
كمال عامر
يارب.. تانك بنزين
■ هناك من يحلم بعمارة.. ومن يراوده أمل فى الحصول على ثروة..والبعض عاوز ولاده يشتغلوا.. أو ترقية.. أو سيارة.. وهناك من يسعى للزواج من بنت الحلال.
الحلم هو نافذة على الغد تحمل أملًا قد يكون محور حياة..
أنا أعيش كابوسًا.. حلمى تحول من أن تنهض مصر ويعود إليها الاستقرار وأن يرتفع معدل النمو.. وتتوافر الوظائف وتبدأ الدولة فى ترسيخ المؤسسات الديمقراطية وحذف الشوائب الموجودة بالقوانين أو الدستور.. ونهضة رياضية وعودة الأمن للمواطن فى الشارع وعمله هذا الحلم تراجع ووجدت نفسى أحلم بحاجة غريبة جدًا وهى أن أحصل على 50 لتر بنزين.. تصوروا!
بجوار منزلى بمصر الجديدة محطة وقود مصر للبترول والعاملين فيها أصدقاء لى انقذونى بـ16 لتر بنزين 95 وهو المتوفر ودفعت الـ100 جنيه وأنا أنظر بحسرة لعداد البنزين بالسيارة الذى تحرك فى خجل..هل يعقل أن يتحول حلمى الواسع إلى هذا الطلب الغريب والعجيب والذى لم أكن اتصور أن أعيش أو أواجه هذا الموقف.
طوابير السيارات أمام محطات البنزين عطلت المرور وأوقفت الحركة ثلاثة كيلومترات فى صلاح سالم قبل محطة التعاون باستاد القاهرة يقط المواطن الغلبان مثلى فى ساعتين تفقد فيها السيارة وتحرق اللترات البسيطة الموجودة والتى حصلت عليها بجهود أحد زملائى بروزاليوسف تربطه صلة وثيقة مع عامل بمحطة بنزين!
يارب.. هل يعقل أن تنحصر كل حياتى فى مشاكل لم أكن أعتقد فى محطة أن أعيشها.
بالعقل هناك مشاكل جديدة ظهرت مع حكم الإخوان.. وهى مشاكل قد تبدو تافهة بجانب المعاناة الحقيقية فى تحديد إطار خطة عمل الدولة ككل وأى الاتجاهات.
نجح الإخوان فى تصدير كل أنواع القلق لنا.. وخاصة فى إطار المشاكل الخاصة والشخصنة وكأن الأمر مدبر.. حتى لا يهتم المواطن بمشاكل البلد.. وهناك أكثر من سيناريو لتعطيل الغضب الشعبى ضد الإخوان..
من اللافت أن حالة الغضب العام من جانب الشعب هى نتيجة طبيعية لمجموعات الغضب الشخصية. كل مواطن أصبح لديه مبررات للغضب بطريقة أو بأخرى وفى النهاية الشعب الغاضب ثائر ومتأثر بمشاكل حياته الخاصة وأعتقد أن الاحتقان العام من جانب الناس هو نتيجة للمشاكل الشخصية.
المجموعة السياسية أيضًا محتقنة لأن الإخوان لم يستوعبوا التغييرات الجديدة فى إدارات الدول.. وهم بالمناسبة، وجدوا أنفسهم من الدار للنار. وكان من المفروض أن يظلوا فى عملهم كدعاة وفى تقديم المساعدة الإنسانية للغئاب الأكثر احتياجًا.
لقد تابعت خطاب الرئيس مرسى ربما أجد اجابة عن مشاكلى الخاصة بشأن البنزين والسيارة التى تحولت إلى تابوت فى شوارع القاهرة.. وأنا شخصيًا وقد فقدت قدرتى على تحمل ما أراه من مشاكل وهموم كنت أقرأ عنها.
فى حواره عن البنزين لم أفهم كلمة.. والرجل حاول أن يكون السادات يعنى ابن بلد.. لكنه فشل.. وحاول أن يكون مبارك.. لكنه بالفعل فشل برغم أنه لجأ إلى عبد الناصر للإنقاذ.
مرسى سقط فى امتحان الشعب بدرجة واضحة.. الرجل من خلال خطابه حاول أن يكون ابن بلد.. استخدم الجركن وأسعار الرشاوى كما فعلها مبارك من قبل.. لكن عندما قال مبارك عسكرى المرور بياخد حصل 5 جنيه رشوة الناس ضحكت..
ومرسى عندما قالها الأنفاس تقطعت!!
والصمت خيم على المكان.
مرسى سقط فى اختبار تقليد مبارك أيضًا..
أنا اشفق على الرجل لأنه بالفعل غير مدرك لما يواجه المصريين..
حاول من خلال خطابه أن يمرر رسائل تهديد.. لخصومه.. لكنها ارتدت عليه.
والأهم أن حالة الغضب ضده ازدادت وهى ليست شخصية بل ضد سياسات ناتجة عن مراهقة سياسية.
اللهم احفظ بلدى وكل المصريين انت وحدك القادر..