الخميس 3 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نكسة 25 يناير

نكسة 25 يناير






راهن الكثيرون على ثورة 25 يناير على اعتبار أنها معجزة كبيرة استطاعت إزاحة حكم جاسم على قلوب المصريين نحو مدة تقترب من النصف قرن فى ظل حاكم معاند يعشق تعذيب المواطن واعتبرها جموع الحالمين مستقبلاً مشرقاً وأملاً جديداً فى صناعة مصر جديدة وإنسان مصرى جديد ينعم فى جو من الديمقراطية ويتفاعل مع هموم وطنه ويشارك فى صياغة فجره وتاريخه لأول مرة.

بل إن أكثر المتشائمين يراها بداية جديدة نحو تغير واجهة التاريخ وإعادة لتصحيح مسار الماضى بكل ما يحمله من مآس وأحزان.
وعلى الرغم من ثوابت التعريف السياسى للثورات باعتبارها ازاحة لواقع مرير وازدراء للتقاليد القديمة إلا أنها أكدت أيضاً أن هذا الفعل أيسر بكثير من صناعة مجتمع جديد خاصة على أنقاض ما تهدم وهو ما تؤكده ذاكرة التاريخ على مر العصور فى جميع الثورات التى قامت فى العالم وذلك على اعتبار أن معظم هذه الثورات تفرز فى معظمها من يعتبرون أنفسهم المالكين الجدد لها وأصحاب الحق الأصيل فى جنى ثمارها أضف إلى ذلك الصراع الذى يتمخض عنها بين مجتمع ما قبل الثورة القديم ومجتمع ما بعد الثورة الجديد والذى يتبلور فى محاولات مستمية للخروج الآمن للواقع القديم بكل مفرداته فى وقت يرفض فيه الواقع القديم كل الماضى سواء كان هذا الماضى صالحاً أو طالحاً المهم فى النهاية هناك صراع ديناميكى سريع الحركة تفرزه هذة الثورات مما يهدد باجهاضها أو خلق واقع اكثر مأسوية من القديم ولا يمكن الخروج من هذا النفق إلا إذا تمت المصالحة الكاملة دون شروط بين القديم والجديد من خلال طرح صفحة جديدة من الاحترام بين الطرفين.
وإذا أردت أن تحكم على نجاح ثورة أو اخفاقها عليك بطريقين.. الأولى إذا وجدت ذات الوجوه القديمة هى من تتصدر المشهد والثانية إذا اختزلت الثورة فى فصيل سياسى بعينة عندئذ لا تأمل خيراً وابدأ فوراً بالبكاء على أنقاض ما هدمت.
وما حدث الآن بالفعل هو البكاء على أنقاض ما هدمنا فمعظم المعارضين للنظام السابق بل لا أبالغ إذا قلت إن الغالبية العظمى تتباكى الآن على نظام مبارك حتى المواطن البسيط الذى لا يفهم من السياسة سوى لقمة العيش وتوفير الأمن والأمان يتمنى عودة الأيام السالفة بكل ما فيها من بؤس، المقارنة بين الحاضر والماضى تخدم دائماً الماضى وتصب فى صالح الرئيس السابق وهو ما يبرر انشراح وجه مبارك فى محاكمته الأخيرة.
بل نحن بلا مواربة أمام انتكاسة فى كل أركان الدولة وعلى كل المستويات ومن يحاولون الأخذ بسلاح التبرير بالتعلل بأن الإدارة الحاكمة لم تأخذ الفرصة هو محاولة فاضحة لاعطاء قبلة حياة زائفة لمصر لأن المواقف تثبت دائماً وبشكل قاطع ان القائمين على الحكم لا يملكون أدواته وليس لديهم ملكة القيادة والقدرة على اتخاذ القرارات وهو ما سيؤخر مصر بلا شك سنوات كثيرة وسيضعها فى الدرك الأسفل بين الأمم وليس أمامنا سوى أمل واحد لإعادة البعث هو أن تتفهم الإدارة الحاكمة هذا الطرح وتعيد استنساخ ما حدث فى نكسة 1967 ذلك الموقف الرائع للرئيس جمال عبدالناصر باستثناء أن الشعب لن يخرج ليقول لا تتنحى.