الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإبداع واحة

الإبداع واحة
الإبداع واحة




اللوحات بريشة الفنان توماس إيكنز

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى :    

[email protected]

 



 

رجل وامرأة

ياسر المحمدى

«1»
الرجل القوى
إذا قابلته امرأة قوية فإنه يحبها
حتى وإن فرطتْ هى فى حبهِ
لأنه يعلم أنه سيظل صوتها
الذى يوقظها فى الليالى
وتسير خلفه
فيرفعها عاليًا، عاليًا
عن هذه الأرض
والمرأة القوية
إذا قابلها رجل قوى
فإنها تحبه
حتى وإن فرطتْ هى فى حبهِ
لأنها تعلم
أنه كلما سيواجهها بين الجموع
سينظر لها بعيون قوية
ويشدها إليه
ويرفعها عاليا ، عاليا
عن هذه الأرض
«2»
الشمس التى خرجت عارية
إلا من جنون ضوئها
والصبح بعينى فاجر على أعتابي
خوفكِ الكافر من مواجهة ذئاب الحقيقة
انخراطكِ فى البكاء وموتك فى الوسادة
حبل أفكارك المشوشة وجمالك السجان
يتشابكون فى صراخ أعمى وصامت
أعرف أن كلامى كَرِيش الطيور المحروق
وأنكِ مريضة بأوهامي
مرتبكة أمام صداميتي
أرجو ألا يدفعك تفكيرك المُر لأبعد من ذلك
جنازة ما دوَّت فى أذنى هذا الصباح
فحاولى الحياة ألا تكونى جَبَانة لهذا الحد
أنا سأحافظ على هذه المسافة المُرعِبة بيننا
إنْ لكِ عتبى عن حقوق الجسد
يمكننا أن نتفاوض عليها
أنا معكِ تماما..
مللتُ عشق الغياب.

 



 

الدرة المجنونة

شيرين الزينى


سأغفو قليلا فوق صدر القصيدة
لأنصت
لدقات تراتيل اسمى
تنادينى نحو الأعماق
حيث محارة
تحوى الدرة المجنونة
روحي
القابعة بعالم الغيب
تأبى الولوج إلى سطح الضحالة
كان هنا حوت يراقب عن كثب
نداء استغاثة الوَحشة
واعترافا بأنى من الظالمين
الطوفان قادم لا محالة
أين عصاك موسى
لتبتلع الدجالين
فسفينة نوح لن تقبل توحدى
ولن أقص جدائلى الذهبية
قربانا لأيوب مزيف
وأنا من مسنى الضر
سأزاول بعض طقوسي
احتسى كأس الصبر المعتق
أثمل بثقة و أترنح بثبات
قارئة السلام
على معشر الإنس و الجان
مستعيذة
من الهمزات و اللمزات
وممن يحضرون
وأستعد لقدوم
مهدى منتظر

 



 

قناوى

هانى عبد الجليل

كل واحد جواه قناوى             
كل قلب وليه هنومة
كل جرح وليه مداوى.               
والعشق لدغته مسمومه
العاهة فى الجسم تهون.                   
إلا العاهة إن جت فى الروح
كسر الايد بجبيرة نصون                    
كسر النفس مش مسموح
اعرج فى سباق مفتوح
القلب سريع لكن مجروح
يكون إنسان حب يكون
فثار ع العادة وثار ع الكون
قال المخبى والمكنون
قالوا يا خسارة دا صار مجنون
واللى يحب هيبقى قناوى.            
وتبقى نهايته قميص مقلوب
مدبولى جنبه كالحاوى.                
على قلبه عمل الملعوب
مش قادر عن حبه يحارب
ولا عارف من عشقه يتوب
هنومة بتحب الغالب
ولا ترضى تحب المغلوب

 



 

قصة من الذاكرة

كتبها – ياسر روبى

ذات صيف ملتهب فى بلدتى بعد المغرب البعض راجعا من حقله يسوق بهائمه والبعض متجه لشراﺀ الطعمية عشائنا المعتاد والبعض الآخر جالس أمام المنزل هربا من حرارة المنزل فى الداخل إلى لدغات الباعوض فى الخارج. فجأة صراخ يهز جنبات المكان يصاحبه طرقات شديدة على الباب الحديدى للشيخ أحمد صاحب الزيجات الثلاث،  خرجت لاستطلاع الأمر. ما أعظم دهشتى هجوم مباغت يشنه اولاد رجب محاولين الظفر بالشيخ احمد الذى تمترس خلف بابه الحديدى طالبا من زوجته الصعود للمنزل وقذفهم بالحجارة حتى يصل المدد المكون من زوجتيه الأخريين وبناته وأبناء إخوته، وبالفعل نجحت الخطة وتقهقر أبناء رجب لداخل الحارة لترتيب صفوفهم ولم تمض لحظات حتى أعادوا الهجوم مرة أخرى واضعين رجالهم فى المقدمة وخلفهم النساء ما بين مهللة بصوتها وقاذفة بيدها ولسانها. هنا تأزم الموقف الدفاعى للشيخ أحمد الذى لجأ لحيلة ماكرة وصاح بأعلى صوته مؤذنا الله أكبر ليوهم المهاجمين بأن صلاة العشاء حان وقتها لكن الخطة لم تفلح فالفريق المهاجم لم يكونوا من رواد المساجد يوما. لكن فرج الله جاء من الناحية الشرقية للبلدة جمع غفير يخلف ترابا يسد الأفق ترتفع حناجرهم بصيحات تشجيعية تقودهم امرأة ضخمة تربط وسطها بجلبابها تمسك بعصا غليظة. وفجأة وقفت وأمسكت بقضيب حديدى وجدته أمام منزلنا. لحظات هدوء وسكون تخيم على الجميع تبعه هجوم كاسح من المرأة بصحبة عدد لا يحصى من أبناء الشيخ وأقاربه من مختلف الفئات العمرية من الثانية عشرة فصاعدا. أمام تلك الهجمة الشرسة تقهقر أولاد رجب لداخل الحارة مفسحين المجال للمهاجمين الذين تعمقوا داخل الحارة واقعين فى الفخ المنصوب لهم لينالوا سيلا من اللكمات والركلات التى تركت أثارها على القفا والظهر كوسام للتضحية والتحمل من اجل نصرة الوالد الذى ما زال واقفا وراء الباب يدير المعركة بكل شجاعة مضحيا بثلثى العائلة.