
محمد عبد النور
لمن الشرعية اليوم؟
ليوم ٣٠ يونيو.. ليس مجهولا تنتظره مصر.. ومجرم من يظن انه المجهول.. انما هو اعلان واضح ومحدد وصريح عن ارادة شعبية تتقبل دفع الثمن راضية مرضية.. ايا كان هذا الثمن وايا كانت استحقاقاته.. فهذه المشاهد المهيبة للفعل الاحتجاجي الشعبي الواسع الذي يتحدث نفس اللغة ويهتف بنفس المفردات ويطلب نفس المطلب الواحد في استعادة ارادته وحقه في تشكيل حاضره وصناعة مستقبله، بعيدا عن السيطرة الاستبدادية لفصيل سلطوي ديكتاتوري فاشي اخضع قيم الدولة ورحابتها ومفرداتها واركانها ومفاصلها لمشروعه السياسي بغض النظر عن المصالح العليا لهذا الشعب من تفاصيل الحياة اليومية التي ضاقت بالجميع وخنقت أبواب الرزق ورسالة هذا الوطن بتاريخه ودوره وتأثيره في الاقليم والعالم.
لقد ذهب هذا الشعب إلي الصندوق الانتخابي واختار رئيسا له.. اقسم اليمين علي محددات واضحة.. اعظمها الحفاظ علي أمن الوطن والمواطنين.. حدود ومجتمع ونسيج اجتماعي وتفاصيل حياة يومية في متناول قدرة الجميع.. وابسطها الالتزام بالديمقراطية، حياة ووسائل وادوات، وعندما غابت تلك المحددات وذابت بين خطط السيطرة وتمكين فصيل ينتمي له الرئيس المنتخب مسخرا لهذا الهدف كل ادوات الديمقراطية، اعلانات دستورية، جمعية تأسيسية، صياغة دستور، استفتاء، تشريعات، تكليف رئيس وزراء، تشكيلات وزارية، تكليفات تنفيذية، انتهت كلها إلي حالة الاستقطاب الكبري التي تشهدها مصر وادت إلي انقسام حاد في البلاد وبين العباد.
أعطي الشعب الشرعية للرئيس المنتخب بالصندوق الانتخابي بفارق ضئيل، واكتفي الرئيس بالفارق الضئيل وانحاز إلي من اعطاه صوته دون الاخرين، اهله وعشيرته وجماعته ومن والاها، وخرج مؤيدوه عند ميدان رابعة العدوية يكفرون مخالفيهم في الرأي من المسلمين المصريين، وهددونا بكتائب تجري تدريبات الحمية بين الساعة والاخري، في انتظار رشنا بالدم، ففقد يمين القسم الجمهوري محدداته بانعدام التطبيق، ففقد الصندوق الانتخابي شرعيته.
وجاءت احكام الدستورية العليا لتنزع الشرعية عن الجمعية التأسيسية للدستور وعن مجلس الشوري المنتخب، وينقذهما من العوار القانوني وانعدام الشرعية ومن ثم الحل، تحصين رئاسي استباقي في اعلان دستوري، وبغض النظر عن تجميد الدستورية العليا لتنفيذ أحكامها حتي انتخاب مجلس نواب، إلا أن فقدان الشرعية هو الاثر المباشر الذي يصم اللجنة التأسيسية ودستورها ومجلس الشوري الذي اقره وجري استفتاء مشبوه عليه، فأي حديث عن الشرعية يمكن الاستناد عليه، الشرعية القانونية انقضت بعدم الوفاء باليمين الجمهوري، والشرعية الدستورية انقضت بأحكام الدستورية العليا.
حسنا.. يتصاعد الفعل الشعبي الاحتجاجي لينتزع الشرعية ويعيدها مرة آخري لفعل الإرادة الشعبية، ويعلن بوضوح عن حجم الأغلبية ومقدار الأقلية، بشكلها وحجمها الحقيقي، بما يفرض الامتثال لها وتحقيق ارادتها، فلمن الشرعية اليوم؟!