السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«ساندى» والغناء داخل وخارج السياق

«ساندى» والغناء داخل وخارج السياق






ما الذى يجرنا الآن كى نتحدث عن حكاية المغنية «ساندى» الشابة المعتزلة ليلة رأس السنة، بينما العالم فى عامه الجديد ملئ ومكتفٍ بنيرانه الوالعة حيث ﻻ يليق وﻻ يصح وﻻ يجدى أن تزرع قرنفلة فى حوض من الدم المتجلط؟ كما أنه ينبغى (علينا) أن نلتزم الذوق العام والجو العام والسياقات.
ومن قال لك إن حكايتها تنمو خارج إطار الذوق العام والجو العام والسياقات!
كما أنه ينبغى (عليك) أن تلقى بها فى إحدى كفتى ميزان: (1) كفة الفنانة المعتزلة «شادية» أو (2) كفة المطرب المعتزل «فضل شاكر»، أو ربما نضعها فى سياق مختلف.
بدايةً أعترف أننى ما سمعت عنها إلا يوم اعتزالها، ليس تقليلا أبدا منها وﻻ هى سكة لمهاجمة اعتزالها المعادى والمسفه والمهين للفن، ﻻ، لكنها ذائقتى الخاصة المسجونة والمأسورة والمحاصرة فى حنجرة عبد الوهاب وأم كلثوم وحليم ونجاة وفايزة، والمطربة الكبيرة المعتزلة شادية.
كما أننى أستخدم فى الغناء فقط حاسة السمع، أصغى وأصيخ السمع وألغى البصر، وأرى أننا فى الإنشاد والقرآن والموسيقى ﻻ نفتح إلا مسامات الأذن والروح.
لست من القوم الذين يفضلون مشاهدة الأغانى والمغنية والمغنى، وﻻ أرى أن الغناء موضة فى الملابس والحركات والشعر المستعار والمجوهرات وحوارات المطرب مع الجماهير، فالغناء حنجرة ولحن وكلمات... وإنصات.
هل هذه مبررات كافية تبرر عدم معرفتى وسماعى لساندى وكثيرين؟
يكفيها 5000000 متابع على تويتر والفيس بوك، هكذا تقول ساندى، فالمغنية التى ترتدى الشورت الساخن وهى تغنى لآﻻف الشباب أعلنت اعتزالها فى تغريدة حزينة توجع القلب، يقولون مريضة، وتقول هى: «اعتزلت المهنة التى أدت إلى مرضى بسبب الضغوط النفسية، ولن أتراجع واطلب من الله المغفرة عن أى ذنب ارتكبته بسبب هذه المهنة»
سوف تلاحظ أنها فى رسالة اعتزالها التى نحترمها للغاية قد كررت لفظة «المهنة» مرتين، وأن ذنوبها ما كانت لتكون إلا بسبب هذه المهنة! وهذا ظلم وافتراء على المهنة وعلى أى مهنة، ليست المهن هى من تؤدى إلى طريق الذنوب سوى مهن الحرام، تستطيع أن تعمل محاسبا فى بنك وتستطيع أن تختلس من البنك الذى تعمل به، لكل مهنة وجهان، أنت، يا أنت، ستختار أى الوجهين؟
ساندى تغنى على الموضة بأن ترتدى الفساتين القصيرة وملابس البحر وتتحرك على المسرح مع اشتعال الجماهير بجمال وجهها وجسدها فى رقصات على اللحن والغنج والغناء، كل المطربين والمطربات يغنون بذات الطريقة، فلا لوم وﻻ تثريب فالجماهير لم تعد تستخدم الأذن وحدها فى السمع، بل وعدة حواس أخرى من بينها النظر.
عندما قررت المطربة الكبيرة شادية الاعتزال اعتزلت فى هدوء، ولم تجرم أو تحرم أبدا الطرب والفن ولم تنسب إلى الفن أسباب مرضها - وكانت ترتدى أيضاً فساتين قصيرة وبلا أكمام - وكانت دلوعة وجميلة وشقية وبهية وصاحبة حنجرة ذهبية وأداء تمثيلى جبار ومذهل.
عندما اعتزل فضل شاكر المطرب اللبنانى - صاحب الحنجرة الرائعة - الغناء انضم إلى جماعة إرهابية تفجر الجماهير وتقتل عساكر الجيش اللبنانى، كفر الفن وكفر الناس فى عيشتها ونفى نفسه داخل مخيم عين الحلوة هربا من حكم قضائى عسكرى بالإعدام.
ساندى المطربة صغيرة السن والتجربة اختارت العزلة والاعتزال لكنها تركت لجماهيرها صورها بالشورت على الفيس بوك كما هى، وتركتنى ملقاة فى حيرة أحاول الخروج من بحر الدهشة والأسئلة: هل كان خبر اعتزالها مناورة لجذب انتباه من لم ينتبهوا إليها مثلى؟ - وقد نجحت فى ذلك- أم أنها ذهبت حقيقة فى سكة انطواء وانزواء وانكسار وخذﻻن وحزن لأسباب تعلمها هى وﻻ نعلمها نحن؟ وإلى أين سيقودها الطريق إياه؟ إلى ديار شادية أم مخيم فضل شاكر؟