د.حسام عطا
المهرجانات ووسائل التواصل الاجتماعى وتغيير الوظيفة الجوهرية للفنون التعبيرية
فى الفن وعلاقته بوسائل التواصل الاجتماعى ظواهر مستحدثة يجب أن نتأملها، وهى ذات صلة مباشرة بحضور نجوم المسرح والسينما فى مصر.
وطالما تتكاثر المهرجانات بصفة يومية ولا يستجيب أحد لمسألة تنظيمها، وإذ تكاد تحل محل الفعاليات الإبداعية ذاتها لصالح ندرة الإنتاج فى العالمين الدراميين المسرح والسينما بينما المهرجانات تحل بديلاً يصنع الضوضاء الثقافية.
وإذ تجاوزت مصر مرحلة استخدام تلك المهرجانات لإعلان أهداف ذات صلة بالتجمع الدولى والإشارة لمعدل الأمان، وأهداف أخرى ذات صلة بتكريم رموز الفن وما إلى ذلك، فلم يعد أمامنا إلا ضرورة الإشارة لعودة دور اللجنة العليا للمهرجانات وإشرافها الذى كان على السفر والاستقبال ومعرفة هوية وقيمة العروض التى نستقبلها فى مصر، وتقييم العروض التى تسافر المهرجانات الأخرى وترفع اسم مصر سواء حصلت على موافقة التمثيل الرسمى أم لا.
خاصة أن بعضا من هذه المهرجانات صارت وسيلة تبادلية لعدد من الأسماء فى مصر والوطن العربى وبعضا من هواة الفرق الأجنبية، وذلك فى معظمها وليس كلها.
وما يمكننا الآن لحين النظر فى مسألة استبدال المواسم الفنية بالمهرجانات نظرة مؤسسية حقيقية، إلا أننا نناشد نجوم مصر بالحرص على عدم التكاثر على كل منصات المهرجانات حرصاً على نجوميتهم من عدم الاستهلاك وحرصاً على أن يصبح غيابهم الضرورى بعض الوقت هو مصدر للحفاظ على شوق الجمهور لهم وعلى تفكيرهم فى مشروعاتهم الإبداعية.
أما الظاهرة الثانية فهى ظاهرة تسريب بعض الصور من الأعمال الإبداعية قبل طرحها للجمهور العام وتقييمها تقييماً اختزالياً، مثل ما حدث مع صور الفنانة منى زكى من فيلمها الجديد أم كلثوم للمخرج مروان حامد، وفى هذا نهج جديد استباقى لصنع رأى عام ونقد للأعمال الإبداعية دون مشاهدتها.
أما الظاهرة الثالثة فهى الظاهرة الأكثر خطورة، وهى تتصل بالدراما التليفزيونية والنظر لها وكأنها وسيلة إعلامية.
ولعل ما دار مؤخراً حول موضوع دراما كارثة طبيعية، والتى أكدت إمكانية تأثير الدراما التليفزيونية خارج الموسم الرمضانى التقليدى والذى صار متخماً بكل الإنتاج السنوى المصرى وجرأة الطرح الذى يمزج بين الواقع والخيال ليعيد مناقشة الطبقة المتوسطة المصرية المعاصرة، ويقدم فى فن التمثيل الدرامى فرصاً استيعادية لإبداع متفرد، لهو تأكيد لاشتياق الجمهور المصرى الكبير لفن جميل يعبر عنه ويرى فيه آماله وهمومه ويحاط به بجمال ورقى وصدق، وهى المعايير التى صنعت عبر جمهورنا المصرى نجاحاً وحضوراً لأعمال عديدة مهمة بقيت فى الذاكرة والإعلان.
ولعل رد د. مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى على فرضية المواطن الذى لم يحصل على توقيع وزير التضامن الدرامى الخيالى بتصور واقعى لحل الأزمات لهو على رهافته وحسه السياسى رفيع المستوى، إلا أنه يحمل رؤية للأعمال الإبداعية الدرامية وكأنها أعمال إعلامية.
فى تقديرى مساحات الحرية كى يرى المصريون أنفسهم فى الدراما والفنون التعبيرية ضرورة لا بديل عنها، مع ضرورة الثقة واليقين بأن تلك الفنون التعبيرية لا يمكن النظر لها مثل النظر لوسائل الإعلام، فشرطها الخيال وللخيال مسارات غير مسارات الإعلام.
أما وسائل التواصل الاجتماعى وتأثيرها فى صنع الاستقطاب لكل ما يصدر عن أهل الإبداع والفن فهى مسألة يجب ألا يقدم لها الفنانون الوقود الذى يشعلها.
أما وفرة الإبداع وقدرات الفنون التعبيرية المصرية فهى تحتاج لخطط عمل جماعية شاملة لا تبرد الطاقة فى الصيغة المهرجانية وتعترف أننا نحتاج لإعادة تعيين المواقع وتحديد الأدوار المتنوعة لصنع الحضور الفعال للقوة الناعمة المصرية.






