الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السعادة حصرية فى الفضائيات العربية!

السعادة حصرية فى الفضائيات العربية!
السعادة حصرية فى الفضائيات العربية!




أحوال العرب على خير ما يرام ولا يوجد شيء واحد ينغص عليهم عيشتهم وحياتهم على وجه الإطلاق!
وأثرياء وأغنياء لا يتوانون لحظة واحدة عن إسعاد شعوبهم العربية بشتى الطرق ومختلف الوسائل!!
وأغلب المشاريع والاستثمارات التى تسعد وتبهج المواطن العربى وتملأ قلبه بالسرور والسعادة والبهجة الزيادة هى إنشاء الفضائيات، فكل يوم تولد فضائية جديدة، ربما لا تعرف اسم مالكها أو أصحابها، لكنها تبث طوال ساعات الليل والنهار دون كلل أو ملل من أجل سعادة الإنسان العربى.
عشرات الفضائيات مثلا تخصصت فى تفسير الأحلام، فمازال الملايين من المشاهدين والمواطنين العرب يحلمون بالصحة والستر والعدالة والتنمية وهى ليست وظيفة هذه الفضائيات، فهذه أحلام بسيطة ومتواضعة، لكن هذه الفضائيات تهتم بالأحلام الكبرى للمشاهد العربى وحيرته وعجزه عن تفسيرها ومعه كل الحق: فالمواطن الذى رأى وشاهد فى حلمه ديناصورا يطير أو أرنبا بجناحين أو شاهد كلبا يزائر أو حمارا يتفلسف أهم ألف مرة من حلمه بالستر والعروبة والقومية التى تحتاج إلى ندوات ومؤتمرات ولجان ومقترحات وتوصيات وإرشادات وسنوات العمر كله ولا تتحقق!!
لقد أثبتت عشرات الدراسات العلمية التى صدرت عن كبرى المعاهد العلمية المحترمة أن المواطن العربى يحتل المرتبة الأول فى الشغل والإنتاج والتصنيع وأن متوسط ساعات عمله فى اليوم يتراوح بين ثمانى إلى عشر ساعات وهو ما يخالف المعايير الدولية.
ومن حق هذا المواطن العربى بعد كل هذا التعب والكد والكدح والعرق فى سبيل رفعة شأن أمته العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة أن يجد دقائق وساعات من الترفيه والمرح وأن يفك عن نفسه، ومن هنا اتجه أصحاب الأموال إلى إنشاء عشرات فضائيات الرقص الشرقى، ومن أجل الحفاظ على ذوق المشاهد العربى فقد اكتفت بكل أشكال وأنواع الرقص الشرقى، فلا رقص غربى ولا رقص شمالى ولا رقص جنوبى، فقط رقص شرقى وعلى واحدة ونص!!
حتى بنات وراقصات الغرب والشمال والجنوب لا يرقصن إلا شرقى وعلى أنغام شرقية حتى لو كانوا لا يفهمون كلماتها، لكن البراعة والشطارة هى التى تجعل البنت الأوكرانية أو البرازيلية أو السويدية تتمايل على موسيقى «محمد عبدالوهاب» مختلف عن تمايلها ورقصها مع ألحان «بليغ حمدى»، أداء جيد مدروس الهز فى مكانه، والاهتزازات هنا وهناك ومن تحت لفوق لا تنقصها الدقة ولا تخاصم الذوق.
ومن أجل أن تكتمل سعادة المشاهد العربى بهذا الرقص فقد تخصصت هذه الفضائيات فى بث إعلانات السعادة التى تهم الرجل والمرأة من التطويل والتكبير والتضخيم حيث تكون السعادة على أصلها.
أما إذا كان بعض آلاف المشاهدين قد أصابهم المس الشيطانى أو معمول لهم أعمال على ظهر سمكة قرموط أو حد قام بالسحر لهم أو أعمال الربط والعجز فهناك أيضا عشرات الفضائيات التى يوجد ويعمل بها أرقى المتخصصين فى أعمال السحر وفكه وجلب السرور على المنكود، ومنع الأذى والحسد عن العقل والجسد، وكله بالتليفون إنه العلاج عن بُعد!!
أما إذا زهقت من ذلك كله وأردت أن تستفيد معلومات مهمة تزيد بها ثقافتك فهناك قنوات الفوازير تلك التى تختبر ذكاءك وثقافتك وموسوعية عقلك بأسئلة صعبة تحتاج لثقافة وجهد من نوعية ما هى عاصمة بريطانيا وهل هى لندن أم الحوامدية!!
ولعل أهم ما تتميز به كل هذه الفضائيات سواء كانت للرقص أو تفسير الأحلام وفك الأعمال والسحر وحل الفوازير وهو سر نجاحها وتميزها إنه لا يوجد بين صفوفها محلل استراتيجى أو خبير سياسى أو نخبوى اجتماعى يحللون ويتكلمون وينصحون ويكذبون ويشتمون خصومهم.. تخيلوا إحدى فضائيات الرقص وهى تستضيف ناشطا أو ناشطة أو محللا وخبيرا لكى يناقش آفاق هز الوسط فى زمن ما بعد العولمة أو دلالة هز الوسط باهتزاز السوق العالمية.. فضائيات العرب كلها عجب: سعادة حصرية وبهجة يومية!!