
كمال عامر
نجاح مرسى وسقوط الإخوان
▪ من حق الذين حضروا لقاء الرئيس مرسى لمناقشة آثار سد النهضة الإثيوبى أن يغضبوا لأن النقاش الذى دار ونقله التليفزيون تضمن حالات انفلات وكلمات خارج السياق بعيدة عن الدبلوماسية أو الصورة الذهنية المرسومة فى أذهان البعض لهؤلاء السياسيين.
تعليقات متنوعة بأن الاجتماع فخ سياسى لمن حضر وتشويه إخوانى متعمد لهؤلاء.أنا شخصياً أتعجب لأن القوى السياسية عادة ما طالبت مرسى بأن يكون الحوار معه معلناً ومذاعاً على الهواء مباشرة.. بل ساندت هذا الرأى ودافعت عنه.. وأيضاً بعد أن بدأت أزمة سد النهضة كتبت فى تلك الزاوية على الرئيس مرسى أن يحشد الجبهة الداخلية معه ويوحد الشارع ويبدأ مصالحة حقيقية وحواراً صريحاً لأن موضوع المياه بالفعل شأن عام وأمن أشخاص والبلد كله.. وطالبت أيضاً الرئيس مرسى لعدم «حشر» الإخوان فى تلك الدعوات أو استثمارها فى عملهم.. بالفعل كانت دعوة مرسى حقيقية وحضر من حضر وتخلف من تخلف.
أنا ضد الهجوم بأى شكل من الأشكال على هذا الحوار الذى تم.. وأرى أن أى هجوم على الأشخاص أو الرئيس فيه مبالغة لأن الفخ الذى وقع فيه من حضر ليس من صنع الرئيس.. بل من صميم أفكار هؤلاء.. نعم الموضوع حساس والذين حضروا مصريون غيورون على بلدهم لديهم حماس وغضب.
نعم كان من المفروض أن يكون الكلام أو الحوار فى حدود.. لكن الخروج عن الحدود أمر عادي.. ومفهوم وبرغم يقينى بأن الاجتماع غلب عليه الطابع الحماسي.. إلا أنه خطوة مهمة فى طريق الحوار الشامل.. الذين حضروا اجتهدوا وقدموا حلولاً قد لا تعجب البعض لكن هم بذلوا مجهوداً والذين قاطعوا هم أحرار!
المهم أن الرئيس مرسى عليه استكمال الحوار بالاجتماعات مع الخبراء والمهتمين بالشأن وقادة الجيش للاستماع.أنا أفضل عدم الدخول من جانب الرئاسة في السجال الإعلامي بين مصر وإثيوبيا.. علي الرئيس أن يلتزم الصمت وهو أفضل علي الأقل حتي لا يستشعر أحد بما سيفعله الرجل ويتم تسريبه.. الرجل واقع ما بين رحي ماكينة قائلة: «المصائب بترف».. والمشاكل في ازدياد.. والمواطن مخنوق.. والمشروع الإسلامي تهدم بفعل شخصيات إخوانية صبيانية التفكير.. وبرغم سيطرة الإخوان علي المعضلات الاقتصادية للدولة وهو الواضح من تصرفات والقرارات إلا أن هذا الموقف قد يتلاشى أمام ثورة غضب من شريحة تم إهمال قضاياها.
هناك بالفعل نيات حسنة ومشروعات وقرارات من جانب الوزراء وغيرهم.. لكن هناك أيضاً إرادة بعدم التنفيذ.. ورغبة بوقف الحال.. ودعوات ليس لإسقاط النظام ولكن لإسقاط مصر كلها.. وسط هذا المناخ المؤلم سوف تتعطل القرارات والمشروعات وتزداد شريحة الفقر.. والمرض.. ووقف الحال!
هناك حلول؟ نعم.. لو أن الإخوان استمعوا لنصائح غيرهم.. ودخلوا في حوار صادق مع المعارضة لتحقيق توافق وتقسيم السلطة.. وأعتقد أن فقدان الإخوان للحلفاء بدأ من السعودية والإمارات والكويت وحتي الأتراك مروراً بالسودان وتونس والعالم كله دليل علي أن فيه حاجة غلط.. السياسة القائمة علي العتاد لا تفيد أحداً.. والقرارات المبنية علي مصالح لا تؤدي إلا لمزيد من الانشقاق.
الإخوان أمامهم فرصة تاريخية لإحياء فكرة المشروع الإسلامي علي الطريقة العالمية وليس علي طريقتهم الخاصة.. لقد أضروا بالمشروع الإسلامي أبلغ الضرر عندما توهموا بأن الإسلام هو الإخوان.. والإخوان هم الإسلام.. الحقيقة أن الإسلام قوة بكل المسلمين في العالم.. وليس الإخوان فقط.
الفرصة تاريخية.. قد تكون قضية سد النهضة بداية للتقارب والتلاحم ونبذ الخلافات وتواضع أو تنازل الإخوان عن معتقداتهم بشأن تفردهم بإدارة البلد وحدهم دون السماح لغيرهم ممن تتوافر لديهم الخبرة؟!< الفرصة تاريخية بعدما حدث في تركيا وهي النموذج الأفضل أمام الإخوان في الحكم.. وقراءة المشهد التركي تؤكد بأن هناك ضرورة للسماح للمعارضة بأن تتنفس حتي لو كنت أردوغان الناجح اقتصادياً!
في ظل الحصار المفروض علي الإخوان.. يجب علي الجماعة إعادة النظر في كيفية التعامل مع الجماعات الأخري.. لو لم يكن بينهم - أي الإخوان - مجموعة تفعل ذلك يمكن أن يستعينوا بأصدقاء للتوفيق مع الآخرين.▪ إذا كنت قد سعدت بلقاء مرسي مع من استجاب لدعوته لمناقشة مشروع سد النهضة بنفس الحماس أدعو الإخوان وخاصة الكبار بوقفة مع النفس ودراسة عيوب المرحلة السابقة والبحث عن إجابات حول لماذا خسروا جزءا مهما من الشارع؟ ولماذا كسب خصومهم أرضية جديدة.
[email protected]