
كمال عامر
صاحب الجراج يخالف الرئيس
■ ربنا وحده يعلم كيف ومتي أبدأ يومي لتنفيذ الأجندة الروتينية اليومية لعملي.. وأسكن أمام الرئيس مرسي ويفصلني عنه شارع الأهرام و50 متراً فقط.. السكن محاصر بقواطع خرسانية.. شارع المماليك أصبح بديلاً لشارع الأهرام وربنا «ما يوريكو» في عزيز!! وحكاية أن أصل لعملي في مؤسسة «روزاليوسف» بشارع قصر العيني تحتاج مجموعة متخصصة في معرفة ليس الشوارع لكن في نوايا الناس وتفسير الأفكار.. علي الأقل للتعرف علي أماكن الاعتصامات وقطع الطرق.. والزحام القاتل.. وحتي أصل لشارع قصر العيني.. ما أراكم الله مكروهاً في حياتكم ولا معاناة مثلما أراها يومياً.
لن أشرح ماذا حدث خلال فترة المظاهرات والقتل وأصوات الرصاص.. والهتافات.. والحصار.. وكيف أعود لمنزلي يومياً في ظل تغيير الطرق وإغلاق أخري.. منزلي علي مسافة 100 متر وأجد نفسي أقطع عددا من الكيلومترات والساعات للف حول الحواجز من كثرة المعاناة وشدتها.. وجدت نفسي في محاولة شخصية مني للتخفيف عن معاناتي لا أتحدث مع أحد فيها حول تلك المعاناة.. المهم أن هذا المربع السكني لي أصبح داخل الثورة بحكم الظروف.. وبدأت أري تغييرات علي السكان وأصحاب المحلات والجراجات من أصدقائي.
■ الظروف الاقتصادية والانقسام حول تصنيفها الدقيق انتقل هذا الانقسام من النخبة إلي الآخرين بسرعة.
أحمد وجمعة وصفوت.. ثالوث يعملون في جراج حمدي.. عند دخولي الجراج وبعد رحلة المعاناة اليومية وبعد نزولي من السيارة.. وجدت أحمد يقترب مني قائلاً: أستاذ كمال.. الحاج حمدي صاحب الجراج قرر زيادة الأسعار علي كل سيارة بواقع 70 إلي 100٪.. وأضاف: الرجل قال الضرائب والأسعار زادت.. لم أرد مدة خمس ثوان.. تذكرت كلام الرئيس مرسي بأن الاقتصاد آخر حلاوة.
وتذكرت أيضاً تبريرات السادة الوزراء خاصة وزير المالية وغيره بأن المواطن لن يضار من الضرائب أو أي إجراء بخصوص العلاج الاقتصادي.
المهم أنني استعبطت وقلت للأخ أحمد: كيف يرفع الحاج حمدي الأسعار من 70 إلي 100٪ والرئيس مرسي شخصياً تعهد بحماية الشعب من جشع التجار.. وأضفت: أنا شخصياً سوف أعبر الشارع وأقيم خيمة أمام القصر الجمهوري مطالباً الرئيس شخصياً بالتدخل لدي الحاج حمدي لتأجيل رفع الأسعار إلي حين تطبيق حزمة الضرائب الجديدة وليس قبلها بشهور.. المهم أن جمعة وهو العامل المهم في الجراج وهو أشبه بالمستشار للحاج حمدي قال: والله أنا قلت له الزيادة مش دلوقتي!! برغم إيماني أن فكرة غلاء الأسعار للجراج فكرة جمعة ومن إخراجه.. صفوت لم يتحدث ووجدته وكأنه يتحدث مع نفسه.. الرجل برغم أنه قارئ جيد إلا أنه مواطن لا تنعكس زيادات حمدي عليه بالتالي فهو منشغل في قراءة الصحف وتعامله الخشن مع السيارات.. أنا الآن أفكر هعمل إيه، رداً علي طلب زيادة الأسعار للجراج والذي أراه غير مبرر وليس وقته.. الحاج حمدي لم يفهم رسالة الرئيس مرسي من رجال الأعمال والمستثمرين مثل سيادته بضرورة ضبط الأسعار والتخفيف عن المواطن.. وقراره برفع الأسعار في هذا التوقيت بالذات يعني طبقاً لقانون عدم التظاهر والإعلان الدستوري السابق والقادم أنه بهذا القرار يلحق الضرر بالتلاحم الوطني ويدفع المواطن إلي التظاهر وبالتالي يشكل تأثيراً سيئا علي الرئيس مرسي.
والله فكرت أن أكتب لافتة علي باب القصر الجمهوري ناحية جامع عمر بن عبدالعزيز ليراها الرئيس من البلكونة، بالبنط العريض «لا لضرائب حمدي.. أو يسقط.. يسقط قرار حمدي» أو أدعو الرئيس مرسي شخصياً للتدخل لحل المشكلة مع صاحب الجراج.
شُفتم إيه اللي حصل بعد ارتفاع سعر الدولار والتصريحات الوردية علي غير الحقيقة بأن الاقتصاد المصري «فُل.. الفُل».. لو أن المسئولين كشفوا للشعب عن المعاناة الحقيقية للمواطن في ظل الاقتصاد الحالي.. ربما تراجع الحاج حمدي عن قراره التعسفي برفع الأسعار الآن.
أنا شخصياً سوف أسعي لدي الرئيس مرسي ليتصل ولو تليفونياً.. أو يرسل استدعاء لأصحاب الجراج.. للتفاهم بتأجيل رفع الأسعار.. خاصة أن الرئيس نجح مع كبار التجار والمستثمرين علي تأجيل الزيادات انتظاراً لجهوده في شأن الإصلاح الاقتصادي.
معلوماتي الأكيدة أن حمدي لا يتعامل مع الدولار - مطلقاً - يظهر هذا من نوع السيارات بالجراج.. وأن أحمد وجمعة وصفوت برغم أنهم يفرضون علي إتاوة ثقافية تعهدت علي أثرها بتوفير عدد خمس جرائد يومياً لهم ومجلتين إسبوعياً بجانب ما يتوافر لهم من جرائد من مصادر أخري.. إلا أن المد الثقافي لهم مني لم يؤثر علي أفكارهم بالبحث عن حلول ملهمة لأزمات صاحب الجراج.. ولكنهم اتجهوا نحوي وبقية أصحاب السيارات.. الثالوث لا يتعاملون أيضاً بالدولار طيب لماذا التسرع في رفع الأسعار؟!
أعتقد إنها مؤامرة علي الرئيس من جانب هؤلاء .
[email protected]