الخميس 27 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عندما تساءل العقاد عن زعامة النحاس!

عندما تساءل العقاد عن زعامة النحاس!

لم يكتف العقاد بكتابة مقال واحد للهجوم على مصطفى النحاس باشا زعيم الوفد، ومكرم عبيد سكرتير الوفد، بل واصل مقالاته النارية يومًا بعد يوم على صفحات روزاليوسف اليومية، وبتاريخ 2 أكتوبر سنة 1935 كتب: لقد أصبحت قوة «النحاس باشا» المستعارة من الأمة لازمة للإنجليز فى إخضاع المصريين، وما رأيناها لازمة للمصريين فى بلوغ شىء من الإنجليز لقد أصبحت طغيانا علينا واستسلاما لغيرنا، وما لهذا تحتاج الأمم إلى الزعامات ولا نحن محتاجون إلى من يعلمنا كيف يكون انتظار الرحمة من الإنجليز.



وبعد فما هى زعامة النحاس باشا ومن ورائها الدساس الكامن للأمة بمكيدة الخراب؟! إنها زعامة خلقتها الأمة ولم تخلق نفسها، إنها زعامة تخلقها الأمة كلما شاءت أن تعيد خلقها، وما أفلست مصر حتى يكون خير من فيها «مصطفى النحاس»، بلا عوض ولا تشبيه ولا نظير، ولئن أفلست لقد جلت مصيبتها عن العزاء وبطلت حاجتها إلى الزعماء.

وفى نفس اليوم - 2 أكتوبر - يقرر الوفد والنحاس باشا فصل العقاد من الوفد ويروى تفاصيل ما جرى الدكتور «راسم محمد الجمال» فى كتابه «العقاد زعيما» فيقول: بادر النحاس فى 2 أكتوبر 1935 إلى إعلان فصل العقاد من الوفد ومن جميع اللجان التابعة له دون أن يجتمع الوفد لتقرير ذلك، إذ اعتبر هذا القرار استكمالا لقرار فصل الصحيفة روزاليوسف اليومية.

وقال قرار الفصل الذى أصدره النحاس: «بما أن الوفد المصرى فى جلسته الأخيرة التى قرر فيها إقصاء جريدة روزاليوسف من حظيرته قرر فى الوقت نفسه فصل الأستاذ عباس محمود العقاد من الهيئة الوفدية ولجان الوفد إذا ما طعن فى الوفد أو فى قراره.

وبما أن الأستاذ عباس محمود العقاد قد أجترأ فيما نشر من مقالات على الخروج على قرار الوفد وتوجيه أكذب المطاعن وأشدها إمعانًا فى الافتراء إلى هيئته الموقرة.

وبعد أخذ رأى حضرات أعضاء الوفد من جديد قررنا فصل الأستاذ عباس محمود العقاد من الهيئة الوفدية وجميع لجانه المتصلة بالوفد.

وفى اليوم التالى لصدور قرار فصل العقاد يعاود الكتابة فى مقال حاد عنوانه «ما هى الخرافة التى يسمونها صلابة مصطفى النحاس قبل قيام الوزارة النسمية جاء فيه: الوزارة النسمية هى أول وزارة استطاع النحاس باشا أن يؤيدها دون أن ينتحر انتحارًا أو يفقد الزعامة وكل شيء استطاع أن يؤيد الوزارة القائمة مرة فهل وقف عند حد فى الخضوع والاستسلام فى تلك المرة الواحدة التى فتح له فيها باب الخضوع والاستسلام كلا أنه لن يستطيع أن يستسلم أكثر مما استسلم بل أقولها ولا أخشى اعتراضا ذاك هو الرجل الذى ينعت العقاد بأنه مغرور لئيم أو خائن أثيم.

ذاك هو مصطفى النحاس وتلك صلابة مصطفى النحاس استسلام ذاهب إلى أقصى حدود الاستسلام حين يختار وصلابة زائفة لا فضل له فيها حين يقهره الاضطرار ومع هذا الاستسلام كله لم نظفر من الإنجليز بدستور ولا وعد بدستور ولا مفاوضته ولا تمهيد لمفاوضته ولا عناية ولا أمل فى العناية ولم ننجح فى بلوغ شىء منهم إلا الاحتقار والإمعان فى الاحتقار.

ومضى الأستاذ العقاد يقول فى مقاله النارى: اليوم نحمّل على الإنجليز فيغضب مصطفى النحاس ونحمل على مصطفى النحاس فيغضب الإنجليز.. اليوم هو طغيان علينا واستسلام لغيرنا فهل عجب أن يكون واجب الأمة الأول هو هدم هذه الصلابة المزعومة أو هذه الخرافة الموهومة لأنها تستحق الهدم قبل أن تهدم هى البلاد.. وعليها بداية أن تخلص من هذه الآفة لأنها فاتحة الخلاص.

وللذكريات والمعركة بقية!