
كمال عامر
الصفقة بين الإخوان والإنقاذ
لدى قناعة أن الحل الوحيد لكل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والمرورية والحياتية ترجع إلى الاحتقان السياسى بين الحزب حاكم ومعارضيه.. خاصة أن كل الأمور تؤدى إلى تصادم الإخوان مع معارضيهم!!
ولدى اقتناع أيضًا بأن الحل فى يد الإخوان سواء مكتب إرشاد أو الرئيس.. لو أرادوا إصلاحًا للبلد يمكنهم تقاسم السلطة مع غيرهم.. العالم أصبح لديه قناعة واضحة بأن هذا هو الحل الوحيد..
على الإخوان المسلمين ألا يفوتوا الفرصة أو يضيعوا الوقت..
مصر تعيش فترة توتر وانتكاسة أدت إلى توقف حركة الحياة تمامًا.. أقصد هنا الحياة الاقتصادية والتى هى عصب العملية كلها..
مصر الأزمة والأزمات تعيش أوقات عصيبة وهى أمور عادية ومتوقعة لمن يتعمق فيما يحدث.. لكن أغلبية الشعب لا تعترف بغير ما تراه العين..
والملاحظ أن الدول المؤثرة والمهتمة بالشأن المصرى لها شروط أيضًا ورؤية.. هى تساند الأنظمة المستقرة مهما كانت عناوين التوجهات إذًا لا ديمقراطية مرسى ترضى أمريكا.. ولا فلسفة هشام قنديل فى إدارة البلد توافق عليها الدول المناحة.. هم يسعون فقط إلى هدوء المنطقة واستقرارها.
إذًا ليس أمام مرسى والإخوان المسلمين إلا طريق واحد الآن وهو تقاسم السلطة والبنود.. منح المعارضة فرصة للظهور والتواجد بتخصيص عدد من مقاعد البرلمان المقبل وتعيين نائبًا لرئيس الجمهورية من المعارضة ونائب لرئيس الوزراء بجانب عدد من الوزراء.
هذا الحل ليس سحريًا ولا سريًا متعارف عليه فى البلدان المنقسمة على نفسها وقد تدخلت أمريكا والأمم المتحدة أكثر من مرة بحلول مشابهة.
إذاً مرسى رئيسًا والبرادعى أو صباحى أو السيد البدوى نائبًا للرئيس.. أو مرسى رئيسًا والبرادعى رئيسًا للوزراء هذه توليفة مرضية للعالم والمصريين.. أولاً سوف تجعل الخلافات تنتقل ما بين الإنقاذ والإنقاذ بدلًا من الإنقاذ والإخوان.. ثم وهو الأهم سيؤدى هذا المشهد المقترح.. إلى طمأنة العالم بالنسبة لتوجه الإخوان المسلمين وقناعتهم بالعيش والتعايش مع غيرهم وهذا يصب فى صالح الإخوان والإسلام السياسى بشكل عام بعد تشويه الصورة فى الخارج.
تقاسم السلطة لا يعنى إهانة للإخوان لكنه أسلوب سياسى للتهدئة.. ولا خوف على الإخوان من هذا الطموح.. لأنه على الأقل سوف يظهرهم على أنهم مجموعة تسعى لخدمة الوطن.. لا الاستحواذ على خيراته مع إعدام الآخرين!!
ما أصاب الإخوان من أضرار سياسية خلال الفترة الماضية أمر عادى.. إنهم فصيل جديد لا يملك خبرة.. كل ما لديه شعار رفعوه أنهم مجموعة تعرضت للعذاب والتعذيب والسجن وهذه مقومات لا تصنع موقفًا أو تعاطف دائم.
الناس منحت الإخوان التأييد لمجلس الشعب المنحل ثم حصل مرسى على تأييد الإخوان والتيار الإسلامى كله + المحتقنين من مبارك.
وأعتقد أن خسارة الإخوان فى الشارع الآن ترجع إلى ممارسات وأفعال.. لا خصومهم.. بل هم أنفسهم.. لا داعى للتعمق للبحث عن من يتحمل مسئولية الفشل السابق والحالي.. لكن دعونا ننظر للغد..
مصر لا تتعرض لمؤامرات .. بل لأطماع داخلية.. العالم لم يحاصر مصر إلا بعد أن بدأت تهدده.
والمصريون لا يرغبون فى نسخ أو تكرار التجربة العراقية المؤلمة والتى مازالت ومنذ عشر سنوات تبحث عن مخرج لها من الكابوس الذى يعيشه العراقيون.
مصر والمصريون يرغبون فى تنفيذ نموذج مانديلا فى جنوب إفريقيا والذى اعتمد على التسامح.. وغلق ملف الماضى ودعوة الجميع للمشاركة.. الأسود والأبيض فى القيادة.. فمن باب أولى أن نتعلم بسرعة.. ونستورد الأفضل ليس فى التجارب الاقتصادية.. بل وأيضًا فى كيفية إدارة البلد.
الإخوان المسلمون مطالبون الآن بتنفيذ الصفقة ليعود الهدوء للشارع ولنبدأ مرحلة الترميم.
الحل بسيط.. لكن التعطيل يرجع إلى أفكار قديمة غير مستوعبة لما يحدث داخل وخارج مصر. العناد لن يفيد.. والتهدئة الخادعة قد تلغى المظاهرات بالمولوتوف لكنها قد تزيد من غضب الذين يعانون اقتصادياً وقتها لن يهرب أحد.
[email protected]