الأربعاء 27 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العدو الأمريكى يعتدى على نفسه كذلك‎

العدو الأمريكى يعتدى على نفسه كذلك‎






من دواعى سرورى أننى حين بارحت أرض الوﻻيات المتحدة الأمريكية منذ فترة وجيزة، قد تركتها، الحمدلله، وترابها الغالى معجونا - كان ولايزال - بدماء أبنائها السود العزل، المغدورين برصاص رجال الـ «FBI»، تقدر تقول كده يا باشا إن الربيع العربى بتاعنا بيمسى أحلى مسا عليهم.
فالبلاد التى تعلمنا الديمقراطيات ترفض أن يتظاهر بضعة أفراد ــ نشطاء ــ من شعبها سلميًا، ضد ممارسات شرطتها القمعية، إذ رد البوليس الأمريكى على الاحتجاجات بإطلاق الرصاص، فى مقتل، على المتظاهرين، بعد أن اشتعلت المظاهرات فى معظم أرجاء الوﻻيات ومدنها.
وكان من دواعى حزنى أن الشعب الأمريكى الأبيض، الذى ﻻ يقتله رجال الـ«FBI» فى المظاهرات ـ  يقتلون السود فقط ـ لم يعر اهتمامًا كبيرًا أو واضحًا بالنزوح الجماعى والاندفاع لمشاهدة فيلم «سيلما» الحائز فى الأوسكار الأخير على جائزة أحسن أغنية، والمعروض فى معظم دور العرض الامريكية، والذى يحكى نضال زنوج أمريكا بزعامة «مارتن لوثر كينج» منذ 50 عامًا ضد عنصرية وقهر البيض الأمريكان بزعامة  «ويندون جونسون» رئيسها آنذاك، حتى نالوا حقوقهم عند اغتياله، قاد مارتن لوثر كينج ثورة أمريكية دموية وليست سلمية كما يحدثنا التاريخ الأمريكى المزور .
وكان من دواعى غيظى أيضا، أن الفيلم الذى قامت ببطولته وإنتاجه الأمريكية السوداء أوبرا وينفرى، وشاركها براد بيت فى الإنتاج أيضاً، لم يصدر لها تصريحا يستنكر قتل الأمريكى الأسود من قبل الشرطى الأبيض فى عهد الرئيس الأسود!! ولم تجد إنزعاجا إزاء إحجام المواطنين عن مشاهدة الفيلمها! بل إنها ذهبت يوم 7 مارس الماضى ومعها كل فريق الفيلم إلى البيت الأبيض بواشنطن للقاء أوباما صاحب الربيع العربى فى أمريكا للاحتفال بالفيلم!! بل واتجه الجميع إلى مدينة «سيلما» فى الجنوب الأمريكى، حيث دارت الأحداث الحقيقية للفيلم منذ 50 عاماً، وقطعوا مسافة 85 ميلا سيرا على الأقدام ومعهم «أوباما» من «سيلما» إلى مدينة «مونتجمرى» عاصمة وﻻية «اﻻباما» مارين فوق جسر «ادموند بيتوس» حيث قتلت الشرطة عشرات المتظاهرين فى مظاهرات كان قد نظمها آﻻف السود فوقه.
لكن دواعى التفكير والتأمل تدفعنى إلى طرح بعض الأسئلة:
1- هل فقدت أوبرا وينفرى الأمل فى «أوباما» الذى ناصرته فى حملته الإنتخابية الأولى، باعتباره أول رئيس أمريكى أسود يتم فى عهده قتل وسحل العشرات من مواطنيه السود كل يوم على يد رجال الشرطة البيض!! فكان أن قامت أوبرا بإنتاج الفيلم لتقول لأوباما فى عينه أن خمسين عامًا لم تغير شيئًا فى ضمير الأمريكى مدعى الديمقراطية؟
2 - أم أن «أوبرا» قد فقدت البوصلة حين وافقت على الذهاب إلى البيت الأبيض يوم 7 مارس الماضى وإقامة عرض خاص لفيلمها «سيلما» مع الرئيس وعائلته و«كرو» الفيلم؟
3- لماذا لم يحصل الممثل «ديفيد اويلو» الذى قام بأداء دور مارتن لوثر كينج على أية جائزة فى الأوسكار الأخير، بالرغم من أدائه المذهل جدًا للدور، حيث كان صوته فى الجموع مدويا، وكان صمته للضمائر مدويا.