
كمال عامر
أغلقوا صفحة مبارك
من اللافت أن عملية اغتيال مبارك والوزراء الذين عملوا معه أخفقت تماماً.
والملاحظ أيضاً أن الأحكام القضائية أوضحت أن هذه المجموعة قد تعرضت لظلم واضح وأن المحاكمات ما هي إلا غليان حاول البعض زيادته علي الأقل لطمس حقائق حول أسرار 2011/1/25 من المحرك لها والمخطط والمنفذ.. والمسئول عن القتل.. كان من المفروض أن يتم اغتيال مبارك وعلاء وجمال معنوياً أمام الشارع.. وأيضاً مجموعة الوزراء والمسئولين الكبار.. لتأكيد ما تم إعلانه علي لسان عدد من السياسيين بالمشهد الحالي أن نظام مبارك كان فاسداً ووزراءه مجموعة حرامية.. وعلاء وجمال سماسرة.. هذه الاشاعات لعب دوراً في تسويقها الإخوان.. والإنقاذ.. وكل الأحزاب الموجودة.. وهي أمور عادية، حيث إن هؤلاء الموجودين علي الساحة السياسية إنقاذ وإخوان وإسلاميين وسلفيين هم ورثة الحزب الوطني ونظام مبارك.
بمرور الأيام.. وبعد هدوء الشارع وزيادة لغة العقل بدأت الحقائق تتسرب وتختفي الأكاذيب.. مبارك لم يسرق بلده ولم يقتل شعبه.. لم يملك 75 مليار دولار كما قالوا لنا.. ولم يشارك في قتل أي مصري.
المهم أن بعد قبول الطعون علي الأحكام الابتدائية أو الأولية بالنسبة للوزراء الذين عملوا مع الرئيس السابق.. وبالنسبة له في قتل المتظاهرين والبراءات من استغلال النفوذ في شراء قصور أو غيرها.. أمور بدأت تزيل الغشاوة عن عقول الغاضبين.
أهم الأسباب في تقليل الاحتقان ضد مبارك ووزرائه وأولاده هم الإخوان المسلمون وقيادتهم وعدد من السياسيين.. نظراً للأوضاع التي يعيشها المصريون أمنياً واقتصادياً ومعنوياً.. الأسعار ارتفعت.. والحياة أصبحت مظلمة.. حتي الآمال والأحلام اتضح للناس أنها مزورة!
مصر الآن محاصرة سياسياً من العالم.. ومن الداخل تمت محاصرة الشوارع بالكتل الخرسانية وداخل كل مواطن حواجز وهموم كافية لدخول الشخص إلي حالة اكتئاب.. الإخوان المسلمون والقيادات هم وراء كل ما يحدث من حالة فوران وغضب بالشارع.. والأهم أن تعاطف الناس مع الرئيس السابق مبارك والوزراء الذين عملوا معه والمسئولين أمر يرجع إلي صعوبة ما نعيشه.. والمقارنة بين تلك الحالة وما كان يحدث قبل يناير 2011.
الناس صدقت شعارات «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» وفرحت بها.. الفقراء والطبقة الوسطي.. كل مواطن بدأ يداعبه الحلم.. بمرور الوقت الفقراء ازدادوا فقرا.. رجال الأعمال أفلسوا.. والمستثمرون المصريون والأجانب هربوا وامتنعوا.
وبمرور الوقت أيضاً بدأ البعض يقارن بين عصر مبارك.. وعصر الإخوان.. لم يلتفت النظام الحالي إلي أن الشعب المصري بدا مهتماً بالمشاركة وزادت جرأته.. ومعرفته.. لم تنجح حملات التضليل بالنسبة لخطة اغتيال قيادات عصر مبارك.. بل والرئيس السابق نفسه وأولاده.. خاصة بعد الاتهامات والتدقيق فيها لكل قضية والتوقيت الزمني لها.
أن تكون هناك حالة من التشفي في الإخوان والنظام الحالي.. ولم تكن مفاجأة أن يلوح الرئيس السابق مبارك لأنصاره.. وكأنه يقول للمصريين «عرفتم قيمتي»!!
هو عنده حق.. لقد تم تزوير تاريخ الرجل.. جردوه من أي إنجاز وسرقوا حياته حتي ما كان يفتخر به في حرب أكتوبر.. سعي الرئيس مرسي لتزوير التاريخ ليظهر مبارك وكأنه لم يتول منصباً!
المصريون بسطاء.. الطيبة فيهم متوارثة.. وهم إذا كانوا يستسلمون لصوت قد لا يكون عادلاً في النهاية سيستيقظون ويصححون الأخطاء.
لو كنت مستشاراً للرئيس مرسي لأغلقت هذا الملف الشائك بالنسبة لمحاكمات الرئيس السابق وأولاده ووزراء عصره والمسئولين.
لقد سجلت رأيي وقت الثورة وقبل الأحكام وأكرر.. مبارك لم يسرق بلده ولم يقتل شعبه.. ووزراء مبارك يحاكمون طبقاً لغليان الشارع والاحتقان الشخصي ورغبة الثأر داخل نفوس عدد ممن يحكمون.
لاشك أن المستقبل يجب أن يكون هو الشغل الشاغل للنظام السياسي.. كفي تحميل الفشل علي شماعة مبارك ووزراء عصره وأولاده.. الفشل صناعة لقرارات مسئول حالي.. والشجاعة تقتضي أن تعلن للناس براءة مبارك والوزراء والمسئولين لأن الرجل ليس مسئولاً أن يتولي الإخوان حكم البلد وهم غير جاهزين أو مهيئين وليس مسئولاً أن يطفش المستثمرون الأجانب لغياب العدل والقوانين والأمن وليس مسئولاً عن غلق الشوارع وارتفاع الأسعار والدولار والأهم الحواجز التي بداخل كل مواطن تمنعه حتي من الحلم لمستقبل أفضل.