الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ديوان «تفقد عذريتها على مهل!!» لن تجد العذراء




«تفقد عذريتها على مهل!!» عنوان صارخ لديوان الشاعرة أميرة الأدهم الصادر حديثا عن دار ميريت، وإن كان تصنيف الكتاب كشعر كان ظالما أكثر منه منصفا لمجموعة من النصوص التى خطتها الأدهم بعمق شديد وحساسية راقية بعيدا عن الوقوع فى سؤال ماهية النص وأى قالب يتبع!!.. فمعظم النصوص تحمل روح القصيدة النثرية وأخرى تحمل روح القصة القصيرة وأخرى بها روح التجريب والمزج بين الكلمة العربية والمكملة لها من الإنجليزية، وهو ما لا يقدم عليه الكثير من الشعراء.
نصوص الأدهم تحمل الكثير من الجراءة والصدق فى التعبير والرؤية الصافية والعميقة للموقف بعيدا عن أى تحليلات لحقيقة الموقف أكثر مما ينبغى، بالمناسبة لن يجد القارئ نصا يحمل اسماً «تفقد عذريها على مهل!!» وهنا المفارقة التى اتبعتها الأدهم فى نصوصها، حيث دعت قارئها للبحث عن مفهوم جديد للعذرية وعن مفهوم جديد للمرأة فى المجتمع، كما دعته أيضا لتتبع الخيط الذى يدرك من خلاله كيف فقدت الراوية بالنصوص هذه العذرية، فالعذرية هنا ليست هى غشاء البكارة بمعناه الجنسى البحت، بل إن المرأة أو الفتاة لدى الأدهم فض غشاء بكارتها النفسى والعقلى والفكرى، فهى هنا تحاول أن تجعل لنفسها طريقا خاصا لحياتها، فهى هنا سيدة الموقف رغم ذكورية الواقع، فعلاقتها بمن حولها اختلفت تماما، فهى قادرة على تحليلهم وتأملهم ومواجهتهم بتأملاتها وتحليلاتها لهم بثقة مشمولة بالصراحة والوضوح فى التعبير.
فى نص «القرية الفقيرة لا تحتاج للأجراس» تتحرك الكاتبة بقارئها عبر عدد من المواقف المختلفة تماما فى زمنها ومكانها لكنها تسير فى خط واحد هو عبثية الحياة أيا كانت جغرافيتها أو نوعيتها، فالحياة هى الحياة .. هى فكرة ثابتة تتشكل بأشكال عدة، ففى اللوحة الأولى من النص تشبهت الراوية بأنها البرتقالة المتمردة التى تركت الموظف لتنزلق تحت عجلات الأتوبيس! .. فهى المنسية فى الزحام والمهجر، أما اللوحة الثانية فكانت المستلقية على سريرها غير الآبهة بطرقات الباب أو رنات التليفون أو ضلفة البلكونة المستسلمة للريح لترى نفسها أنها شاشة تليفزيون انقطع الإرسال عنها، فى لوحة أخرى تهاجم ذاك الذى يبحث عن الطريقة السهلة للحياة بعيدا عن أى مجهود، الباحث عن المخلص لتقول له بمنتهى الحدة والتربص:.. ولا ترهق نفسك بالذى أكتب.
فالكاتبة هى الأفكار العبثية المهمشة التى لا يراها أو يشعر بها أحد رغم أنها ذات قيمة حقيقية، لكن دائما القيم مظلومة بالمجتمعات الجاهلة وكل ما هو ساذج و زائف فهو متحقق ومتربع على عروش الأهمية.
الغلاف الذى صممه صلاح المر للكتاب ضم عدداً من العناصر المهمشة التى نراها أو نستخدمها دوما فهى عناصر بديهية فى حياتنا، واللافت هو تصويره لهذه العناصر بالحبر الشينى على خلفية صفراء متعفرة بالبنى مع اقتصاده اللونى الكامل سوى من بقعة اللون الأحمر بالوردة والأبيض لغطاء الرأس، عوامل النجاح للغلاف توفرت إنما صياغتها وإحكام تكوينها هو من ظلمها، فلا رابط خفى لهذه العناصر التى تبدو كالطائرة أو الحائرة على السطح دون هدف واضح، ليبدو وكأنه غلاف كتاب عن الشعوذة أكثر منه نصا أدبيا.