
كمال عامر
مصر بين البناء والهدم (1)
■ رحلة من منزلى فى السابعة صباحًا .. من أمام قصر الرئاسة على «المرحوم» الطريق الزراعى والذى توفى بالسكتة القلبية نتيجة قطعه أو الحفر والمطبات إلى كافيتريا زغارى بمدينة كفر شكر.. مرورًا بالمنشأة وصهرجت.. مدخل مدينة ميت غمر.. قمائن طوب.. كبرياء مدينة ميت غمر الصناعى لم يبهت برغم توقف «مكوك» الغزل.. شارع محطم.. يكاد يصيبك بدسك الظهر مهما كانت ماركة سيارتك.. الكورنيش.. ڤيللات الجندى ورزق الجمال والسعدنى والقبانى وأبو رمضان وباسيلي.. نادى ميت غمر وبنك مصر والساحة الشعبية وشارع المحطة.. وعمارات سكنية ومحلات وزحام وناس داخلة غلط ورهبة لأن الجميع يسعى للرزق.. ميدان المحطة والإدخار.. كوبرى دقدوس.. منطقة نهاية الدقهلية وبداية الشرقية.. سنتمية وبشالوش ومرتضى منصور اختلست النظر وجدت حارس الفيللا يقوم بعملية نظافة انتظارًا لحضور مرتضى منصور والاحتفال بالبراءة.. شبرا صورة.. ثم قرية قرموط صهبرة حول مائدة إفطار وبجوارى وحيد همام بالضرائب وأكمل صادق مدير مالى ومهندس محمود عبيس مدير صيانة جامعة الزقازيق ومحمد محمود مسافر للكويت ومصطفى محمود ضابط.. فطير وعسل وجبنة قديمة وبيض فراخ بلدى وعيش لا يشَبع منه أبدًا..
وحوار حول مصر رايحة على فين؟ صلاة الجمعة بمسجد رزق الجمال.. وخطيب أعجوبة.. لا يرى بعينيه لكنى بعد الصلاة وجدته يسير وسط الشارع بسرعة وقوة.. بعد الصلاة اجتماع بجمعية النور لخدمة المجتمع بحضور رضا عطية شاعر والشيخ سامى السعيد عبد الشافى والشحات حسن عبد الله عامل بناء وخالد محمود مدرس ودار حوار تأكدت من خلال متابعتى له أن الإخوان أو رجال الحزب الوطنى السابق أو الوفد وغيرهم فى صراع من أجل خدمة مواطن قرموط وهم أحبة والاحترام يربط بين الجميع..
أكثر من خمسة وعشرين شخصًا من أطياف السياسة المختلفة.. فى حوار رائع.. حول الخدمات التى يمكن أن يقدموها للمواطن كل واحد يعبر عن البلد لا أفراد.. سعدت بلغة الحوار ونظافة الغرض وطهارة القلب بين الإخوان المسلمين وغيرهم.. لم أسمع فى النقاش كلمة تخوين أو اتهامًا أو غيرها.. نقاش سياسى محترم.. ليت الفضائيات كانت هناك!!
بعد ست ساعات من النقاش الراقى والسلامات والتعارف ذهبت إلى رجل الأعمال مصطفى هلال فى قريته فقال لى محمود رزق الجمال رجل الأعمال.. الزيارة بمناسبة نجاته من حادث سيارة ..
والراجل عامل عزومة وذابح عجول وأهل البلد هيكونوا موجودين.. المشهد بالنسبة لى مختلف.. لأننى أسعى لقراءة وجوه الناس الطيبة..
عند دخولنا وجدت الحاج مصطفى هلال يترك المائدة بما عليها ويستقبلنا.. جلست مصادفة بجوار د. مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق وأحد أهم الخبراء فى مجال المال والبزنس.
عدد كبير من أصدقاء الرجل.. عزومة 5 نجوم ولا فى هيلتون وأضاف كل مهلبية وبلح وعنب وجوافة وبشهامة أهل البلد لازم تأكلوا.. مفيش سفر إلا بعد الأكل.. وسط القفشات والنكت والترحيب بسلامة مصطفى هلال اسمع د. مصطفى السعيد وهو حزين لموقف مصر المالى والاضرابات وقطع الطرق وغيرها.. حوار مهم اختزله الآن.. وسط هذه التجمعات ناقشنا ما يحدث فى التحرير وجمعة الحجارة.. ومستقبل مصر وكيف يمكن خدمتها بأى شكل.. والحقيقة أن من التقيت بهم هم الذين يقدمون الخدمات دون أى مطالب.. جمعية النور والإخوان المسلمين وحتى رجال الوطنى السابق جمعهم حب الخير والرخاء لأهل بلدهم..
أثناء عودتى للقاهرة.. قارنت بين النخبة السياسية وما يقومون به من تمزيق للنسيج الوطني..
فى نفس الوقت هناك بسطاء محترمون فى القرى والمدن يبذلون الجهد لمصلحة بلدهم دون فضائيات.. ولا صحف ولا فوائد.. هؤلاء هم المواطنون الحقيقيون والذين يبنون مصر فعلًا.. وهم مختلفون عن الذين حاولوا حرقها فى التحرير..
محمود رزق الجمال كان صاحب الرحلة والفرصة والدعوة.. لم يتكلم.. تركنى أرى وأسجل.. الأهم أنه فى نفس توقيت اجتماع لكل القوى الوطنية بقرية قرموط صهبرة للبحث فى حلول لمشاكل الناس وكيف يتم تقديم مساعدات لهم. كانت أخبار التحرير والخلافات تحاصرنا.. وقد قارنت وعلمت الفرق!!