الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحج وشرط الاستطاعة

الحج وشرط الاستطاعة
الحج وشرط الاستطاعة




كتب: أ . د ./ محمد مختار جمعة

للأسف الشديد تقف الرؤية الفقهية عند بعض المتصدرين للعمل الدعوى أو المنتسبين إليه عند حدود فقه الأحكام على سبيل التلقين أو التلقى دون غوص أو إدراك لفقه المقاصد أو الأولويات أو الواقع أو المتاح … مما يجعل الغاية الأسمى لمقاصد التشريع غير واضحة عند بعضهم كما يجعل فريقاً آخر منفصلاً عن حاضره وواقعه والعالم الذى يعيش فيه والظروف التى تحيط به.
ولاشك أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة التى لا يكتمل إسلام المرء المستطيع بدنياً ومالياً إلا بها، لقوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً» (آل عمران 97)، وعن أبى عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما  قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» (رواه البخارى ومسلم)، فمن استطاع الحج ولم يحج حج الفريضة فليعجل.
 غير أن رحمة الله عز وجل بعباده ربطت الحج بالاستطاعة البدنية والمالية، فمن كانت نيته قائمة على الحج وقعد به عجزه البدنى أو المالى بلّغه الله درجة الحجيج بنيته الصادقة، وقد جعل الله للضعفاء وغير القادرين فى الذكر والصلاة والقيام وسائر القربات والنوافل ما يسمو بهم إلى درجة الحجيج وأسمى، ما صدقت نياتهم وأخلصوا لله فيما مكنهم منه.
وأن الله عز وجل جعل فريضة الحج مرة واحدة، وعندما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم)! أيها الناس إن الله عز وجل قد كتب عليكم الحج فحجوا، فقال رجل أفى كل عام يا رسول الله؟ فلم يجبه النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى كررها الرجل ثلاثاً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لَوْ قُلْتُ : نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ، لَمْ تَقُومُوا بِهَا».
وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يكون الحج آخر أركان الإسلام فرضاً على المسلمين، فحج أبو بكر بالناس فى السنة التاسعة من الهجرة لأن يوم عرفة لم يكن فى يومه الذى قدره الله فيه بسبب زيادة قريش فى عدد أيام السنة، حيث كانوا يجعلونها اثنى عشر شهراً واثنى عشر يوماً فكان الحج يقع فى ذى الحجة والمحرم وصفر ورمضان وشوال وفق دورة السنين والأيام.
وفى العام العاشر للهجرة كان يوم عرفة قد وافق اليوم الذى قدره الله فيه، فقال نبينا (صلى الله عليه وسلم): إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض أى أن الزمان قد أخذ دورته وعاد إلى هيئته التى خلقه الله عليها، فحج نبينا (صلى الله عليه وسلم) حجة واحدة هى حجة الوداع.
وإذا كان بعض الناس يذكرنا بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذهب والفضة فإن ذلك مرتبط بحال الأمة ويسارها ووضع اقتصادها، فإذا كان الاقتصاد الوطنى قوياً متيناً ليس فى أبناء الوطن جائع لا يجد ما يسد جوعته، أو عار لا يجد ما يستر عورته، أو مريض لا يجد ما يتداوى به، فليحج الناس ما شاءوا أو ليعتمروا ما شاءوا.