
كمال عامر
رشاوي.. بيت الله (3)
■ عنوان صادم.. لكنه حقيقة لم أكن أتصورها.. سمعت عن رشاوي للحصول علي خدمة حتي لو كانت ضمن حزمة الحقوق القانونية أو الإنسانية.. ممكن أدفع للبقال حتي في السوبر ماركت.. أو الجزار حتي لا يغش اللحمة خوفا من زوجتي التي تري أنني خبير حتي في شراء اللحوم.. أدفع للنقاش أو للزبال أو لأي شخص.. هي رشاوي متفق عليها في صورة إكرامية.. مبلوعة!
حياتنا كلها إكراميات.. سايس السيارة.. عامل الجراج.. المهم تدفع وأنت مبسوط وليس مجبراً.
■ الإكرامية كلمة مهذبة.. والعالم أصبح ينظر إلي مصر علي أن كلمة فتح مخك ترجمة للواقع المصري.. والندرة وراء انتشار هذا المصطلح.. دواوين الحكومة مثلها مثل غيرها.. والحقيقة أننا كمصريين وأنا منهم نتعامل مع الإكرامية كواجب إنساني تجاه البسطاء ولم نشكو.
■ لكن المشهد هنا مختلف..الرشوة المطلوبة هنا مقابل ضم بيت الله.. بصراحة أكثر.. مواطن أقام «جامع» بقرية قرموط صهبرة وبعد أن انتهي من عملية البناء والفرش تم افتتاح المسجد وهو مقام علي مساحة 400 متر ويمكن عمل ملحقات.. المسجد بالأرض أراد المواطن خبير السياحة محمود رزق الجماّل أن تضم وزارة الأوقاف الجامع وزاوية بمبني جمعية النور لخدمة المجتمع، الجماّل وجهة نظره في عملية نقل تبعية المسجد إلي وزارة الأوقاف:
«خوفه من أي تغيير في طبيعة المسجد مثل الاستيلاء عليه بأي طريقة وتغيير نشاطه أو سرقته لصالح أي جهة.. الرجل يشرح «وزارة الأوقاف عاوزه إيه مني.. أنا لم أسرق أرضاً.. لم استفد من أي تسهيلات من أي جهة.. لم أوظف إخوتي أو أياً من أسرتي.. لم أسع من خلال المسجد أو الجمعية الخيرية إلا خدمة أهلي وعشيرتي وأقاربي وأصدقائي بقرية قرموط صهبرة والقري المجاورة.. وهو رد جميل لمكان أقمنا فيه.. أسعي أيضا أن يظل المسجد قائما كصدقة جارية لوالدي وأمي، لا أبغي سوي الخير لأهلي والرضاء من ربي».
■ وأنا أتعجب من سلوك وزارة الأوقاف تجاه جامع رزق الجمال بقرية قرموط صهبرة مركز ديرب نجم شرقية إذا كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة بشأن التبرع بالمساجد وعملية الرشوة والسرقات للرواتب والتعيينات الكاذبة وغيرها فهي أمور يمكن تداركها وتصحيحها ومعاقبة الجاني.
أما رفض قبول وزارة الأوقاف للهدايا النظيفة مثل جامع رزق الجمال خاصة أن الأوقاف أرسلت ثلاث لجان للمعاينة، اثنتين علي مستوي المحافظة والثالثة من الوزارة والتقارير أشارت إلي عدم وجود أدني شبهة من وراء قرار محمود رزق الجمال بالتبرع بالمسجد والأرض المقام عليها هدية لوزارة الأوقاف.
الجمال وهو أحد المشهورين في الخدمات العامة وخدمة المجتمع يري أن خدمة الناس وتقديم كل ما يمكن لحل مشاكل الأسر الفقيرة واليتامي وغيرهم أمور مطلوبة لبناء مجتمع الرحمة والمحبة والخير وهو شعار مصر الجديدة.. وأنا لن أبور أرضاً ملاحقة للجامع وتحويلها لمبان.. ولن أقوم بتعيين أحد من أسرتي.. ولن أستفيد بأي صورة من الصور من تبرعي بالجامع والأرض والزاوية لصالح الأوقاف.. علي الأقل هي ستضمن بقاء الجامع والمحافظة علي هويته ودوره.
■ أنا شخصيا مقتنع بأن وراء عملية التباطؤ الآن في استلام الجامع من جانب وزارة الأوقاف أمور قد تكون إدارية.. لكن غير مقتنع بأن الرشوة هي المعبر لإنهاء أمل محمود رزق الجمال.
إلي السيد وزير الأوقاف.. الأوراق أمامك... وقد زرت المسجد ورأيت التفاصيل.. إذا كان هناك من يمنع قبول الجامع هدية أعلن وأشر ودافع.. أما إذا كان هناك موظف أو غيره يطلب رشوة لتحقيق ذلك.. هنا عليك أيضا دور أخلاقي في تطهير كل الشوائب والأوقاف مثلها مثل غيرها.. فيها وفيها وفيها لا تجعلوننا نكفر بالقيم والأخلاق.. مصر الجديدة المفروض حدث فيها تغيير.. لكن أنا شخصيا أري أنه سطحي وصوتي.. لكن علي الأرض الأمر مختلف.. ولا تغيير إلا في السب والشتيمة والبلاغات وقطع الطرق والاعتصامات كلها أمور مطلوبة نعم.. لكنها لا تبني مجتمعاً ولا تطور بلداً.. عاوزين تغيير في الأفكار.. في الأخلاق إلي الأفضل!