
كمال عامر
رشاوى فعل الخير (2)
■ الجمعيات الخيرية التى تعمل فى خدمة المجتمع تقدم خدماتها للناس.. أجمل ما فيها أن خدماتها بدون مقابل وحقيقية.. ورجال الأعمال أو المقتدرون ماليا هم أهم روافد الخير لتلك الجمعيات.. وأيضا المواطن البسيط.
هناك شىء ما فى العلاقة بين المواطن وتلك الجمعيات.. المواطن بدوره «شكاك».. يريد أن يرى نعمته على المستفيد دون وسيط.. تلك الحساسية جعلت من التبرعات المباشرة من المواطن للمستفيد محدودة.
■ الجمعيات الخيرية صادقة الهدف والنية يمتد عملها وينتشر.. هناك جمعيات صادقة.. وأيضا جمعيات مريبة!! والله وحده هو الحكم.
مقالة أمس.. «مصر بين البناء» هى كشف واضح لفروق لم نلتفت إليها.. التحرير بما دار فيه لم يستفد أحد مما حدث.. بل حدثت إصابات ودماء اختلطت بالملابس والشارع، بينما فى القرى البسيطة مشهد مختلف.. قيادات الإخوان مع قيادات الحزب الوطنى السابق وقيادات وفدية مع ناس غير منضمين دار نقاش داخل جمعية النور لتنمية المجتمع بقرية «قرموط صبهرة» بمركز ديرب نجم الشرقية.. المناقشة رائعة ومحترمة.. لم تخرج عن النص برغم وجود أسباب ومبررات.. الجميع اتفق على أن أهالى القرية والقرى المجاورة لها يستحقون الافضل.. ناقشوا الموقف السياسى.. وأداء الرئيس مرسى.. ومستقبل مصر وحاضرها.. والاضطرابات.. أيضا ناقشوا احتياج القرية لعيون لدفن الموتى «مقابر»، وشكل مسابقة تحفيظ القرآن.. وترتيبات لزيارات أطباء لعلاج أهالى القرية عندما بدأ النقاش حول مليونيات التحرير جاءت الاجابات ما بين «عاوزين نخدم بلدنا بجد.. ربنا يهدى الجميع.. الله يكون فى عون مرسى هيلقيها منين ولا منين.. من الاقتصاد المنهار ولا الاعتصامات وقطع الطرق ولا المرور الصداع فى دماغ كل المصريين.. الرئيس يحتاج لفرصة.. وأحلى كلمة سمعتها من أحد أعضاء الحرية والعدالة.. «ربنا هو اللى بيخطط للراجل ده.. يقصد الرئيس مرسى».
■ الجمعيات الخيرية كانت محور الحوار.. فى الأرياف.. القرى والكفور تجد أن عمل الجمعيات الخيرية واضح.. ومؤثر ومعروف.. أدق تفاصيل الأعمال.
جمعية النور لتنمية المجتمع إحدى جمعيات الخدمة العامة.. مقرها قرية قرموط ـ صهبرة ـ مركز كفر نجم وهى تقدم خدماتها لأهل القرية.. تحفيظ قرآن.. علاج ودروس خصوصية لطلاب الشهادات ومساعدات لليتامى والأرامل لمواجهة أعباء الحياة.
بجانب المساعدات العينية فى المناسبات.. رمضان أو العيد أو غيرهما.. قصة غريبة.. جامع على مساحة 450 متراً وبجواره مساحة للتوسع.. مجهز والناس بتصلى فيه.. كان هناك إصرار على أن نصلى الجمعة فى الجامع.. وبعد الصلاة سمعت قصة: المتبرع بالجامع وأرضه بح صوته من دعوة الى الأوقاف لكى تقبل التبرع.. سألت: لماذا ترفض الأوقاف هدية متكاملة؟
جاء الرد من المتبرع بالأرض والجامع وهو رجل الأعمال والخبير السياحى محمود رزق الجمال: شوف يا سيدى أنا بنيت الجامع وتحملت كل تكاليفه.. وفرشته بالموكيت ودورات المياه والمأذنة ومكان الخطيب.. وذهبت لوزارة الاوقاف منذ ثلاث سنوات أى قبل الثورة وطرحت طلبى على المسئول.. كانت الاجابة: شغل مخك.. وهو بصراحة لازم تدفع؟؟ وإلا لن يقبلوا الهدية؟ أضاف الرجل: لم أصدق وبالفعل تم تعطيل الطلب وأقسمت على المصحف بأننى لن أدفع مليما واحدا لتقبل وزارة الاوقاف تبرعى بالجامع وزاوية للصلاة.
أضاف الرجل فى حسرة: حد يصدق أن التبرع بجامع بكل مشتملاته أمر يحتاج لدفع رشوى!!
قلت: وماذا بعد الثورة؟ قال لى: ذهبت لإعادة الطلب مرة أخرى.. وحتى الآن لم أسمع رداً!!
طبعا الموضوع جديد.. والسؤال: كيف يمكن تعطيل استلام عمل خيرى؟
تلك الاشكالية أكيد لها مبررات ودفوع قد تكون هناك مبررات لدى وزارة الاوقاف حول رفض هدية محمود رزق الجمال لأهل قريته وهى عبارة عن جامع وزاوية.. أيضا لا أعلم نظرية «فتح مخك».. قد تصادفها فى أى مكان.. إلا وزارة مثل الاوقاف وأيضا قد نجدها فى صفقات رجال الأعمال أو فى تسيير خط سير طلب.. وهى أمور منتشرة فى مصر.
■ د.مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الاسبق: وأحد الخبراء فى حسابات الاقتصاد المصرى.. صدفة وجدت مكانا بجواره فى احتفالية بقرية «شبرا صورة» بمناسبة نجاة رجل الاعمال مصطفى هلال من حادث سيارة.. السعيد كان أحد حضور الاحتفال وبرغم ازدحام المكان بضيوف صاحب الدعوة.. وانشغال معظمهم بتناول أفخم أنواع الطعام المجهزة من مجموعة محترفة من الطباخين والسلام والتحية.. وسط هذه المظاهرة الانسانية الجميلة لم أترك الفرصة تمر دون مناقشة د.السعيد الذى ارتدى جلبابا أبيض قلت: إيه رأيك يا دكتور.
قال لى: الرئيس مرسى الله يكون فى عونه.. هيحل ازاى كل المشاكل الموجودة.. الراجل عاوز فرصة ليشتغل ولازم نمنحها له، والعميلة ستسوء أكثر لو لم نتدارك الاخطار الآن.. الرئيس مرسى عاوز يتقدم للأمام ولكن ألوف الموضوعات والمشاكل تجذبه للخلف.. ربنا يستر علينا جميعا.
[email protected]