الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إضلال الأمة بفقه الأئمة ـ الحلقة الثانية




قبل البدء فى سرد عوار الفقه القديم الذى تلوذ به الجماعات السلفية والجهادية وتعتبره شريعة واجبة التطبيق.. فإننا نلوذ بالأزهر الشريف أن يطبع مرجعيته الوسطية فى كتاب يكون هو المرجع للمسلمين فى أصقاع الأرض، فلا يجب أن نهتف بوسطية الأزهر دون أن يكون بيدنا تلك المرجعية مدونة بيد رجال عاصرونا وكتبوا لنا الشريعة من منظور العصر الحديث ومقوماته العلمية والحضارية المستندة للقرآن والسنة بعقول علمائنا.. فبالكتابة يتم توثيق المنهج بدلا من التخبط بين اختلاف المذاهب.
وحتى لا يتقدم كل فصيل وينعت منهاجه ويزكيه على أنه هو الإسلام وما دونه غثاء، وقتها ستكون باكورة الوسطية واقعا ملموسا نرنو إليه جميعا. والآن لما هو مدون بالفقه القديم وتقدسه جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتعتبره شريعة.
نتحدث فى هذه الحلقة عن جواز نكاح الطفلة الصغيرة، فعندهم جواز أن يتزوج الرجل البالغ أو الهَرِم من الطفلة الصغيرة القاصر ولو كانت فى المهد، لكن لا يطؤها إلى أن تتحمل الوط (1).
وقال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت فى المهد ]؛ فأى إجماع هذا إلا إن كان إجماع سفك عذرية البنات الصغار بزعم أنه زواج.
وقد جوّز شريح وعروة وحماد لوالد الصغيرة تزويجها قبل البلوغ وحكاه الخطابى عن مالك أيضا.....(2).
فهل من الإسلام أو الرجولة تزويج الصغيرة قبل أن تبلغ؟، بل ذكر النووى فى باب جواز تزويج الصغيرة [...وهذا صريح فى جواز تزويج الأب الصغيرة بغير إذنها، لأنه لا إذن لها...] (المرجع السابق) ....فما رأيكم بثوابت الأمة ومناهج الأزهر؟
فإن كان ما نُسب للأئمة صحيحا، ومن ينقلون عنهم لتأكيد صحة ذلك الفقه، فهل هؤلاء قوم يعقلون حتى نسميهم فقهاء أو نقول سلفية أو ننقل عنهم أو نحافظ على كتاباتهم؟ أيمكن أن تُزَوّج من كانت بالمهد! ومنذ متى كان الإسلام كذلك؟ وكيف يسمح الأزهر لهذا الهطل الفكرى والعته الفقهى أن يكون شريعة يتم تدريسها بالأزهر؟ بل كيف يسمح أن ينسب هذا للإسلام؟ أظنه كان عادة القوم واعتبره الجُهّال شريعة وفقهًا.
فكيف نسمح بنكاح الأطفال الصغيرات، هل يمكن أن تكون الطفلة غير أمينة على مالها طالما كانت قاصرا، بينما نستعذب الاستمتاع بها دون أن يكون لها خيار فى ذلك الفحل المسمى زوجها؟ ألا ندرك مدى سآمة ذلك الفكر وتناقضه؟ ألم يدرك ذلك الفقه السلفى البغيض معنى قوله تعالى : {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً}النساء6.
 فماذا يعنى قوله تعالى [ حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ] عند فقهاء الأجيال؛ ألا يعنى بلوغ سن الرشد لقوله ـ تعالى ـ بعدها مباشرة [ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً ]؛ فأين فهم السلف من إدراكنا، وأيُّ الفكرين يستعذبه العقلاء؟
فهل بمناسبة فوز الإسلاميين بمقاعد مجلس الشعب ومطالبتهم تطبيق الشريعة وتنفيذها سنطبق شريعة الأزهر وقدامى الفقهاء، أهذه شريعة يدرسها الناس أو يطبقونها، أو يقومون بتدريسها؟ أم نعيد فهم الشريعة على قوائم من عقول اليوم وإدراكها؟ وقالت الحنفية بجواز حج اللائط، ولا يفسد الحج ولا الصوم مع اللواط، ولا يجب به الغسل إلا أن ينزل فيغتسل، ويعزران ويحبسان حتى يتوبا.
وقالت الحنفية باستمتاع الرجل بالأنثى وأن ذلك لا يعتبر من الزنى طالما أنه لم ينزل، استدلالا بعدم حاجة من جامع زوجته فلم ينزل أن يغتسل بل ينضح فرجه بالماء ويتوضأ، وأن ما لم ينطبق عليه اسم الزنى لم يجب فيه حد كالاستمتاع بما دون الفرج، لأنه استمتاع لا يستباح بعقد فلم يجب فيه حد الاستمتاع وبمثله من الزوجة، ولأن أصول الحدود لا تثبت إلا قياسا، ولا ينقض به حج ولا عمرة، بينما يقول الله تعالى: [ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج ]....البقرة197.
وقالوا مما يندى له جبين الشرف والنخوة والرجولة والأخلاق، مثل أنهم قالوا بأن أقصى مدة حمل للمرأة هى أربع سنوات، وقالت المالكية 7 سنوات تظل المرأة فيها حاملا وتضع بعدها، وتُسمّى المولود باسم مُطَلِّقها أو أرملها الذى مات منذ سنوات، بما يفسح الطريق لأولاد الزنى واختلاط الأنساب، فهل يمكن تسمية هذا الهراء شريعة؟
ومع هذا ولأسفى فإن دار الإفتاء المصرية تُفتى فى العصر الحديث بما انتهت إليه مكابدة العلماء بعصور الجهل العلمى، فذكر مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية بتاريخ: 20/9/2007. بأن أطول مدة للحمل مصدرها فقه الأئمة الذى يجيز تلك المدد العجيبة؛ وقالوا وتعللوا لفهمهم أن إثبات النسب غير إثبات الزنى.
لكنى أسألهم ويسألهم كل رجل غيور، أو صاحب نخوة، هل يمكن أن نخلط الأنساب إلى هذا الحد وندعى بأننا نفتى فى النسب؟ ولا نفتى فى الزنى؟ وكيف تفتى دارنا بتوارث ونَسَب وادعاء لغير الأب بناء على استقراء لأمور لم تحدث منذ إنشائها وحتى تاريخه، فهل يصح هذا من دار الإفتاء؟
ولأسفى أيضا فقد قال بذلك مفتى الجمهورية فى حوار بقناة المحور، وهو القول الذى يتندر به الشباب فى منتدياتهم على الإنترنت، كما ذكره بكتابه [فتاوى معاصرة] أفهذه فتاوى معاصرة أم فتاوى محنطة منذ عصور الجفاف العلمى؟
ولا يجب على دار الإفتاء التابعة لوزارة العدل أن تحكم بفقه غير ما تحكم به وزارة العدل فى دولة تستقى تشريعاتها من مبادئ الشريعة الإسلامية، لذلك فالقانون هو الأولى بالتطبيق فى هذا الشأن وليس شريعة الفقهاء.
وكنتيجة مباشرة لانتشار هذا الفقه تجد المحاكم التى يسمونها شرعية بدول الخليج تحكم بهذا الفقه المعتوه، حيث صادقت محكمة التمييز بالرياض على قرار المحكمة العامة بمكة المكرمة بإدراج طفل فى ميراث أبيه كانت والدته «سعودية» قد أنجبته بعد وفاة زوجها بما يقارب الـعامين، وذلك وفقا لحيثيات القضية التى أوردتها وزارة العدل هناك فى مدونة الأحكام القضائية فى إصدارها الثالث.
يقول مذهب أبو حنيفة بأنه لو تزوج رجل بامرأة وغاب عنها سنتين فأتاها خبر وفاته فاعتدت منه ثم تزوجت وأتت بأولاد من الزوج الثانى، ثم ظهر الأول، فإن الأولاد يلحقون بالأول وينتفون من الثانى وتطلق من الثانى وترجع للأول.
فالحنفية يُثبتون النَّسَب بمجرد العقد، وقالوا: إن مجرد المظنة كافية، بل قالوا: لو أن رجلاً تزوج امرأة بالمغرب وهو بالمشرق لستة أشهر كان الولد ملحقاً به، ورد بمنع حصولها بمجرد العقد من أحل فرج أَمَته لغيره:
 ومن بين الفقه الذى يرونه صالحا للتداول مسألة تحليل نكاح الإماءعموما، ونكاح أمة الغير خصوصا، بينما أراها أنا حقبة زمنية نسأل الله ألا يعيدها، قال ابن عباس: إذا أحلت امرأة الرجل، أو ابنته، أو أخته له جاريتها فليصبها وهى لها، فليجعل به بين وركيها ؟
قال ابن جريج : وأخبرنى ابن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى به بأسا، وقال: هو حلال فإن ولدت فولدها حر، والأمة لامرأته، ولا يغرم الزوج شيئا.
      عن طاوس أنه قال: هو أحل من الطعام، فإن ولدت فولدها الذى أحلت له، وهى لسيدها الأول .
قال أبو محمد رحمه الله : فهذا قول - وبه يقول سفيان الثورى وقال مالك وأصحابه: لا حد فى ذلك أصلا (4).
• أباح سفيان الثورى وطء أمة الغير «وللمرأة ان تبيح فرج أمتها لزوجها ولأخيها ولأبيها ولغيرهم» (5).
• أفتى المزنى وابن جرير الطبرى بحلية قرض الإماء اللواتى يجوز للمقترض وطؤهن (6).
• حث ( الشيخ / سعد البريك) الفلسطينيين حديثاً للقيام بذلك مع اليهود، قائلاً: إن نساءهم من حقكم شرعاً، فلماذا لا تستعبدونهن؟!
• فى عام 2003 أصدر ( الشيخ / صالح الفوزان) فتوى قال فيها أن الرق جزء من الإسلام وإنه جزء من الجهاد، وإن الجهاد سوف يستمر طالما بقى الإسلام، ثم هاجم علماء المسلمين الذين قالوا عكس ذلك زاعماً أنهم «جهلة وليسوا علماء بل مجرد كُتّاب»، وأضاف أن أى شخص يقول مثل هذه الأشياء هو كافر ملحد، جدير بالذكر أن الشيخ الفوزان كان يشغل أعلى المناصب الدينية.
• الشَّافِعِيُّ نَصَّ فِى النِّهَايَةِ فِى الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ الْأَمَةِ فِى دُبُرِهَا قَالَ: لَا يَحْرُمُ (7).
• لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ مَوْلَاهَا إِلَّا بِدَعْوَاهُ، فَإِذَا اعْتَرَفَ بِهِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، وَيَنْتَفِى بِمُجَرَدِ نَفْيِهِ بِغَيْرِ لِعَان (8)، أليس هذا بظلم؟
• وطء الأَمَة المشتركة وإن كان حراما لوقوع التصرف فى ملك الغير، بدون الإذن، ولكن لا يكون زنى. (9).
ـ الزنى بأجر.
• ( رجل استأجر امرأة ليزنى بها فزنى بها فلا حد عليهما فى قول أبى حنيفة )......      (المبسوط – السرخسى / ج 9 / ص 58 (10). 
• يقول ابن الماجشون – فقيه مالكى وهو صاحب مالك:.....( إن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدِم - بكسر الدال- إذا وطئها) (11).
• روى محمد بن حزم بسنده أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين أقبلت أسوق غنما لى، فلقينى رجل فحفن لى حفنة من تمر ثم حفن لى حفنة من تمر ثم حفن لى حفنة من تمر ثم أصابنى ، فقال عمر ما قلت ؟ فأعادت ، فقال: عمر ويشير بيده: مهر مهر مهر ثم تركها . وقال أبو محمد ( ذهب إلى هذا أبو حنيفة ولم ير الزنى إلا ما كان عن مطارفة، وأما ما كان عن عطاء أو استئجار فليس زنى ولا حد فيه) ( 12).
 يعنى بيوت الدعارة حلال.
ومضاجعة الخادمة حلال.
والمضاجعة مع الهدية حلال، والسُّنَة أن تكون الهدية تمرا.
ومضاجعة البهائم مكروهة.
وأُذكِّر بأنى أكتب هذا ليس تسفيها فى شخوص الأقدمين، لكن لمن يُقَدّسون الأقدمين وفقههم ويتربصون بنا الدوائر لمخالفتنا فقه السلف، وأكتبه لأنقد وأتبرأ من هذه السقطات وغيرها، ولأبين كم من المدسوسات والخرافات عج بها تراثنا.
17ـ وطء الميتة (مضاجعة الوداع).
ولا تتصوروا بأن وطء الميتة مجرد فتوى من شيخ ضال بالمغرب، لكنها حقيقة واقعة بفقه أئمتنا، بل الاعتداء الجنسى على الصغيرة التى لا يوطأ مثلها لا شىء فيه على حد علمهم وفقههم، أو بالأحرى ما وصلنا عنهم، وذلك كالآتى:
وطء المرأة الأجنبية الميتة لا يعتبر زنى عند أبى حنيفة وكذلك استدخال المرأة ذكر الأجنبى الميت فى فرجها وهذا القول رأى فى مذهب الشافعى ومذهب أحمد، والقائلون بذلك يوجبون التعزير فى الفعل، وحجتهم فى ذلك أن الوطء فى الميتة أو من الميت كأنه لم يكن، لان عضو الميت مستهلك، ولأنه عمل تعافه النفس، ولا يُشتهى عادة، فلا حاجة إلى الزجر على الفعل، وعلى هذا الرأى الشيعة والزيدية. ( 13).
• ( قال البلقيني: ووطء الميتة لا يوجب الحد على الأصح... ) ( 14).
• ( لا حد عليه وهو قول الحسن، قال أبو بكر: وبهذا أقول لأن الوطء فى الميتة كأن لم يكن لأنه عضو مستهلك ولأنها لا يُشتهى مثلها وتعافها النفس، فلا حاجة إلى شرع الزجر عنها، والحد إنما وجب زجرا، وأما الصغيرة فإن كانت ممن يمكن وطؤها فوطؤها زنى يوجب الحد لأنها كالكبيرة فى ذلك وإن كانت ممن لا يصلح للوطء ففيها وجهان كالميتة) ( 15)
• ( ... وبخلاف إدخال امرأة ذكر ميت غير زوج فى فرجها فلا تحد فيما يظهر لعدم اللذة كالصبى ).................. ( 16).
فإذا كان وطء الميتة لا يوجب الحد، أى العبث بحرمة الأموات، فكيف بمجامعة الزوجة وهى ميتة، لا شك بأنه وفقا للقياس الفقهى تكون مضاجعة الوداع لا شيء فيها عند الفقهاء، ولست أدرى أيُّ فقه وأيُّ فقهاء وأيُّ تراث هذا؟.
الحلقة القادمة: تلويث عقول طلاب الأزهر بـ"كتاب الاختيار لتعليل المختار"
 

 
الهوامش
 
1- «فتح البارى بشرح صحيح البخارى» الجزء التاسع
2- «شرح النووى لصحيح مسلم» الجزء التاسع صـ206
3- كتاب الحاوى الكبير فى فقة الإمام الشافعى الجزء الثالث
وهو من أعلام أهل السنة وقد قدم لهذا الكتاب كل من الأساتذة بجامعة الأزهر د.محمد بكر إسماعيل ود.عبدالفتاح أبوسنه
4- «المحلى لابن حزم»
5- «موسوعة فقة سفيان الثورى»
6- «اختلاف الفقهاء للطبري»
7- «البحر المحيط فى أصول الفقة»
8- «الاختيار لتقليل المختار»
9- «البناية شرح الهداية»
10- «المبسوط - السرخسى /ج9/ صـ58 - دار المعرفة»
11- «المحلى لابن حزم /ج11/صـ251 - دار الفكر- تحقيق أحمد شاكر
12- «المجموع محيى الدين النووى /ج20/ صـ25
13- التشريع الجنائى الإسلامى متقارنا بالقانون الوضعى للدكتور عبدالقادر عودة
14- «الاقناع للشربينى /ج2/ صـ638- دار الفكر»
15- «المغنى - عبدالله قدامه /ج10/ صـ152- دار الفكر العربى»
16- «حاشية الدسوقى /ج4/ صـ314/ط - دار الفكر»