المسابقة اسم دوم تك، وأيضًا بعدما أوقفت قناة «القاهرة والناس» برنامج «الراقصة» بعد عرض الحلقة الأولى منه بسبب تصدى علماء الأزهر له، إلا أنها أعادت عرضه من جديد ويحتدم الجدال بين علماء الأزهر والمثقفين وخبراء علم الاجتماع فى وضعية المرأة بين الفضائيات فى برامج الغناء والرقص ومسابقات الجمال.


فيقول الداعية الإسلامى الشيخ شعبان جلال، رئيس المجلس التنفيذى لنقابة الأئمة والدعاة: إن منع بعض البرامج التليفزيونية سواء غناء أو مسابقات الجمال لا يعتبر تقييدًا لحرية المرأة، لكن الإسلام لا يقبل الانحلال بكل صوره سواء فى نوعية مسابقات أو غناء أو برامج رقص، وحدود المرأة فى الإسلام معروفة وإن خرجت على المظهر الذى حدده لها الإسلام فهى آثمة.
وأضاف «جلال»، إن من حق الأزهر أن يتصدى لأى شىء يؤدى إلى الفسوق أو الفجور فى المجتمع، مشيرًا إلى أن الإسلام جعل المرأة تركب المواصلات وتعمل طبيبة  وتعمل مهندسة أو وزيرة، فهناك حريات موجودة لكن لكل شىء حدودًا، فعندما تظهر مفاتن المرأة فمن حق المؤسسات الدينية والعلماء أن يقفوا عند هذه النقطة حتى لا تعم الفتنة فى المجتمع.
وأوضح أن المرأة تدير محلات وتعمل بالتجارة وتدير أعمالاً خيرية، وهو أمر طبيعى لكن الأزهر يتصدى للفسوق أو الفجور الذى يفسد المجتمعات.
ويوضح الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، أن اللوبى الصهيونى يحاول اقتلاع هوية المسلمين فى المجتمع الشرقى، مشيرا إلى أن هناك صراعًا بين الحضارات.
وأضاف «إسلام» أنه من حق الأزهر الشريف أن يحافظ على هوية المجتمع والإسلام ليس مقيدًا للفكر، مشيرًا إلى أن المعركة ليست ضد الحريات ولكن هناك إبداعًا مقبولاً من قبل المجتمع، لافتًا إلى أن الغرب كان يقلد العرب والشرق منذ عصور، لكن الآن المجتمعات الشرقية تقلد الغرب تقليدًا أعمى فيما يفعله وكأن عقولهم مغيبة، فثقافة العرب ليست ثقافتهم الآن.
وقال: إن الغرب يحجم الحرية ولا يسمح ببناء مساجد أو مآذن ويمنع الحجاب، فالبرامج الغنائية أو مسابقات الرقص يروج لها بعض العلمانيين التابعين لهم فى المجتمع الشرقى لزعزعة الإسلام، فهى فى الأصل أفكار خاطئة، مؤكدًا أن الإسلام ليس لوغاريتمات لكن لكل شىء حدودًا.
الدكتور سيد مهران أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف أكد أن مسابقات الجمال والرقص جريمة بكل المقاييس لأنها تشجع البنات على كشف العورات، مطالبًا بإصدار فتوى تحرم مسابقات الجمال والرقص.
وأضاف «مهران» فى تصريحاته أن من يسمح لأخته أو بنته بالمشاركة فى هذه المسابقات فهو ديوث كما ورد فى الحديث عن عمر رضى الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال «ثلاث لا ينظر الله عز وجل لهم يوم القيامة العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء، قيل فمال الديوث قال الذى لا يبالى بمن دخل على أهل بيته ـ قيل فما الرجلة قال التى تتشبه بالرجال».
ويضيف، الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية السابق، إن مسلسل اختراق وهدم الدين الإسلامى ما زال مستمرًا وجاريًا على قدم وساق من خلال محاور متعددة فتارة يكون بالطعن فى مقدسات الدين، وتارة أخرى يكون بالإساءة إلى رموزه وأخرى تكون بصرف المسلمين عن أخلاق الإسلام الصحيح بدعاوى الحرية مستغلين فى ذلك تخلف المسلمين والضعف الاقتصادى والتشدد الفكرى وانتشار الجماعات المتأسلمة التى تصدر للغرب أن ديننا يحض على حمل السلاح وتصفية المخالفين وأصحاب الملل الأخرى وتدبير الأوطان.
وأضاف الشحات أن هذه النوعية من البرامج لا تليق بأمة تحررت من العبودية لغير الله وبنت حضارتها على قيم الأخلاق.
وقال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، إن الحرائق تبدأ دائما من مستصغر الشرر وأن برامج الرقص فى الفضائيات هى أول بادرة دمار لشبابنا ولشباتنا.
وأضاف لنعلم أن نشر الرذيلة هو أساس ضياع أى بلد، مشيرًا إلى أن كل من يشارك فى هذا العمل بالقول أو بالفعل أو بالصمت فهو آثم شرعًا، مشيرًا إلى أنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام ما وصفوها بالهجمة الشرسة على الإسلام وأخلاقياته، والحرب الضروس على قيم المجتمع الشرسة على الإسلام وأخلاقياته، والحرب الضروس على قيم المجتمع وأعرافه.
وأكد أن مثل هذه البرامج يتعارض مع ما يدعو إليه المولى سبحانه وتعالى من العفة والحياء، وما أقره الدستور المصرى وما يوجه إليه رئيس الجمهورية من الاهتمام بالقيم الأخلاقية، وإعلاء قيم الشرف والعمل والفضائل.
بينما يشير الداعية الشيخ إسلام النواوى بإدارة البحوث والدعوة بوزارة الأوقاف، إلى إن الأزهر عندما يتدخل لمنع برنامج، لا يمنعها على المستوى الفردى سواء غناء أو رقصًا، فمن أرادت أن تمارس هوايتها فتمارسها فى بيتها، مضيفًا أن ما منعه الأزهر وانتقده هو الجهر بأمور خارجة على أعراف وتقاليد مجتمعه، وهو أمر محكوم بالدين والطبائع.
وطالبت دار الإفتاء المصرية بضرورة وقف برنامج «الراقصة» الذى يذاع على فضائية «القاهرة والناس»، معللة ذلك بأنه مفسدة للأخلاق، حيث قالت الدار فى بيان لها إن هذا البرنامج قد يفهمه البعض أنه يأتى فى إطار حملة تهدف إلى هدم المنظومة الأخلاقية للشعب المصرى المتدين ولا يخدم إلا المتطرفين الذين قد يتخذون هذه الأمور ذريعة لترسيخ فكرة أن المجتمع يحارب الدين والتدين.
وشددت دار الإفتاء المصرية أن الظرف الدقيق الذى تمر به مصر حاليًا يحتم على المجتمع أن يلتفتوا إلى قضايا البناء والتنمية والأخذ بأسباب التقدم والرقى فى معالجة التحديات الكبرى التى تواجه الوطن مثل الأمية والبطالة والمرض والتطرف والإرهاب.
وفى هذا الشأن أيضًا أكد الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة أنه اتفق مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على أن الأزهر ليس سلطة دينية ومن حقه فقط النصح وليس الأمر
وأوضح عصفور، خلال تصريات صحفية، أنه التقى بوزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة وتم الاتفاق على التنسيق بين الوزارتين فى مواجهة الإرهاب والتطرف، لافتًا إلى أن هناك مؤتمرًا دوليا تحت رعاية وزارتى الأوقاف والثقافة سيعقد قريبًا لتجديد الخطاب الدينى باعتبار قضية الخطاب الدينى ليست قضية دينية فحسب بل هى قضية ثقافية أيضًا.
وفيما يخص الرقابة على المصنفات الفنية وبعض البرامج، قال وزير الثقافة: من الآن الجهة الوحيدة التى تسمح بعرض أو منع الأفلام الرقابة على المصنفات الفنية وليس أى جهة أخرى باعتبارها الجهة المسئولة قانونًا عن هذا الشأن، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف ليس له علاقة بمنع أو السماح بعرض أى من الأعمال الفنية.
بينما يقول الشيخ أحمد البهى نقيب الأئمة بالإسكندرية ورئيس حركة أئمة بلا قيود: إن الأزهر الشريف ليس سلطة تنفيذية أو تشريعية، ولكنه يقوم بدور مجتمعى دينى كبير للحفاظ على المجتمع، موضحًا أنه عندما يعترض على برنامج من البرامج فذلك فى مصلحة المجتمع.
وأضاف البهى أن هناك بعض الحملات الشرسة على الأزهر الشريف تدعى أن الأزهر يمارس سلطة دينية وتطالب بتعديل المناهج الأزهرية، وتطالب بأمور ليست فى اختصاصها، مشيرًا إلى أنه فى أحد برامج الأطفال فى بريطانيا خرجت بعض الممثلات بملابس عارية فيه، فهوجمت هجمة شرسة لخروجها بهذه الملابس فى برامج أطفال على الرغم أنها فى انجلترا، الأمر الذى يدل على أن لكل شىء حدودًا ورقابة، لكن ما يعيبنا أننا نقلد الغرب فى أسوأ ما لديهم.
وأضاف أن الغرب يحاول هدم المؤسسات الإسلامية التى تتحدث باسم المجتمع وتراعى عاداته وتقاليده، لافتا إلى أن الأزهر يخرج ببيانات شديدة اللهجة فى الشدائد أو الأمور التى تمس حياة المجتمع، مؤكدًا أن الأزهر مطالب بالتوعية العامة والرد على أى شبهات من خلال علمائه وكتبه ومنشوراته.
من ناحية أخرى الناشطة النسائية إيما جولدمان، قالت لا فائدة فى ثورة قامت، إذا لم تكن لدى المرأة الحرية فى الرقص، مضيفة أن النساء فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من البلدان العربية، لازال وضع الكثير منهم مزريًا ومتأزما، حيث يعانين من التهميش، والتحرش الجنسى والعنف، وأنه ومن أجل وضع حد لانتهاكات حقوق المرأة أسست «صندوق دعم المرأة».
وعن آراء علماء الاجتماع، قال الدكتور على أبوليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الأزهر الشريف يمثل المرجعية الدينية والأخلاقية، وهو بمنعه لبعض البرامج التليفزيونية يحافظ على عادات المجتمع وهو يحارب كل ما يتعدى خط الإباحية ويعترض أيضًا على ما يتخطى حاجز الأخلاق سواء كانت أعمالاً فنية أو تليفزيونية.
وأضاف «أبوليلة»: إن حرية المرأة مطلقة فى حياتها وزواجها ونجاحها، لكن عندما يتطرق الأمر للإباحية أو أى أعمال خاطئة فلا يجوز الصمت على ذلك.
وقالت نسمة عز الدين الخبيرة الاجتماعية: إن البرامج الغنائية فى الفضائيات، ليس لها أى تأثير على الأطفال لكنها قد يكون لها تأثير ايجابى لتظهر مواهبهم، لافتة إلى أنه قد تظهر بعض مواهب الأطفال عندما يشاهدون برامج غنائية.
وأوضحت «عز الدين» أما على مستوى برامج مسابقات الجمال فلن يكون هناك اهتمام للأطفال بهذه البرامج، مطالبة بعدم وضع قيود على البرامج الترفيهية.