الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحكيم مانديلا.. والرئيس مرسي!

الحكيم مانديلا.. والرئيس مرسي!





■ لا أحد في مصر يتمني أن تتجه الأمور بالنخبة السياسية الي طريق التجربة العراقية.. لما هو معروف عنها بأنها تجربة ديمقراطية مختلطة بالدم.. لكن المشهد الآن يعيد إلي الأذهان نفس السيناريو العراقي.. جدل حول مواد الدستور.. خناقات.. تراشق بكل ما تقع عليه اليد أو العقل.. إذا: مصر ستتحول إلي عراق جديد.. ويجب أن نعترف بأننا جميعا مسئولون عما يحدث.. وعن هذا الموقف السخيف الذي وضعنا أنفسنا فيه.
 
الوقت لم يمر بعد.. جنوب أفريقيا هي النموذج الافضل للتغيرات التي نواجهها.. مانديلا كان حكيما وواعيا وخبيرا ومتسامحا.. سعي لبناء الدولة.. ألغي المنفعة الشخصية وتصرف علي أنه زعيم سياسي محب لبلده.. مانديلا والسود في جنوب أفريقيا عانوا من السجون والتعذيب والتهميش والمطاردات.. وعندما انتصروا لم يقيموا المشانق.. لم يتفرغوا للثأر من الاقلية البيضاء.. لم يشهروا بهم.. لم يسعوا لقتل ضباط البوليس الذين سجنوهم أو كتبوا التقارير عنهم أو عذبوهم.
 
مانديلا فضل لغة العقل والحوار البناء والتسامح ولأنه رئيس شجاع أعلن غلق الملف تماما ومد يده إلي خصومه ليستفيد من خبرتهم.. والنتيجة جنوب أفريقيا دولة قوية غنية لم تتأثر بتغيير الانظمة برغم الزلزال السياسي الذي حدث هناك بصعود مانديلا إلي رئاسة جنوب أفريقيا.
 
تعالوا نناقش ما يحدث في مصر ونقارن علي الاقل لنسجل كلمة ان لم يكن أحد يستمع.. مصر الآن انتقلت من مرحلة إلي أخري مختلفة تماما.. الإخوان المسلمون من السجون الي القصر الرئاسي.. بل مرسي أشبه بمانديلا.. من السجن إلي منصب الرئيس برغم أن معاناة د.مرسي لم تكن بمقدار 25 عاما من الحبس الانفرادي لزعيم جنوب أفريقيا وحكيمها.. مانديلا دفع ثمنا لم يدفعه د.مرسي.. حزبه أيضا.. لكن ماذا حدث في جنوب أفريقيا.. وما يحدث في مصر؟
 
في مصر الأمور مختلطة.. لا الإخوان متسامحون ولا خصومهم يتركون لهم فرصة لالتقاط الانفاس علي الاقل ليحتفلوا بما حققوه.. لذا فإن الطرفين في تنافس غير شريف والضحية الوطن.
 
في جنوب أفريقيا مانديلا كان الزعيم والمرجعية مما سهل من تطبيق قراراته وتوجهاته فوراً.. بينما الرئيس مرسي كان رئيسا للحزب الحاكم ولكنه ليس بالمرجعية هناك المرشد ومكتب الارشاد.
 
مانديلا لم يقد حركات أو تجمعات لتعطيل العمل أثناء نضاله، ولكنه كان يقود عملية تغيير لنظام ديمقراطي عادل يتيح لكل شعب دولته العيش بحرية وديمقراطية وعدل وكرامة.. وكانت الشعارات التي رفعها حقيقية.. بينما في مصر الشعارات رفعوها لتوحيد الغضب ضد نظام الرئيس السابق مبارك وبعد أن ترك الحكم كل فصيل سياسي رفع تلك الشعارات في مواجهة الآخر للنيل منه أو للمزايدة عليه.
 
إذا هناك خلاف واضح وجوهري يمنع الرئيس مرسي أن يكون مانديلا أفريقيا برغم أن الرجلين كل منهما جعل من نهضة بلده همه الأول وعاني وسجن.
 
أسأل: هل يمكن للرئيس مرسي أن يكون مانديلا أفريقيا؟ الاجابة نعم يمكنه ذلك.. وعليه تطبيق مجموعة من القواعد لكي ينجو ببلده من المؤامرات التي تحيط به من كل جانب داخلي وخارجي.
 
وعلي رئيس مصر أن يبدي رغبته في لم شمل حقيقي وتصفية الاجواء، والأهم منع الاخوان المسلمين من تعكير الجو العام بالتصريحات الجدلية التي تلحق الضرر بهم وبما يعلنونه من شعارات مانديلا لم يحرجه حزبه ولا رفاقه.. ولم يخرجوا عليه.. لكن الاخوان في مصر أحرجوا الرئيس مرسي ومازالوا، معظم مشاكل الرئيس صناعة إخوانية وليس خصومه المعروفين.
 
توحيد الرؤي والهدف مسئولية الاخوان مرشد وارشاد ورئيس الدولة.. علي الاقل حتي لا يخترقهم خصومهم ويسددون لهم الضربات.
 
الإخوان المسلمون يطبقون نفس النهج الذي رفضوه وثاروا عليه نفس الخطاب الإعلامي للتبرير.. وخطط الاغتيال المعنوي من خصومهم.. وكأنهم لا يتعلمون.
 
المحصلة.. أتمني أن ينسخ الرئيس مرسي تجربة مانديلا.. ولو فعلها لدخل التاريخ.. الاصرار علي تدمير مصر بحجة البناء علي أسس سليمة مؤامرة لو سمحنا بالهدم لن يتم البناء.