
كمال عامر
الإخوان.. وتجرع السـُم
الشباب كانوا النسبة الأكبر بالمظاهرات الغاضبة ضد الإخوان المسلمين.. كل طبقات المجتمع شاهدتهم في التحرير وأمام قصر الاتحادية.. لم أكن أتوقع هذا الحشد وهذه الأعداد.. خاصة أن الداعين لتلك المظاهرات وجوه شابة جديدة ليس لها خبرة سياسية بعيدة عن الأسماء المعروفة.. الملاحظ أيضاً أن الفئة العمرية للمتظاهرين في حدود 19 إلي 25 عاماً وهي شريحة مهمة تحتاج للعمل والأمل.. وقد شاهدت الأسر بكامل أفرادها.. كرنفال ديمقراطي مهم.
أمام الاتحادية قطعت مسافة 1400 متر هي طول سور القصر المطل علي شارع المرغني في ساعتين وربع.. أتصفح الوجوه وأستمع للهتاف التقليدي.. غضب واضح هو أشد مما شاهدته ضد مبارك.
الاتهامات للإخوان تبدأ من النكث بالعهود حتي التفريط في القضايا الوطنية.
لا أحد في المظاهرات يري خيراً في الإخوان.. هذا الشحن الزائد عن الحد لم يصنعه شخص بل هو قناعة ذاتية من المعارضين.
ألتراس الأهلي وجماهير الزمالك شاركوا من خلال الصواريخ الملونة.
السياسيون فشلوا في ترجمة ما يحدث بالميدان في الفضائيات.. نجح الميدان في جذب الانتباه إلي مصر وشبابها.
عندما دخلت في نقاش مع أحد الأطراف عادة ما ينتهي والحل إيه؟.. المتظاهرون حسموا القضية.. «يرحل».. هو مش أحسن من مبارك.. لقد أخفق وعليه أن يعترف.. والرئيس أصبح فاقداً للشرعية.
المعارضون للإخوان كان شعارهم واضح.. «لا» للعنف.. وقد نجحت الملايين بالتحرير وأمام الاتحادية والميادين الأخري.. سلمية.. سلمية.
الشرطة والجيش نجحوا في المحافظة علي كل الأطراف.. طائرات الجيش عندما حلقت فوق المتظاهرين كانت الشعارات ترتفع بالتحية.. الأهم أن الطائرات كانت لحماية المتظاهرين ضد القناصة تحديداً.
الموجودون بالشارع ليسوا منتمين لأحزاب ولا يحركهم أحد.. وهم الأقرب إلي الأفكار الداعية إلي قيام الجيش بدور واضح مُلزم للجميع وأيضاً كحكم ينحاز للشعب.. وقد حاورت عدداً كبيراً منهم.. تأكدت إن احترامهم للقوات المسلحة أمر غير قابل للنقاش وقد شاهدت اشتباكاً بين عدد من المتظاهرين هتفوا ضد الجيش كادوا يفقدون حياتهم!
الملايين التي نزلت للشارع معترضة علي حكم الإخوان كانت لديهم الحجة، ولقد سخروا من الرئيس مرسي وكلماته وقيادات الإخوان عندما اتهموا المعارضة بالشارع بأنهم فلول وأن قيادات من نظام الرئيس السابق مبارك وراء عملية التجييش! وهي مبررات ساذجة تعبر عن مراهقة المتحدث.
المعارضون بالميادين مجموعات غاضبة من الإخوان وسلوك وإدارة البلاد والتي أوصلتنا إلي حالة من الخراب والإفلاس.. وأعتقد أن الإخوان يتحملون النصيب الأكبر من المشكلة وليس غيرهم.
أمام رابعة العدوية كنت أتصور أن الإخوان قد يستعينون برجال دين يلعبون علي المشاعر الإنسانية والقيم الإسلامية والقرآن والسنة بمجموعات تجذب قلوبنا مع الأسف الرسالة المطلخة بالدماء من فوق منصة رابعة العدوية مؤلمة.. وزادت من الغضب من الإخوان.. خاصة أن هؤلاء لم يفهموا أن زمن الخوف من التيارات الدينية أو غيرها انتهي.. ولم تعد التهديدات بهذا الشكل أو المفهوم تلقي رواجاً.. الشعب أصبح قوياً وهناك من لا يرهبه حتي الرصاص.
الإخوان خسروا معركة هم الذين حددوا موعدها وشكلها وقواعد اللعب.. لقد فقدوا الثقة مع الشركاء.. حتي السلفيين رفضوا وأعلنوا أن الإخوان لا يلتزمون بوعود وانسحبوا ولم يشاركوهم في مظاهرة ولا المواقف بعد تأكدهم بأن وراء تقسيم السلفيين أيادي إخوانية.
كان يمكن للإخوان أن يدخلوا التاريخ لو جذبوا الشارع والنخبة إليهم وتعاملوا مع الشركاء بحب وود واحترام وصدق. لكنهم تعالوا عليهم وبدلاً من التعاون معهم اغتالوهم معنوياً.
لم يعد أمام المعارضين للإخوان سوي الانفجار وهو الذي يولد العنف.. علي الإخوان تجرع السم والقبول بما كانوا يرفضونه.. تقاسم السلطة مع المعارضة بشروط ضامنة وهو قرار مفروض عليهم الآن وليس بيدهم.