الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

توفيق عكاشة.. رحلة فلاح فى «غيطان» ماسبيرو.. خريج «خدمة اجتماعية» وحاصل على دكتوراه فى الإعلام!

توفيق عكاشة.. رحلة فلاح فى «غيطان» ماسبيرو.. خريج «خدمة اجتماعية» وحاصل على دكتوراه فى الإعلام!
توفيق عكاشة.. رحلة فلاح فى «غيطان» ماسبيرو.. خريج «خدمة اجتماعية» وحاصل على دكتوراه فى الإعلام!




كتب - عمر حسن

هو المذيع والضيف، هو المُحلل السياسى و الخبير الاقتصادى والداعية الاسلامى المعتدل إن أمكن، فضلا على كونه صاحب نظريات اعلامية فذة انفرد بها دونا عن غيره من الاعلاميين، هو من أحرج البرادعى سائلا اياه: «تعرف دكر البط بيتزغط ازاي؟»، وهو من ادعى أن «السيسى» اخوان، ثم تراجع قائلا: «أنا كنت خايف عليه من الاخوان لما قلت كده»، ويعتبر أول من اخترع برنامجا جديدًا فلا هو «بحديث مباشر» و لا هو بحوار، انما هو تجربة تليفزيونية فريدة من نوعها، فلا ضابط له ولا حاكم، ينتهى وقت الحلقة بانتهاء «بنزين» المذيع، الذى قد يحدث بعد ساعة أو اثنتين أو ربما 6 ساعات متواصلة على الهواء ليخرق بذلك كل الأعراف الاعلامية التى نعرفها عن البرامج التليفزيونية.


إنه «توفيق عكاشة»، تلك الظاهرة الاعلامية التى اخترقت كل بيت مصرى على مدار 7 سنوات، ولكنها لم تبرز بالشكل الذى نراه عليها الآن سوى بعد قيام ثورة 25 يناير، التى أفرزت «ظواهر» إعلامية عديدة من ضمنها «العوكش» كما يلقبه البعض، فمن أين ظهر؟ وما تاريخه الاعلامي؟.
ولد عكاشة فى 24 يناير 1967م فى قريه «ميت الكرمة» مركز نبروه محافظة الدقهلية وتخرج فى  «معهد خدمة اجتماعية» ويقول انه حاصل على دكتوراه فى إدارة المؤسسات الإعلامية جامعة «ليكوود براد نتون» بولاية فلوريدا أثناء اقامته فى أمريكا، ثم بدأ مشواره المهنى كمقدم برامج فى القناة السابعة متدرجا فى الصعود حتى وصل للقناة الأولى التى قدم عليها برنامج «أحزاب وبرلمان»، بعد ذلك انفصل عن التليفزيون المصرى ودشن قناته «الفراعين» عام 2008م بتمويل من«والدته» ومساهمة منه على أن يتولى رئاسة القناة، لتبدأ مرحلة اعلامية جديدة لم ولن يشهدها تاريخ الاعلام المصرى على المدى القريب أو البعيد.
منذ افتتاح القناة وحتى وقتنا هذا، لا يمكن أن تشُكل رأيًا ثابتًا له عن أى شخصية أيا كانت، فنظام مبارك لقى على يده التسبيح والتحميد قبل الثورة حتى انه اشتهر بمقطع «فيديو» يقبل فيه يد «صفوت الشريف» وزير الاعلام الأسبق ورئيس مجلس الشورى فى العهد البائد، ثم عاد بعد الثورة يلعن ويسب نظام «مبارك» مكذبا ذلك المقطع المصور ومدعيا أنه تلفيق لضرب سمعته الإعلامية، ولم يسلم زملاؤه داخل الوسط الاعلامى من لسانه السليط عليهم اذا خالفوه الرأى أو تجاهلوه فى بعض الأحيان، ومن هؤلاء الاعلاميين «عمرو أديب، ريهام سعيد، وائل الإبراشى، عمرو الليثى، معتز الدمرداش... الخ» فحدث ولا حرج عن عدد الشخصيات التى تعرض لها فى حلقات برنامجه «مصر اليوم».
أما على الجانب السياسى، فارتفع نجم «عكاشة» فى الفترة بين 2012 وحتى 2014، فكان ينفرد بتقديم معلومات هامة وخطيرة وكانت تتحقق بالفعل، وهو ما أعطى له ثقلًا جماهيريًا لدى شريحة كبيرة من المشاهدين رغم الكوميديا الاعلامية التى يقدمها مدعيا فى احد لقاءاته التليفزيونية أنه يتعمد ذلك الاسلوب فى التقديم لعدم اصابة المشاهد بحالة من الملل خاصة أنه يمكث فترة طويلة على الهواء وصلت ذات مرة إلى 6 ساعات.
إلا أنه مع ذلك الجدل الذى يثيره فى برنامجه، لكن قناته ظلت تُعانى من أزمات مالية وديون عرضتها للغلق عدة مرات لكنها لا تمكث بضعة أسابع حتى تعاود بثها مرة أخرى مدعمة بأموال محبيه من رجال الأعمال الذين كان يستجدى أموالهم على الهواء محذرا أن القناة التى يحبها الملايين وفق تعبيره سوف تغلق فى حال استمرار تكاثر الديون عليها، وهو ما دفعه إلى تخصيص حلقات كاملة لقراءة الرسائل النصية التى يشارك بها الجمهور قائلا: «الرسالة بـ5 جنيه.. ابعتوا عشان خاطر مصر والنبى القناة هتتقفل».
مع دخول عام 2014 بدأت المعلومات التى كان ينفرد بها تنضب شيئا فشيئا، حتى أصبح برنامجه خاويا على عروشه يفتقر للمادة الاعلامية، ما اضطره إلى ملء هذا الفراغ بنفسه عن طريق استضافة نفسه على برنامجه مستعينا باحدى المذيعات التى تسمى بـ«حياة الدرديري» لتكون هى المقدمة فى حال استضافته، ولكن دورها لم يتعدَ دور «الفاترينة» فى محال الملابس، فكان هو المذيع والضيف فى نفس الوقت، يوجه الأسئلة لنفسه ليجاوبها هو أيضا، وواجبا عليها أن تومئ برأسها تأييدا لتحليلاته المبهرة وخطبه العصماء حتى نهاية الحلقة.
اشتهر ببعض «القفشات» التى جعلت منه حديث الناس فى الشوارع وداخل البيوت، فعلى سبيل المثال قام ذات مرة بعمل مداخلة هاتفية مع إحدى مقدمات البرامج على قناته الخاصة، وقام بتعنيفها على الهواء، قبل أن يأمر بوقف بث البرنامج وذلك لعدم اعجابه بردود ضيفها، كما أنه هزّ الرأى العام حينما وصف اسرائيل وشعبها بالرجال بعدما قتلوا المئات من الفلسطينين ردا على قتل حركة «حماس» لثلاثة جنود إسرائيليين قائلا: «أنا أرفع القبعة لإسرائيل واقول لشعب إسرائيل وجيش اسرائيل وحكومة إسرائيل أنهم رجال»، فضلا على تطاوله على شعب العراق واصفا اياهم «بالحمير والبهايم» سائلا اياهم: «هتفضلوا حمير وبغال لغاية امتى.. لا بد أن تتحدوا لأن القضية هى القضاء عليكم.. افهم يا ولا انت وهو.. افهمى يا ولية يا عراقية انت وهى.. انتو جبتولى كل الأمراض بهبلكو.. ده اليهود ركبوكوا ودلدلوا رجليكو وخلوكم الحمير بتوعهم تمام».
وكانت المفاجأة حينما سبّ «عكاشة» نفسه على الهواء، فيبدو أنه لم يجد من يسبه فقرر أن يسب نفسه، وذلك احتجاجا على عدم نزول الشعب المصري، لاستقبال الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، خلال زيارته لمصر، قائلًا: «إحنا مبنفهمش، وأنا منكم وزيكم، واكتشفت إنى حمار، ما هو الطينة من العجينة».
متابعا: «أنا كنت بقول إن الشعب المصرى واعى، وكنت بقول والله لو هبيع هدومى الداخلية هبيعها، لكن طلعت أهبل، لأ ومش أهبل بس، لو كنت أهبل كانت تبقى ملحوقة، ده أنا كمان طلعت حمار، أيوا طلعت حمار كبير، بديل طويل من إثيوبيا لحد الإسكندرية» مطالبا معد البرنامج بشراء حزمة «برسيم» له على العشاء.
ضِف على ذلك، اتخاذه من برنامجه مكانا للتحدث عن أمور شخصية «تافهة» لا تسمن ولا تغنى من جوع، فهى عديمة الفائدة للمشاهد، فتجده يتحدث عن عائلته وعدد بنات عمه اللاتى عرضهن للزواج من قبل، معددا محاسنهن وغير ذلك من التفاصيل المملة، حتى أصبح محروقا اعلاميا، مطرودا خارج ذهن المشاهد، فقد انتهى وقته وولى عصره، ولم تعد قناته سوى «غيط» اعلامى يجمع «الحبايب».