السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فيروسات سرطانية فى القنوات الفضائية!

فيروسات سرطانية فى القنوات الفضائية!






«لا أنت ولا أنا محلل أو طبيب أو استشارى نفسى حتى نستطيع أن نصف الحالات التى نراها ونسمعها يوميا فى برامج الفضائيات»!!
وقد أراحنا من هذه المهمة الصعبة والمحرجة «د.محمد المهدى» استشارى واخصائى الطب النفسى الشهير وصاحب «الطلة» المتميزة فى هذه الفضائيات! عبر مئات اللقاءات فى السنوات الأخيرة.
وفى توصيفه لما نراه يقول: «حالات متنوعة من البارانوية والنرجسية والانتهازية والشعبوية والفهلوية والتحيزية والاستقطابية والترويجية تظهر جلية على الشاشة أو تجلس خلف الميكروفون أو تنعكس فى مقال صحفى وبالتأكيد ليس كل الإعلاميين هكذا فثمة نماذج مازالت تحتفظ بقدر من المهنية والحيادية والموضوعية.
ومن أهم ما ينقده «د.محمد المهدى» قوله: «لا ينكر أحد أن برامج ورموزاً إعلامية بعينها قد شاركت فى تحريك الوعى السياسى قبل ثورة يناير حيث كانت تعبر عن نبض الناس وتتجاوب معهم، وكان هناك أكثر من برنامج يلتف حوله الناس فعلا كل مساء ليروا بأنفسهم ويسمعوا أصواتهم على الرغم من فساد النظام واستبداده فى ذلك الوقت، إلا أنه كان يسمح بقدر من الحرية والتعددية الإعلامية كنوع من التنفيس يضمن بقاءه أطول فترة ممكنة!
ولهذا أصبح مقدمو هذه البرامج نجوما إعلامية ونماذج وطنية، لكن لوحظ فى الفترة الأخيرة أن كثيرا من نجوم برامج الـ«توك شو» فى الإعلام المصرى قد فقدوا بريقهم وفقدوا تأثيرهم واحترق الكثيرون منهم لأنهم تنازلوا طوعا أو كرها عن معايير الممارسة الإعلامية ففقدوا موضوعيتهم ومنطقيتهم ومصداقيتهم وحياديتهم وتحولوا إلى أصوات للحشد والتأييد والترويج السياسى المبالغ فيه، وسقطوا فى اختبارات كثيرة فاهتزت صورتهم المهنية والأخلاقية فأعطاهم الناس ظهورهم خاصة فى وجود الإعلام الإلكترونى البديل على مواقع التواصل الاجتماعى حيث وجد الناس حريتهم الكاملة يقولون ما يشاءون ويعبرون عن أنفسهم كما يريدون!!
وكثير من نجوم الإعلام يتصرفون أمام الشاشات والميكروفونات بعيدا تماما عن مبادئ ومعايير وأخلاقيات الإعلام التى درسوها فى كلية الإعلام «وبالمناسبة أكثرهم لم يتخرج فى كلية الإعلام» ولهذا ينطلقون من رؤى واجتهادات شخصية!! وكأنهم ينشئون مدارس إعلامية خاصة بهم ويصيبهم الغرور مما يسمعونه من مدح بعض المتصلين بهم مع أنهم لو استمعوا لرأى من لم يتصل بهم لتغيرت كثيرا صورتهم أمام أنفسهم!!
ويضيف «د.المهدى»: «نتج عن هذه التشوهات ظهور تيار إعلامى معارض لم يسلم هو الاخر من عيوب الإعلام المصرى المحلى سواء فى تحيزه واستقطابه وعنصريته أو فى تبعيته لتيار أحادى الرؤية لا يرى إلا من خلال منظوره ومصالحه ومعتقداته، كما نشأ واستفحل إعلام إلكترونى موازٍ أو مضاد لهذا أو ذاك وعلى الرغم من تمتعه بسقف مرتفع جدا من حرية التعبير إلا أن فيروسات الإعلام المقروء أو المسموع أو المشهود قد انتقلت إليه ولوثته!! إذن فنحن أمام تضخم إعلامى سرطانى فى كل الاتجاهات ملىء بالفيروسات ويحتاج لتنقية هائلة حتى لا يتلوث الوعى ويقتل الجسد أكثر مما هو قائم!!
ويتساءل «د.المهدى»: والذى جعل عددا غير قليل من الإعلاميين فى هذه الحالة؟! الإجابة - كما يقول - على قدر المتاح من الرؤية ومن الاستطاعة فإن هذا الإعلام مملوك «حقيقة أو ظاهراً» لرأس مال مشكوك فى مصادره وهو طامع فى كسب ود السلطة وفى ذات الوقت يتوجس خيفة منها، لذلك فهو يحذر من السلطة وتنتابه مشاعر متناقضة تجاهها قد تظهر على السطح فى صورة تأييد مبالغ فيه، بينما تنطوى فى الباطن على شىء آخر، فمصالحهم ليست فى اتجاه مصالح السلطة إلا بقدر ما تستفيد منها أو تأمن شرها!! وينعكس هذا تشوها وارتباكا فى الأداء الإعلامى الذى يعكس وجهة نظر صاحب المؤسسة الإعلامية كما أن مصالح أصحاب رأس المال «مالكى وسئل الإعلام» ليست بالضرورة فى اتجاه مصالح الناس «بل هى غالبا عكسها» إذ لا يهمهم الناس إلا كأعداد مشاهدين يقتنصون به رواجا إعلاميا وأموالا إعلانية».
ويختتم د.المهدى تحليله المهم والدقيق بقوله: «كانت هذه قراءة نفسة نقدية لأوضاع الإعلاميين وحالتهم فى الوقت الراهن ليس الهدف منها التقليل من شأن المهنة أو منتسبيها ففيها وفيهم الخير الكثير ولهم دور هائل لا ينكره إلا جاهل ولهم من كاتب السطور كل الاحترام والتقدير ولكن الهدف هو التخلص من فيروسات أصابت البرنامج الإعلامى فشوهته ولوثته وأضعفت تأثيره لذا لزم التنويه».
صدقت يا دكتور «مهدى» وربنا يهدى الفضائيات ومن فيها!!