الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القمامة والأتربة والأدخنة السامة تحاصر الإسكندرية أرضا وجوا




غبار وادخنة سامة تملأ سماء الاسكندرية وتنتشر فى شوارعها أكوام القمامة والتى كانت حتى وقت قريب عروسا للبحر الابيض المتوسط ولكن على ما يبدو أن العروس شاخت وأصبحت عجوزا شمطاء بعد أن أفترسها مرض عضال اسمه الملوثات.
الغريب أنه قبل ثورة 25 يناير2011 تم اختيارها عاصمة السياحة العربية ولكنها الآن أصحبت تنافس القاهرة فى انتشار القمامة وتزيد عليها فى التلوث.
وفى الوقت الذى اعتاد فيه السكندريون على منظر الملوثات تغطى أرض وسماء شوارعهم يردد اللواء طارق المهدى محافظ الاسكندرية دائما انه توصل الى حل للمشكلة ويبالغ فى تصريحات رنانة بأنه سيتم انتاج طاقة بيولوجية من القمامة.
الاكثر غرابة فى الأمر أنه بعد 8 شهور من تصريحات المحافظ حول حل الازمة يزداد الامر سوءا حيث تتسع دائرة بؤر التلوث فى الاسكندرية فى حين يكتفى جهازشئون البيئة برصد المخالفات.
يقول محمد عمران موظف من سكان منطقة وادى القمر انه يعيش فى بيئة ملوثة أدخنة الاسمنت التى تملأ صدورهم وصدور أطفالهم ولايوجد منزل فى المنطقة لا يعانى من «تراب الاسمنت» الذى يغطى المفروشات وجميع أسطح المنازل من الداخل.
يبرر عمران لجوءه بالعيش فى المنطقة قائلا: «ايه اللى رمانا على المر غير الامر منه» فأسعار الارض والشقق فى المنطقة أرخص بكثير من أى مكان آخر واضطررت للسكن هنا حتى استطيع الزواج والا كان زمانى لسه عايش مع اهلى فى الورديان.
واوضح انه كان يعلم الخطر فى السكن فى المنطقة لكن كان لديه امل فى توفير مبلغ مالى بعد الزواج للانتقال لشقة فى مكان افضل لكن المصاريف تتزايد بعد الزواج ومصاريف الاطباء والعلاج له ولاسرته تلتهم اى مبالغ يدخرها.
ومن غرب الاسكندرية المكدس بالمصانع انتقلنا الى عزبة خورشيد فى شرق الاسكندرية حيث التلوث هذه المرة من اتربة السيراميك لننقل شكوى اكثر من 30 الف اسرة تعيش بجوار احدى شركات السيراميك العريقة (ليسيكو) حملها  لنا سامى مرسى «مدرس» الذى أكد ان أهالى العزبة يعيشون فى بيئة ملوثة وسيئة وأى حديث عن توفيق الأوضاع بيئيا مجرد حبر على ورق والشركة بها أكثر من 9 مداخن تعمل ليل نهار لدرجة أن الحياة اصبحت لا تطاق بعد اصابة الاهالى والاطفال بالامراض الصدرية خاصة تحجر الرئة وقال سامى ان الاهالى فاض بهم الكيل من تجاهل المسئولين للكارثة البيئية التى حلت بالعزبة التابعة لحى المنتزه لافتا الى أن هيئة الصرف الصحى أعطت موافقات للشركة على صرف مخلفاتها الصناعية على الصرف الخاص بالاهالى مما يدمر الشبكة التى انتظروها طويلا وعانوا من صرف المخلفات الصلبة التى تسد المواسير وتطفح فى الشوارع بما تحمله من مواد كميائية خطيرة وسامة
وأصلنا جولتنا الى أقصى الشرق بمنطقة طرسون فى أبى قير حيث يعانى سكان المساكن (مساكن مبارك) من وجود مكمورات تصنيع الفحم الاسود التى ينبعث منها دخان كثيف اكد احد السكان الذى رفض ذكر اسمه خشية من صاحب «المكمورة» على انبعاث دخان كثيف يملأ المنطقة مما ادى الى مشاكل صحية للاهالى لاستنشاقهم الغاز مؤكدا أنهم تقدموا بشكاوى للبيئة ومديرية القوى العاملة وننتظر تدخل المسئولين.
وقال الأهالى ان المكامير فى المنطقة تدار بدون ترخيص وطالبوا باغلاقها ولكن لا حياة لمن ينادى واستمرار الانتهاكات البيئية مستمرة.
ومن أزمة المكامير الى كارثة محرقة مستشفى صدر المعمورة حيث يؤكد المواطن نبيل سليم ان حرق مخلفات المستشفى يسبب اضرارا صحية للمرضى داخل المستشفى والاهالى الذين يسكنون بالقرب من المستشفى.
وشدد مسئول رفض ذكر اسمه على ان جهاز شئون البيئة يرصد قياسات الانبعاثات ويحرر محضرا بالمخالفات يسلم للمنشأة من خلال المحكمة لافتا الى ان القياسات لملوثات الهواء جاءت اعلى من المسموح به بالنسبة لغاز اول اكسيد الكربون وحمض الهيدرو فلوريك وحمض الهيدروكلوريد وذلك فى التفتيش الذى تم يوم 24 نوفمبر 2008 منذ 6سنوات وتمت مخاطبة المستشفى لتصحح المخالفات البيئية وتوفق أوضاعها كما تم التفتيش على المنشأة فى 11 يناير 2009 وتبين وجود نفس المخالفات وكذلك يوم 2 يوليو 2009 ولما وجدنا ان المحرقة تهدد صحة وحياة المواطنين بالمنطقة المجاورة وانها كررت المخالفة طالبنا بوقف المحرقة.
وفعلا اصدر اللواء عادل لبيب محافظ الاسكندرية الاسبق قرارا بايقاف محرقة صدر المعمورة عن حرق المخلفات الخطرة والزام جميع المستشفيات والمراكز الطبية بالتعاقد مع شركة النظافة للتخلص من النفايات الخطرة بعيدا عن الكتلة السكنية حفاظا على صحة المواطنين وارواحهم ومازالت المحرقة تعمل حتى الآن ومازال جهاز شئون البيئة يرصد المخالفات.
أمام هذه الكوارث من بؤر وملوثات بيئية حاولنا بعد هذه الجولة التى رصدنا خلالها العديد من المخاطر التى يتعرض لها المواطن السكندري ان نحصل على اجابات لاستفساراتنا من جهازشئون البيئة الموجود فى منطقة «ميرغم» ولكن تهرب المسئولون ونصحنا البعض بالاتصال بوزارة البيئة ونفذنا النصيحة وكان رد ادارة الاعلام بوزارة البيئة ارسال الاستفسارات عبر البريد الالكترونى وان الرد سيكون جاهزا بعد ثلاثة ايام ونفذنا المطلوب وأرسلت الى الادارة بريدا ألكترونيا يوم 17 مارس وبعد سلسلة طويلة من الاتصالات التليفونية وصل الرد على ما تيسر من اجابة لبعض الاسئلة يوم 13 ابريل نعرضها عليكم بالنسبة لشركة اسمنت «بورتلاند تيتان» بمنطقة وادى قمر اعترفت وزارة البيئة بوجود مخالفة المادة 43 سوء بيئة العمل وذلك بالتفنيش البيئى يوم 9 مارس الماضى.
واكد رد الوزارة ان المصنع ينتج تراب الاسمنت ( الباى باصى ) كمنتج جابنى بكمية (15 – 20 طنا فى الساعة ) ويتم التخلص منه عن طريق الدفن بموقع المحاجر القديمة الخاصة بالشركة والتغطية بطبقة رملية بواسطة اللودر وأن الشركة قدمت خطة لتوفيق اوضاعها بيئيا ولم يتم حتى الان.
وتضمن الرد ان الشركة متصلة بالشبكة القومية لرصد الانبعاثات بمقر الجهاز بالقاهرة وعند رصد أى حيود للانبعاثات عن القانون تحرر المخالفة فورا وبالنسبة الشركة «ليسكو» اعترف تقرير البيئة بان أخر تفتيش على الشركة كان يوم 20 نوفمبر 2013 وأسفرت عن رصد 7 مخالفات  وهى مخالفة احكام المادة 30 من القانون والتى تنص على ان تخضع ادارة النفايات الخطرة للقواعد والاجراءات الواردة باللائحة التنفيذية للقانون ومخالفة احكام المادة 23 من القانون والتى تنص على أن صاحب المنشأة التى تنتج عنها مخلفات خطرة طبقا لاحكام هذا القانون الاحتفاظ بسجل هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وكذلك الجهات المتعاقد معها لتسليم هذه المخلفات « بمعنى الزام صاحب المصنع بتسجيل المخلفات الناتجة عن المصنع وكيفية التخلص منها وهو مالم يحدث، والمخالفة الثالثة قيام المنشأة بالتخلص غير الامن للمخلفات من الصلبة، بينما جاءت المخالفة الرابعة تجاوز الحدود المسموح بها لمستوى الصوت.
وتضمنت المخالفة الخامسة عدم ارتداء العاملين لمهمات الوقاية الشخصية ولزيادة الاتربة الصدرية المستنشقة داخل المصنع و المخالفة السادسة عدم التزام صاحب المنشأة باتخاذ الاجراءات « اللازمة للمحافظة على درجتى الحرارة والرطوبة داخل مكان العمل.
وأخيرا مخالفة المصنع لاحكام المادة 3،2 من القانون 48 لسنة 1982 لقيام المنشأة بالقاء الصرف غير المطابق للمواصفات والمعايير على مسطحات المياه غير العذبة
 بعد كل هذه المخالفات التى رصدها جهاز شئون البيئة بالاسكندرية اكد التقرير انه بتاريخ 27 ستمبر 2011 تم التفتيش على نفس المصنع و جاءت نتيجة التفتيش بنفس المخالفات مما يؤكد ان التفتيش مجرد حبر على ورق.
واشار التقرير الى انه عقب كل تفيش تقوم الادارة المركزية لجهاز شئون البيئة بمخاطبة سكرتير عام المحافظة بصفته الجهة التنفيذية بضرورة تطبيق المادة 48 من القانون والمادة 22 من لائحته التنفيذية ضد المنشأة ومخاطبتها بضرورة توفيق اوضاعها دون جدوى.
وهكذا يستمر تصاعد الادخنة وتلوث البيئة بالصرف وعدم توفيق الاوضاع.
أما مستشفى الصدر المعمورة فكان رد البيئة يؤكد ما طرحه اهالى المنطقة من شكوى فقد اكد التقرير انه تم تفتيش على المستشفى بتاريخ 19 نوفمبر 2013 وجاءت نتيجة التفتيش تحرير 5 مخالفات وهى مخالفه احكام المادة 22 لعدم احتفاظ المستشفى بسجل بيئى مكتمل البيانات ومخالفة احكام المادة 30 من القانون حيث خالفت المنشأة القواعد و الاجراءات المنصوص عليها من حيث ادارة وتداول وتخزين المخلفات الخطرة ومخالفه احكام المادة 33 من القانون لعدم احتفاظ المنشأة ومخالفة احكام المادة 37 من القانون والتى تنص على انه يحظر قطعيا الحرق المكشوف للقمامة والمخلفات الصلبة ومخالفة احكام المادة 43 من القانون لعدم التزام المنشأة بعدم ارتداء العاملين مهمات الوقاية الشخصية داخل المنشأة وسوء بيئة العمل وعفا الجهاز نفسه من المسئولية بتحرير محضر بالمخالفات التى رصدت اثناء التفتيش وتم اتخاذ الاجراءات القانونية حيال ذلك وبعد يا محافظ الاسكندرية الهمام ماذا ستفعل فى معاناة هؤلاء المواطنين مع الفقر؟