
كمال عامر
أنا اتخنقت
■ الخنقة ليست من الغاز الذى يدخل فى جهازى التنفسى يوميًا سواء من الأمن المركزى الذى يحمى قصر الاتحادية حيث اسكن بجوار الرئيس.. أو فى مكان عملى بشارع قصر العيني..
اتخنقت من السيرك السياسى والكذب والنفاق وسماسرة الفتنة.. اتخنقت من الذين يكذبون ويكذبون ويكذبون عينى عينك، الأخطر أليس لهؤلاء أولاد أو زوجات أو أصدقاء يكشفون لهم كذبهم..
■ اتخنقت من وزير يعلم جيدًا أن مشاكل وزارته مالية وعمالة لا تعمل وانفلات أخلاقى وبرغم ذلك يطالعنا كل يوم بأن الموقف فل الفل..
■ اتخنقت من تصريحات الرئيس مرسى بشأن الاقتصاد والحوار الوطني. وحزمة إغراءات للمعارضة ثم اكتشفت أن الرجل لا يسمع إلا نفسه..
وهو معذور لأن شوكة الإخوان قد تقتله..
■ اتخنقت من ثوار ضاعت ثورتهم وهم الذين يتواجدون فى الميادين.. يتصدون بصدورهم للرصاص الحى والخرطوش.
■ اتخنقت من بارونات السياسة الجدد وهم الذين يتاجرون بالثورة والثوار.. الخلافات بينهم أقوى من خلافاتهم مع منافسيهم..
■ المشهد مؤلم .. والدماء هى التى تجذب الأنظار.. لم تعد المظاهرات السلمية تجدي.. الالتراس تحول لقوة ضغط فى الشارع السياسي.. وللإخوان قوة أيضًا والانقاذ بدأت تشكيل قوة ثالثة وهو ما قد يؤدى لإعلان مليشيات عسكرية رسميًا.
نعم نحن فى طريق لبنان.. كل حزب أو تيار يسعى لتشكيل قوة مسلحة للمساندة وجهاز استخباراتى لجمع المعلومات.
■ لا أحد الآن يفكر فى المشاكل التى تواجه البسطاء والغلابة.. إنهم مشغولون بالمناصب والتورتة الثورية وكيفية توزيعها.
لا شيء تغير فى مصر.. مبارك ذهب.. وجاء مرسي.. ومصر فى تدهور واضح.
■ ماذا يعنى العدل فى بلد ليس يعانى إفلاسًا والسقوط الاقتصادى العدل هنا فى توزيع المصائب والمشاكل والديون..
■ ماذا تعنى الديمقراطية؟ فى الوقت الذى يرفض الرئيس مرسى الحوار الجاد.. وتقاسم السلطة مع الثوار..
■ ما آراه الآن فى مصر هو إدارة انتقامية تفرغت تماماً لاغتيال خصومها معنويًا أو سياسيًا بطرق وحشية.
كان من الممكن أن يمر الشريط ونتقبله لولا أن الرئيس مرسى وكل الموجوديون بالمaشهد بشرونا بالمستقبل والديمقراطية الأمريكية والرخاء الألماني.
ومع الأسف اكتشفنا اننا عشنا كذبة ومازلنا.
أنا اتخنقت.. لأنه لا أمل فى تغيير أفكار قديمة بالية تحكم مصر الجديدة..
عقلية تخلصت منها السودان واليمن.. عقلية ليس لديها أى تفهم أو إدراك لما يدور فى العالم..
■ الدول العربية اتغيرت واتطورت واحنا زى ما احنا.. نمارس البلطجة الاقتصادية مع رجال الأعمال العرب والمصريين.. ونخاف ونصاب بالرعب من مجرد الاقتراب من رجل أعمال أمريكانى أو يهودى أو يحمل الجنسية الأوروبية إلى القضاء الإدارى مصرين على أن نكون دكاترة فى الكلام والتبرير والهروب من المسئولية الكبير فينا لم يعد كبيرًا بما له من إمكانيات ولكن بما يحققه من الفهلوة.
اتخنقت.. من ناس عاملة نفسها ثوار.. وتستحل رواتب دون عمل وتطالب بمميزات وعلاوات وحوافز.. الدولة تئن وهم غير مهتمين إلا بالشأن الخاص.. الجهاز الإدارى بالدولة أعلن تفرغه لاستلام الرواتب فقط..
■ اتخنقت لأن دول العالم قررت عدم مساعدة مصر الجديدة إلا طبقًا للإصلاحات الاقتصادية .
■ اتخنقت لأن كل مسئول حالى أصبح «حافظ» جيدًا لمبررات فشله ومعظمها أرجعها إلى مبارك ووزراء عصره وهى أمور ساذجة لم تعد تجدي.
■ اتخنقت من الافتقار للشجاعة والشهامة والتسامح.. مجتمع جديد ولكن لم ألمح حتى الآن أى عنوان بأننا نعيش فى مصر الجديدة.. بالعكس السيارة ترجع للخلف.. والبلد كمان ولا أحد مهتم..
■ السياسيون باعوا البلد ويحاولون قبض الثمن.. لا مساومات ولا تخفيضات.
كل واحد منهم يطلب الثمن نقدًا.. ولأن الخزينة المصرية ليس بداخلها فلوس.. فالمطلوب أن يدفع البسطاء الغلابة..
■ مصر لن تهزمها أى حرائق أو خناقات مع الأسف السياسيون الموجودون غير مهتمين بأى دماء أو حرائق..
هم يتابعون الحدث من التليفزيون وحياتهم آخر حلاوة.. والبس يا شعب واشرب المقلب.
عرفتم ليه أنا مخنوق!!
Kamal_Amer12yahoo.com