الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد الجبالى: «الترجمة» عربياً محاولات فردية غير ممنهجة والتمويل أهم الصعوبات

محمد الجبالى: «الترجمة» عربياً محاولات فردية غير ممنهجة والتمويل أهم الصعوبات
محمد الجبالى: «الترجمة» عربياً محاولات فردية غير ممنهجة والتمويل أهم الصعوبات




حوار – خالد بيومى

الدكتور محمد نصر الجبالى أستاذ اللغة الروسية المشارك بجامعتى عين شمس والملك سعود، نقل كنوز الأدب الروسى إلى العربية وكان جسرا للتواصل بين الثقافتين الروسية والعربية راصداً الاتجاهات الجديدة فى الأدبين الروسى والعربى من أجل فتح آفاق فكرية وفنية للتعرف على خريطة الحياة الأدبية فى كلتا البيئتين العربية والروسية، فترجم عن الروسية: رحلات ابن بطوطة فى آسيا الوسطى، والأدب الروسى فى المنفى، والطهارة فى الإسلام، الأدب الشعبى عند العرب والترك. كما ترجم مؤخراً روايتى: عزازيل، والنبطى للروائى يوسف زيدان إلى الروسية، كما يعمل مترجما فى وزارة الخارجية المصرية منذ العام 1997 حتى اليوم وقدم لقراء العربية معجم المصطلحات السياسية والاقتصادية ( روسى – عربى ) يضم أكثر من عشرين ألف مصطلح .. هنا حوار معه :


■ لماذا اتجهت للتخصص فى اللغة الروسية والأدب الروسى والترجمة من الثقافة الروسية إلى العربية والعكس؟
- اللغة الروسية تعد من أهم لغات العالم وتحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد المتحدثين بها، والسبب فى اختيارى لها هوحبى للثقافة الروسية الثرية والتى يجمعها الكثير من القواسم المشاركة مع الثقافة الشرقية، وقد شهدت الثقافة الروسية انطلاقة واسعة فى مطلع القرن 19 بالتزامن مع عصر النهضة فى مصر إبان حكم كل من القيصر بطرس الأكبر فى روسيا ومحمد على فى مصر. والأدب هوخير تجسيد للثقافة وتعبير عنها، أما الترجمة فهى السبيل لنقلها إلى الأمم والثقافات الأخرى كونها وسيلة مثالية لنقل المعارف والتواصل والحوار بين الأمم والحضارات.
■ ألم تكن مغامرة التخصص فى هذا الحقل خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضى وهذا ينعكس بالطبع على قوة المنتج الأدبى الروسى بالسلب لأن قوة اللغة مستمدة من قوة أهلها؟
- بالفعل كانت مغامرة ولكن الفائدة كانت مضمونة فى كل الأحوال فتراث روسيا لا ينضب وحتى فى فترة الانهيار لم تتوقف الإبداعات سواء فى شتى الفنون ولم يتوقف الشعب الروسى عن القراءة والمعرفة، وأزعم أن روسيا وإن كانت قد شهدت فترات من الضعف الاقتصادى إلا أن ما ساعدها على النهوض بسرعة هواستمرار الروس فى الحفاظ على تقاليدهم فى القراءة والتعلم وتنشئة أطفالهم على ذلك، والجدير بالذكر أن نسبة الأمية تصل إلى صفر بالمائة.
■ لماذا اخترت ترجمة روايات يوسف زيدان إلى الروسية وهل جاء ذلك باجتهاد شخصى أم بتكليف من الدوائر الثقافية الرسمية هناك؟
- بدأ اهتمامى بأعمال يوسف زيدان من منطلق بحثى حيث كنت أقوم بدراسة للنشر حول شخصية «عزازيل» فى الأدبين الروسى والعربى ثم راودتنى وصديق لى فكره ترجمة روايته «عزازيل» ولم أتحدث مع المؤلف إلا بعدما انتهينا من ترجمة معظم الرواية، وبالفعل اعتبره من أفضل الروائيين العرب والمصريين حاليا ومن هنا كانت التجربة الثانية بترجمة روايته «النبطى» والتى صدرت الشهر الماضى.
■ كيف ترى حضور الأدب العربى على الساحة الروسية؟ ومن أبرز الأدباء العرب الذين لهم حضور هناك؟
- هناك حضور ضعيف للأدب العربى فى روسيا رغم وجود الكثير من أقسام ومراكز الاستشراف التى تعنى بدراسة اللغة والأدب العربى، وبدأ الروس فى ترجمة الأدب العربى بعد الحرب العالمية الأولى حيث ترجمت أعمال طه حسين «الأيام» وتوفيق الحكيم «عودة الروح» وتلاها ترجمة أعمال نجيب محفوظ وأهمها «الثلاثية» و«المرايا» وغيرهما، كما ترجمت أعمال أمين الريحانى وجبران خليل جبران ومحمود درويش وعبد الرحمن الخميسى ويوسف السباعى ويوسف إدريس إلا أن الكثير من الأعمال لم تترجم بعد، وهناك جهود فردية من عدد قليل من المستشرقين الروس فى ترجمة بعض الاعمال المميزة من العربية للروسية إلا أنها تبقى قليلة. ومن الأدباء المعاصرين المترجمين إلى الروسية أذكر علاء الأسوانى ويوسف زيدان.  ومن أشهر المترجمين الروس الكبيرة فاليريا كيربيتشينكا وأولجا فرالوفا وآنا دولينينا.
وهناك دور نشر تخصصت فى ترجمة الادب العربى الى الروسية. الا ان هناك صعوبات تقف امام النشاط الترجمى حاليا يتمثل فى التمويل حيث لا أمل للناشر إلا الاعتماد على نفسه فى البحث عن امكانيات طباعة الكتب وتسويقها بالإضافة إلى ندرة المترجمين الأكفاء.
كما أن واقعنا العربى فى الترجمة يتسم بعدم المنهجية وطغيان العمل الفردى حيث ظل كل فرد يترجم فى زاويته دون خطة مشتركة اوتوجه عام.
■ ترجمت كتاب (رحلة ابن بطوطة إلى آسيا الوسطى). كيف ينظر ابن بطوطة إلى شعوب هذه البلدان؟
- زار ابن بطوطة منطقة آسيا الوسطى والقوقاز فى عام 1334م وبقى هناك لسنوات حيث كانت هذه المنطقة تعيش حالة من النهضة والازدهار الثقافى وكانت مدينتا سمرقند وبخارى من أهم وأكبر المراكز الثقافية والاقتصادية فى العالم. وقد أبدى الرحاله إعجابه الشديد بعمارة هذه البلاد والرقى الثقافى التى عاشته فى تلك الفترة بين القرنين 13 و14 ميلادى حيث كان الأدب الإسلامى قد بلغ ذروته وبقى جنس الرحلات الأكثر ثراء من حيث الكم.
الجدير بالذكر أن منطقة آسيا الوسطى والقوقاز قد أفرزت الكثير من العلماء والأدباء أذكر منهم الخوارزمى وابوريحان البيرونى والسمرقندى وابن سينا فضلا عن الإمام البخارى جامع الحديث الشهير.
■ مارست الترجمة الفورية فى العديد من المؤتمرات الدولية فى روسيا والبلدان العربية.. ما الفرق بين المترجم الفورى والمترجم العادى؟
- هناك أنواع عديدة من الترجمة نذكر منها الترجمة التحريرية وهى الاسهل ثم الترجمة المنظورة والتلخيصية والثنائية والتتبعية وأخيرا الترجمة الفورية التى تعد الأصعب على الإطلاق كونها تعد نشاطًا فكريًا وإبداعيًا يتطلب من المترجم مهارات عدة إحداها اتقان اللغتين المصدر والهدف. فالترجمة الفورية عملية معقدة ومتشعبة ودقيقة حيث تتطلب الإصغاء والفهم والتحليل ومن ثم الترجمة فى وقت محدد للغاية فليس لدى المترجم الفورى متسعا من الوقت لصياغه التراكيب. بالإضافة إلى ذلك فالمترجم الفورى يجب أن يتعامل بحسم مع المواقف الترجمية ويتمتع بالتركيز وهدوء الأعصاب والقدرة على الاستمرار فى الترجمة لفترات طويلة والثقة بالنفس.
■ حدثنا عن مشروعاتك المستقبلية؟
فيما يتعلق بعملى الأساسى وهوتدريس اللغة الروسية فإننى آمل أن تحظى اللغة الروسية بما فى مصر بما تحظى به اللغة العربية فى روسيا وأن نتوسع فى تدريس اللغة الروسية وفتح أقسام جديدة بالجامعات المصرية وكذا مواصلة مسيرة العمل فى تخريج اعداد من المترجمين المهرة من قسم اللغة الروسية بجامعة عين شمس وكلية الألسن التى تعد الرائدة فى تعليم اللغات فى الوطن العربى وافريقيا.